كشفت رحلة «أسطول الحرية» خلال عام 2010 وما تعرضت له من اعتداء اسرائيلى عن نقاط جديدة فى سياسة منطقة الشرق الأوسط، وذلك بالنظر لما أعقبها من أحداث انعكست على العلاقات الإسرائيلية التركية من جهة، ودور تركيا المتزايد فى المنطقة من جهة أخرى، كما كشفت عن نوايا وتوجهات بعض القوى السياسية فى الولاياتالمتحدة حيث طالب 87 عضوًا فى مجلس الشيوخ الأمريكى باعتبار مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية منظمة إرهابية، باعتبارها المؤسسة التركية التى نظمت رحلة الأسطول، كما شكرت هذه المجموعة البرلمانية موقف الإدارة الأمريكية الداعم لإسرائيل فى مجلس الأمن، معتبرةً أن من حق إسرائيل منع المواد التى تستخدم فى الهجوم عليها من الوصول إلى قطاع غزة. وأسطول الحرية هو مجموعة من ثمانى سفن، تضم ثلاث سفن تتبع مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية واحدة من هذه السفن الثلاث هى سفينة كويتية وواحدة تركية وواحدة جزائرية، وثلاث سفن من منظمة غزة الحرة، حملت على متنها مواد إغاثة ومساعدات إنسانية، بالإضافة إلى نحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا، بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية فى أكبر تحالف دولى يتشكل ضد الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007. وجهزت القافلة وتم تسييرها من قبل جمعيات وأشخاص معارضين للحصار الإسرائيلي. انطلق أسطول السفن من موانئ لدول مختلفة فى جنوب أوروبا وتركيا، وكانت نقطة التقائها قبالة مدينة ليماسول فى جنوب قبرص، قبل أن تتوجه إلى قطاع غزة مباشرة فى 29 مايو 2010، محملا بعشرة آلاف طن من التجهيزات والمساعدات، والمئات من الناشطين الساعين لكسر الحصار، الذى قد بلغ عامه الثالث على التوالي، إلا أن سفينتين من الأسطول تعطلتا لأسباب فنية، وتوجه إلى كسر الحصار ست سفن فقط. وفى الوقت الذى تواصلت فيه الاستعدادات فى قطاع غزة لاستقبال القافلة،حذرت إسرائيل من أنها ستستخدم القوة لاعتراض القافلة، وبالفعل قامت قوات إسرائيلية خاصة فى فجر يوم 31 مايو 2010 بالهجوم على سفن أسطول الحرية فى المياه الدولية ، فقتلت أكثر من 19 شخصا وأصيب أكثر من 26 من المتضامنين، فى أحداث وصفتها مصادر عديدة «بالمجزرة» و «الجريمة» و «إرهاب الدولة». ووسط تنديد دولى بالجريمة الإسرائيلية واجهت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما معادلة صعبة فى وقت سعت فيه للتغطية على جريمة إسرائيل الجديدة وفى الوقت ذاته عدم ترك العرب وتركيا غاضبين بشأن مجزرة أسطول الحرية.ورفضت إسرائيل إجراء تحقيق دولى فى مجزرة أسطول الحرية ، بينما أعلنت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة» عن تجهيز قافلة بحرية جديدة تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة أطلقت عليها اسم «أسطول الحرية 2». وقبيل نهاية العام بأيام قليلة، فتحت سفينة «مافى مرمرة» التى كانت ضمن أسطول الحرية وتعرضت للهجوم إسرائيلى وهى فى طريقها إلى غزة فتحت أبوابها أمام الزوار لمدة أسبوع وذلك فى ميناء سراى بورنو باسطنبول حيث أخذ الزوار من أتراك وسواح وأجانب مقيمين فى تركيا فى التوافد على السفينة لمشاهدة بعض آثار الهجوم الوحشى الإسرائيلى على «الحرية» ممثلة فى أسطولها الذى لم يكمل رحلته.