الصين التى فاق عدد سكانها نحو مليار و23 مليون نسمة بلغت نسبة النمو فى أعداد السائحين إليها عام 2009 نحو 20%، تظل محل جذب متنامٍ وفريد حول العالم، كما أنها سوق كبير لتصدير الزائرين إلى الدول المختلفة.. كل هذه الحقائق كانت لا تفارقنى وأنا فى طريقى إليها لأول مرة فى رحلة من القاهرة إلى بكين ومدينة جونجو عبر بانكوك التايلندية. استغرقت الرحلة أكثر من 14 ساعة. وبعد هبوط الطائرة بالمطار شد انتباهى اتساع المطار الكبير وازدحام ممراته بالطائرات من جميع أنحاء العالم لأنها بلاد الأساطير وأحد أكبر الدول الصناعية الكبرى، وتشهد تنمية شاملة وأصبحت رمزًا للنهضة الحديثة. بعد ختم الجوازات تصل إلى صالات استلام الحقائب من خلال قطار صغير سريع نظرًا لأن مساحة المطار كبيرة ومترامية الأطراف. وبعد الخروج من المطار وفى الطريق إلى الفندق تشد انتباهك تلك الأضواء المبهرة على جانبى الطريق ولوحات الإعلانات لأشهر الماركات العالمية، وعلى امتداد الطريق أيضًا تشاهد السيارات الحديثة لأحدث الماركات المشهورة من كافة الطرازات وتصنّع فى الصين بخبرة صينية وأيد?محلية. كما يلفت النظر أيضًا هذا الحشد الكبير من فروع البنوك الصينية والمراكز التجارية والمولات، ومكاتب البورصة أسفل الأبراج وناطحات السحاب. وتتميز بكين بين مدن العالم القديمة بقصورها الفخمة وأبنيتها الضخمة التى تثير دهشة زائريها. الأهم من هذا وذلك ما يسمى بالصينية «سى خه يوان» أى الدار الرباعية بطرازها المعمارى الفريد والحديث عن النمط المعمارى لبكين الذى يعود بنا إلى ولادتها وارتباط ظهورها كعاصمة بأسرة «يوان» فى الصين ومؤسسها «قبلاى خان» تلك الأسرة التى استعانت بكثير من المتخصصين والعلماء المسلمين والعرب، وترجع بداية ظهور بكين لموقع مدينة «جيذ مشنغ» بكين الحالية، أقصى شمال السهول الشاسعة بشمال الصين، تحيطها الجبال. وقد ورد فى السجلات التاريخية أن تلك المدينة ظهرت قبل 3000 سنة. وبعد هذا الاستعراض عن تاريخ لمدينة بكين نلاحظ أن الشوارع والكبارى والمعابر فى بكين 2010 مقسمة إلى ثلاثة طرق: طريق للمشاة وطريق للعربات وطريق للدراجات. والعربات هنا زادت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير بعد الإصلاحات الاقتصادية والانفتاح على الغرب والتحول تدريجيًا من النظام الاشتراكى إلى الاقتصاد الحر، ولكن ما زالت الغالبية العظمى من سكان بكين يستخدمون الدراجات بشكل مكثف، وعندما تتوقف الإشارة تتراكم الدراجات ويزداد عددها. وعندما تفتح الإشارة تشعر أنك فى مسابقة دولية للدراجات، فتنطلق عشرات وربما مئات الدراجات تنساب فى هدوء بلا ضوضاء، وعندما تسير فى الشوارع الجانبية تجد مهنة قد انقرضت فى مصر، ستجد عشر المحلات «العجلاتى» الذى يقوم بتصليح وصيانة دراجات أهالى بكين والدراجات هنا يركبها الجميع فتيان وفتيات المدارس، الموظفون، الصغار والكبار، النساء ومن جميع الأعمار وموظفات وأساتذة جامعات، والدراجة هنا رياضة إجبارية لأنها تحارب أمراض القلب وتصلب الشرايين، ولذلك ازدادت أعداد المسنين فى الصين مع انخفاض نسبة الوفيات، فأعداد كبار السن تصل إلى أكثر من 130 مليون نسمة، ممن هم فوق ال 60 عامًا. كما توجد فى الصين 30 صحيفة توزع 3 ملايين نسخة. ويأخذنا الحديث عن الدراجات والمسنين إلى ظاهرة تلفت الانتباه فى شوارع بكين وهى الانضباط الذى أصبح واضحًا فى كل مكان، فالكل يتسابق للتوجه إلى عمله بكل جدية ولا تصادف متسكعين أو مشاجرات.. فرجل الشرطة له هيبة والقانون يطبق بكل حزم وشدة والإعدام هو عقوبة الفساد لأن تجربة الانفتاح الاقتصادى أفرزت مفسدين ومرتشين شأن أية دولة فى العالم لكنهم هنا يحاصرون الفساد. وفيما يتعلق بدخل المواطن الصينى نجد أن متوسط الدخل بالنسبة لخريجى الجامعات الذين يعملون فى وظائف متميزة حوالى 12 ألف دولار فى السنة بواقع ألف دولار شهريًا. أما المتوسط العام حوالى 500 دولار كل شهر والأسعار مرتفعة وليست رخيصة كما يتخيلها البعض. فسعر فنجان الشاى أو القهوة على أى مقهى حوالى 10 جنيهات بالمصرى، ومشوار التاكسى لمدة ربع ساعة 15 جنيهًا، ومعظم المواطنين والسكان يستقلون التوتوك لأن أسعاره أيضًا رخيصة. وتتمتع الصين بطبيعة ساحرة سياحية بجبالها الشاهقة وأنهارها الصافية وتضاريسها المتنوعة ويحاول مسئولو السياحة فى الصين جذب السائحين بمهارة شديدة من كل أنحاء العالم. وكل عام يرفعون شعارًا جديدًا. ويقول سامى محمود رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة: إن مصر شهدت خلال الفترة من يناير- أكتوبر 2010 زيادة بلغت 40% من أعداد السائحين الوافدين وتوقع أن تصل أعداد السائحين الصينيين بنهاية العام الحالى إلى 100 ألف سائح. ومن المعروف أن صناعة السياحة واجهت صعوبات بالغة منذ أن ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية بظلالها فى الربع الأخير من عام 2008 حيث انخفضت الحركة السياحية العالمية بشكل ملحوظ.