تحتفل هذه الأيام دولة الكويت باليوبيل الذهبى للاستقلال وبمرور عشرين عاماً على التحرير، ومرور خمس سنوات على تولى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم فى البلاد. وتعيش البلاد فى أجواء احتفالية رائعة تستعيد فيها ذكرياتها المجيدة وتاريخها العتيد، وتطل على العالم أجمع بنهضة حضارية وثقافية واقتصادية وسياسية، يشهد عليها العالم أجمع، فى ظل حكم الأمير، وتظهر تلك الاحتفالات الواسعة السعادة والبهجة الغامرة التى تملأ قلوب وعقول كل الكويتيين. ففى تلك الأيام السعيدة تتذكر الكويت بكل فخر أمجادها ونضالها من أجل الاستقلال والتحرر والنهضة، وإقامة دولة ديمقراطية حرة، كانت وستظل محط إعجاب وانبهار الجميع. التقيت والدكتور رشيد حمد الحمد سفير دولة الكويت بالقاهرة الذى قال: لعلنا فى تلك الأجواء الاحتفالية، نتذكر أن أول احتفال أقامته دولتنا بعيدها الوطنى كان قبل 49 عاماً، وقد ألقى أمير البلاد الراحل سمو الشيخ عبد الله السالم الصباح - الحاكم ال 11 للكويت فى هذا الاحتفال الذى أقيم فى ال 19 من شهر يولية عام 1962 - كلمة بالمناسبة قال فيها «إن دولة الكويت تستقبل الذكرى الأولى لعيدها الوطنى بقلوب تملؤها البهجة والحبور بما حقق الله لشعبها من عزة وكرامة ونفوس كلها عزيمة ومضى فى السير قدماً فى بناء هذا الوطن والعمل بروح وثابة بما يحقق لأبنائه الرفعة والرفاهية والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين، مؤكداً على أن دولة الكويت بهذه العزيمة وهذا المضى تتابع سيرها دولة عربية مستقلة متعاونة متضامنة مع شقيقاتها العربيات فى جامعة الدول العربية محافظة على استقلالها تحميه بالنفس والنفيس مؤمنة بحق الشعوب فى الحرية والاستقلال محبة للسلام ساعية إلى تدعيمه منتهجة سياسة عدم الانحياز وساعية إلى توطيد روابط الصداقة ومتمسكة بميثاق الأممالمتحدة وشرعية حقوق الانسان. فالمعروف أن بلادنا الغالية قد نالت استقلالها فى عهد سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح، وتحديداً فى ال 19 من شهر يونية عام 1961 حيث تم إلغاء اتفاقية الحماية البريطانية التى يعود تاريخها إلى ال 23 من يناير عام 1899. واعتباراً من العام 1963 اختار الشعب الكويتى أن يكون تاريخ 25 من فبراير هو عيد استقلالهم الوطنى لأنه ذكرى جلوس سمو الشيخ عبد الله السالم وأصبحوا يحتلفون بيوم ال 25 من فبراير من كل عام بالعيد الوطنى إضافة إلى يوم ال 26 من فبراير يوم تحرير البلاد من الغزو الغاشم عام 1991. وفى أعقاب الاستقلال، سارعت دولة الكويت قيادة وحكومة وشعباً فى مد جسور التعاون والمحبة والعلاقات الطيبة مع كافة شعوب العالم عامة، مساهمة بكافة إمكانياتها البشرية والمادية والاقتصادية والسياسية فى حمل هموم وقضايا الأمة العربية، ومشاركة بقوة فى عملية التنمية سواء الاقتصادية أو الثقافية فى كافة أنحاء العالم العربى. وفى هذا السياق يؤكد د.رشيد حمد الحمد فى حديثه معى على الدور التنموى الكبير الذى لعبه ويلعبه الصندوق الكويتى للتنمية فى تقديم كافة أشكال المنح والقروض والمساعدات للعديد من الدول العربية وفى الحفاظ على هوية الأمة العربية. مضيفاً أنه قد سبق الدور الاقتصادى والثقافى لدولة الكويت، دور لايقل أهمية تمثل فى دورها السياسى العظيم فى المنطقة القائم على مبادئ الحق والعدل واحترام حقوق الإنسان وحرية الشعوب، وقد أسس سمو أمير دولة الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، السياسة الخارجية لبلادنا على أساس تلك المبادئ، وحرص دائماً على أن تقف الكويت بجوار أشقائها العرب فى كافة قضاياهم وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وأنه منذ إعلان الاستقلال فى العام 1961 ظلت الدبلوماسية الكويتية أمينة على رسالتها باذلة جهدها المتفانى من أجل القضايا العربية والقومية والقضايا الإسلامية وقضايا التحرر والاستقلال لشعوب العالم ومن أجل سلام البشرية وأمنها وخيرها من خلال كافة الوسائل الدبلوماسية والسياسية المناسبة. وكان سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد قد أكد فى كلمته التى ألقاها فى ال 29 من يناير عام 2008 بمناسبة ذكرى تولى سموه مقاليد الحكم فى البلاد والذكرى ال 47 للعيد الوطنى «أنه ليس بمستغرب على شعبنا العزيز تمسكه بالثوابت التى توارثها الآباء والأبناء ممن سبقونا على الدرب