من النادر أن نجد فيلما أمريكيا يحمل تصنيفا واحدا يحدد نوعه كأن يقال مثلا إن هذا الفيلم رومانسى فقط، ولكن كثيرا من الأفلام المهمة تمزج بين الأنواع بطريقة احترافية كأن يكون الفيلم رومانسيا بوليسيا كوميديا، أو كأن يكون منتمياً لأفلام المغامرات والأكشن والكوميديا معا ولا شك أن هذا المزج يعطى الفيلم ثراء بشرط أن تتم عملية المزج بذكاء وبإتقان. الفيلم المصرى «فاصل ونعود» الذى كتبه الثنائى الموهوب أحمد فهمى وهشام ماجد نجح إلى حد كبير فى مزج عدة أنواع معا ليخرج لنا فى النهاية عملاً متماسكاً يمكن تصنيفه على أنه فيلم بوليسى اجتماعى كوميدى نصى به بعض مشاهد الأكشن بل إنه كان يحتمل خطا رومانسيا والمزيد من المطاردات الحركية ولا شك أن هذا النجاح الجيد أمر يحسب لصناع الفيلم كتابة وتنفيذا. قدم الفيلم بطله سائق التاكسى الشاب «عربى» «كريم عبدالعزيز» بصورة جيدة، مجرد واحد من الناس توفيت زوجته وأصبح مسئولا عن رعاية طفله الوحيد «حسن» هو تقريبا شخص يمشى جنب الحيط لم يتردد فى أن يعمل سائقا رغم أنه تخرج فى كلية السياحة والفنادق، ما يزعجه هو مضايقات حماه «خيرى» أحمد راتب تاجر الخردة الذى يصر على الحصول على حضانة حفيده الصغير لكى ينشأ فى وسط أكثر ثراء، وانتقاما - فيما يبدو- من «عربى الذى تزوج ابنة «خيرى» دون موافقته. حياة عربى محدودة ولا يوجد له سوى صديق واحد هو لاعب العرائس صلاح «محمد لطفى» ولكن كل شىء ينقلب رأسا على عقب عندما يتم اختطاف ابن «عربى الصغير» وعندما يتم ضرب سائق التاكسى على رأسه فيصاب بما يقترب من فقدان الذاكرة للحظى أى أنه يتذكر تماما كل ما حدث له قبل الحادث، ولكنه يمتلك ذاكرة مقيدة تماما بعد الحادث، يمكن أن يقابل رجلا ثم ينساه بعد ثوان، ويصبح هدف الفيلم أن ينجح «عربى» فى استعادة ابنه، وهو فى هذه الحالة الغريبة التى تجبره على كتابة كل شىء يحدث له على الحوائط والأوراق بل وعلى ذراعيه، وعندما نصل أخيرا إلى مفاجأة الفيلم وتحديد الشخص المسئول عن خطف الطفل نكون قد شاهدنا مزيجا مدهشا من الخطوط الاجتماعية والنفسية والكوميدية والحركية وأظن أنه كان نجاحا جيدا ومقبولا للغاية لأن هناك عناية واضحة جدا بالتفاصيل مع قدرة على الاستفادة منها لخدمة حبكة الفيلم المتقنة. كان واضحا أيضا أن كريم عبد العزيز والمخرج أحمد نادر جلال يريدان أن يقدما شيئا مختلفا وممتعا، كريم الذى أدى دوره بصورة مقنعة رغم أن الشخصية تمر بحالات متنوعة من دفء العلاقة مع الابن إلى الرغبة فى الانتقام ومن مشاهد كوميدية بارعة إلى تتابعات «أكشن» متقنة ربما كان أحمد جلال فى ملعبه تماما وهو يقدم حبكة بوليسية جيدة ومشاهد أكشن لافتة ولكننى لاحظت أن بعض المشاهد الحوارية قدمت بطريقة عادية بل كانت هناك قطاعات خشنة فى بعض الأحيان «مونتاج دعاء فتحى» ورغم تميز صورة «سامح سليم» وموسيقى خالد حماد إلا أن دينا فؤاد وأحمد راتب لم يكونا فى مستوى أداء كريم ومحمد لطفى دينا تفتقد الحضور وراتب وقع أسيرا لمبالغة فى الأداء وقدم الفيلم «محمد فراج» فى دور جيد لرجل بوليسى محترف ولكن الحصاد العام للتجربة جيد ويكشف عن وعى صناعه بعملهم ورغبتهم فى تقديم سينما تسلية ومتقنة الصنع.