من أراد أن يعرف معانى الوحدة الوطنية، ومبادئ المواطنة، وتعانق الهلال مع الصليب عليه قراءة الموروث الشعبى فى الأدب القبطى ليرى بعينيه وحدة المصريين فى الشوارع والميادين والقرى والنجوع واحتفالات أبناء الشعب بموالد القديسين وأولياء الله الصالحين، وتدافعهم على زيارة الكنائس مثل تدافعهم على زيارة المساجد، إنها الروح المصرية التى وحّدت أبناء الوطن فى نسيج واحد. ولأهمية الأدب القبطى فى تشكيل ثقافة الجيل الحالى والأجيال التالية تقول ميرفت واصف مدير الإعلام بالهيئة العامة لقصور الثقافة: إن الهيئة قامت بطبع كتب متخصصة فى رصد الموروث الشعبى المصرى لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المصريين أمة واحدة سواء كان ذلك فى أفراحهم أو أتراحهم. وعن أهم إصدارات الهيئة التى تخصصت فى الموروث الشعبى تقول واصف: صدر مؤخراً كتاب الثقافة الشعبية القبطية لأيوب معوض، والفولكلور القبطى لروبير فارس، ومقدمة فى الفلكلور القبطى لعصام ستاتى حيث احتوت هذه الكتب على مواقف ونماذج حية تجسد ملامح ومبادئ الوحدة الوطنية بين أبناء هذا الشعب العظيم. وفى نفس السياق تؤكد واصف أن الاحتفالات والموالد القبطية فى الموروث الشعبى المصرى تتطابق تماماً مع احتفالات المسلمين بأولياء الله الصالحين، خاصة الموالد الكبيرة كالسيدة زينب والحسين والسيد البدوى.. وكذلك احتفال الأقباط بمولد السيدة العذراء والشهيد مارجرجس. وفى مولد أبوجورج بأسيوط مثلاً يقوم المصريون بتقديم النذور لهذا الرجل، على أساس أنه رجل مبروك، وصاحب كرامات وبطولات فى كشف المسروقات، وتوفيق رؤوس الشباب فى الحلال حيث يقوم الأهالى بتقديم اللحوم والأرز باللبن، والفول المسلوق (النابت) والحناء والشموع لزوار صاحب المولد، وهى نفس العادات والتقاليد والسلوكيات التى يقدمها المصريون أيضاً فى مود الشيخ صالح الجعفرى وسيدى عبدالرحيم القناوى.. فيما أشار د. أحمد مجاهد إلى نقطة مهمة جداً وهى أن حياة القديسين وأولياء الله الصالحين تكاد تكون متشابهة والدليل سيدى البرسومى أو برسوم العريان عاش - كما جاء فى الموروث الشعبى - مع ثعبان كبير أكثر من 25 عاماً بعد أن نجح فى نزع السم منه، وهو نفس ما يتردد على سيدى إبراهيم الرفاعى الذى يتميز بكرامات وبركات مع الوحوش والحيات. ويتابع د. مجاهد أن نشاط الهيئة لا يقتصر على طبع الأدب القبطى، أو الموروث الشعبى فحسب، ولكنه يمتد إلى إلقاء المحاضرات، وإنتاج الأفلام التى تحترم وتؤكد التعايش السلمى بين أبناء المجتمع الواحد، والتى كان آخرها محاضرة «المسلم والمسيحى رفيفا النضال فى مواجهة الاستعمار بمركز إعلام بورسعيد» و«مصر نسيج واحد فى مواجهة المؤامرات والتحديات فى قصر ثقافة الفيوم.