فى محبة الكويت وبنائها والإخلاص لها فقد كانوا يداً واحدة وقلباً واحداً متعاضدين فى السراء والضراء لصالح الوطن ورفعته». وأضاف سموه «إن الكويت هى الوطن والوجود وليس لنا من سبيل للنهوض بها إلا العمل بروح الفريق الواحد والأسرة المترابطة والمتحابة التى تحرص كل الحرص على التضحية والتفانى فى خدمة الوطن ورقيه نابذة وراءها كل خلاف يهدد دعائم وحدتنا الوطنية ويصرفنا عن مسيرة نهضتنا المباركة» ففى عهد سموه تمت إنجازات بارزة فى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. فقد دفع مسيرة المرأة السياسية ومشاركتها إلى جانب إخوانها فى بناء وتنمية الوطن. كما عمل على انفتاح الكويت اقتصادياً وسياسياً على دول العالم. أما ذكرى التحرير، فإن الكويت تحتفل بمرور عشرين عاماً على هذه المناسبة العظيمة وهى عودة الحق إلى أصحابه بفضل الله وجهود أبناء الكويت وجهود المخلصين من أبناء الأمة العربية وشرفاء العالم. وبالرغم من أنها كانت محنة دامية للشعب الكويتى إلا أنها أبرزت وأكدت التلاحم والتماسك ما بين أبناء الكويت والتحدى والصمود لمقاومة العدوان وكذلك الحرص على المحافظة على البلاد وسرعة إعادة بنائها وتمسكهم بالشرعية وذودهم عنها. وعن العلاقات المصرية الكويتية أكد د. رشيد الحمد سفير دولة الكويت بالقاهرة أنه فى هذه الأجواء الاحتفالية، نؤكد دائماً، على أن العلاقات المصرية الكويتية تظل دائماً على مر العصور والعهود قوية ومتينة، تواجه كافة العواصف والأنواء، والأمر مرده إلى مدى العمق والترابط بين البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات، فتظل دولة الكويت دائماً تتذكر الدور المصرى العظيم فى حرب التحرير من العدوان الغاشم فى عام 1991 ومن قبله الحرص المصرى الدائم على حرية واستقلال الكويت، والمشاركة العظيمة للنخبة المصرية فى صناعة النهضة الثقافية التى شهدتها الكويت، كما أنها تحتوى بكل حب وإعزاز ما يقارب من نصف المليون من العمالة والكفاءات المصرية على أرضها ليشاركوا فى صناعة النهضة الثقافية التى شهدتها الكويت بلدهم الثانى. كذلك فإن المصريين والكويتيين لا ينسون أبداً يوم أن اختلط الدم الكويتى بالدم المصرى فى انتصارات أكتوبر العظيمة عام 1973 على أرض الفيروز، أرض سيناء، كما أن مصر دائماً تظل فى نظر الشعب الكويتى وقيادته، كبرى بلاد العرب ورائدة العمل العربى المشترك والحريصة دائماً والمدافعة عن الأمن القومى العربى ضد الأطماع الخارجية. وقال د. رشيد الحمد إنه بينما تشهد بلادنا احتفالاتها الواسعة بأعيادها الوطنية المجيدة، فإنها تراقب عن كثب واهتمام المرحلة التاريخية الدقيقة التى تعيشها الشقيقة الكبرى مصر، وتثق تماماًَ فى قدرة مصر بحضارتها نحو مستقبل زاهر وواعد تقود فيه مصر أمتها العربية على طريق النهضة والتقدم والرفعة. وعن التغيير السياسى الذى تشهده مصر حالياً أكد سفير دولة الكويت بالقاهرة د. رشيد حمد الحمد على أن الحكومة الكويتية قد أكدت على احترامها لإرادة الشعب المصرى وخياراته فى التغيير وشددت حكومتنا على حرص الكويت على علاقتها الأخوية المتميزة مع مصر، متمنية أن تتضافر جهود الأشقاء فى مصر وتسود الحكمة لتكريس الأمن والاستقرار فيها وتحقيق كل ما من شأنه رفعة مصر وعزها وتقدمها. كما حرص مجلس الأمة الكويتى على التأكيد على العلاقات التاريخية المتينة التى تجمع بين البلدين، مشدداً على ثقته التامة فى قدرة مصر على النهوض والتقدم إلى قيادة العالم العربى والإسلامى. إن الأمر لايقف فى بلادنا فى دعم الشقيقة مصر عند هذا الحد، بل إن الخبراء الاقتصاديين الكويتيين على استمرار استثماراتهم الواسعة فى الأراضى المصرية مؤكدين على ثقتهم فى أمن وأمان مصر، كذلك فقد ظهرت دعوات طوعية وتلقائية من الشعب الكويتى المحب والعاشق لمصر وترابها وشعبها فى القيام بحملات واسعة من أجل دعم الاقتصاد المصرى. ونظراً للظروف الراهنة التى تمر بها جمهورية مصر العربية الشقيقة، فقد تقرر إلغاء الفعاليات المقررة لاحتفالات سفارة دولة الكويت هذا العام على أن تقيم عوضاً عن ذلك فعاليات خيرية وإنسانية للشعب المصرى الشقيق وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية. واختتم د. رشيد الحمد حديثه معى بدعاء من القلب: «حفظ الله الكويت ومصر من كل مكروه وأدام عليهما وبقية أجزاء الوطن العربى العزيز نعمتى الأمن والأمان».
