رغم أن «فلسطين» تم إعلانها كدولة على حدود 67 منذ عام 1988 واعترف بها فى ذلك الحين نحو 105 دول،وتعد عضوا بصفة مراقب فى الأممالمتحدة، فإن الجدل احتدم عقب المبادرة التى اتخذتها البرازيل قبل أيام بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو عام 1967، وذلك فى رسالة وجهها الرئيس البرازيلى لنظيره الفلسطينى، ثم لحقت بها الأرجنتين، فيما أعلنت الأوروجواى أنها ستعترف بدولة فلسطينية فى مطلع عام 2011. وعلى الفور، ثارت ثائرة تل أبيب ووجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية - بحسب صحيفة «هاآرتس» - إنذارا إلى الأرجنتين بعدما أعلنت عن اعترافها بدولة فلسطينية حرة ومستقلة، وذلك بعد 3 أيام فقط من قيام البرازيل بإعلان اعترافها، كما حذرت إسرائيل ومعها الإدارة الأمريكية الدول اللاتينية من اتخاذ قرارات مشابهة، وكان على رأس هذه الدول، أوروجواى، التى كشفت أنها تنوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال أسابيع. وحول أهمية اعتراف البرازيل والأرجنتين بالدولة الفلسطينية يؤكد الدكتور محمد شوقى العنانى مدير منتدى القانون الدولى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن قيمة هذا الاعتراف لا تتعدى كونها قيمة أدبية مشيرا إلى أن الرئيس الفلسطينى السابق ياسر عرفات سبق أن أعلن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة فى عام 1988 واعترفت عدة دول آنذلك بالدولة الفلسطينية المستقلة بينما اعترفت دول أخرى ومنها الاتحاد السوفييتى السابق بإعلان قيام الدولة الفلسطينية. وضرب الدكتور العنانى مثلا بدولة كوسوفو التى أعلنت استقلالها من جانب واحد وذهبت الى الجمعية العامة للأمم المتحدة التى طلبت بدورها فتوى من المحكمة الدولية فجاءت الفتوى بأن هذا الاعلان شرعى ولا يخالف القانون الدولي،ولكن رغم حصول كوسوفو على اعتراف أقل من 30 دولة فقط باستقلالها فإنها أصبحت دولة فعلية على أرض الواقع ولديها مؤسسات وكانت لديها انتخابات برلمانية قبل أيام، على عكس الدولة الفلسطينية التى مازالت للأسف دولة «ورقية» ورغم حصولها على اعتراف عدد هائل من الدول فإنها لم تصل بعد لمرحلة الدولة بمعناها الحقيقى. ويؤكد العنانى أن توحيد الصف الفلسطينى وترسيخ مؤسسات الدولة على أرض الواقع سيمكن الفلسطينيين من إنشاء دولتهم المستقلة وإعلانها فعلا وليس قولا،مشيرا إلى أن انتظار الحصول على اعترافات من الدول لن تقدم أو تؤخر كثيرا على أرض الواقع فى ظل الظروف الحالية التى يمر بها الفلسطينيون، ومع ذلك أشاد بموقف البرازيل والأرجنتين وأكد أن اعترافهما بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 يمكن استغلاله كورقة ضغط فى المفاوضات وداخل الأممالمتحدة لأنهما دولتان لهما وزنهما فى المجتمع الدولى. وينتظر المسئولون الفلسطينيون أن تتوالى الاعترافات ب»الدولة الفلسطينية المستقلة» على حدود 1967، وهو الحل البديل الذى تطرحه السلطة الفلسطينية بعد تعثر المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. وتوقع وزير الشئون الخارجية الفلسطينى رياض المالكى ان تتوالى اعترافات دول أمريكا الجنوبية بالدولة الفلسطينية خلال الأيام المقبلة. وتتعلل إسرائيل دائما بانقسام الفلسطينيين وعدم اتفاقهم على موقف واحد للتنصل من أى التزامات على أرض الواقع، وهو ما ظهر جليا فى تصريحات الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية يعال بالمور عقب اعلان البرازيل والأرجنتين اعترافهما بالدولة الفلسطينية حين قال ان «هناك كيان فلسطينى فى الضفة الغربية تحكمه السلطة الفلسطينية وكيان فلسطينى آخر فى غزة تحكمه حماس، وكل منهما لا يعترف حتى بالآخر» ،وتساءل: «أى دولة فلسطينية تلك التى يعترف بها البرازيليون والأرجنتينيون؟ هذا غير واضح حتى بالنسبة الى الفلسطينيين أنفسهم». هناك وجهة نظر أخرى لتفسير الاعتراف البرازيلى والأرجنتينى بالدولة الفلسطينية المستقلة يقدمها فولفجانج هاين، الخبير فى شئون أمريكا اللاتينية فى المعهد الألمانى للدراسات الدولية والإقليمية، والذى أعرب فى حديث مع إذاعة صوت ألمانيا «دويتشه فيله» عن اعتقاده بأن «الدافع هو المصالح الاقتصادية وإبراز دور البرازيل على الساحة الدولية كدولة ناهضة أكثر من كونه خطوة ضد إسرائيل» وأشار أيضا إلى إن اعتراف دول أمريكا اللاتينية بدولة فلسطينية مستقلة لن يكون له «آثار كبيرة». ويقدم الدكتور عبد الخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، رأيا ثالثا وأكثر تفاؤلا حيث يرى أن مثل هذه الخطوة غير المتوقعة «مهمة جداً» لأنها فى رأيه تأتى من خارج الإطار العربي، ومن منطقة بعيدة. من جانبها رحبت الدول العربية على لسان الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، بالاعتراف البرازيلى والأرجنتيني، بينما أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فالبرو أن «مبدأ الاعتراف بالدولة الفلسطينية قائم عبر إعلان برلين الأوروبى الصادر عام 1999، وانه من هذا المنظور ينبغى اليوم العمل على استئناف سريع لمفاوضات تشمل كل عناصر الوضع النهائى وتحدد معالم الدولة وتسمح بإنشائها».