يزعم الحالمون وهم فى دفء أسرتهم الوثيرة أن الوصول إلى القمة سهل وربما الأصعب منه هو الاحتفاظ بها طويلاً! وقد فندت إنجيلا ميركل كل هذا اللغو بانضباطها وجديتها وقدرتها الواقعية حتى تحقق الحلم. وتنجح ميركل فى قيادة أقوى اقتصاد أوروبى وسط أمواج تكاد تعصف به بسبب أزمة اقتصادية عالمية وتهديدات بالإفلاس لعدد من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبى ومظاهرات داخلية للمهاجرين تطالب بتعديل الأجور وإجراء عدد من الإصلاحات الاجتماعية. فإنجيلا كاشير (إنجيلا ميركل) ولدت فى هامبورج وهى ابنة قسيس انتقل للعمل فى إحدى الكنائس بألمانياالشرقية، وكانت تعانى من مرض الرهاب من السقوط ولذا كانت تخشى الحركة، وقد استمرت والدتها فى تشجيعها على تحدى مخاوفها لتنطلق وتتفوق فى دراستها وتدرس الفيزياء وتحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة كارل ماركس الألمانية وتزوجت لأول مرة وهى مازالت طالبة فى الجامعة من زميل لها يدعى (أولريش ميركل) وكان عمرها لا يتجاوز 23 عاماً وظلت تحتفظ بلقب زوجها الأول حتى بعد انفصالهما. أما مسيرتها السياسية فقد بدأت بعد سقوط حائط برلين عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفيتى وانضمت إنجيلا لحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى قبل توحيد ألمانيا بشهرين. تاريخ ألمانيا/U/ فألمانيا قد خرجت من الحرب العالمية الثانية عام 1945 وهى منهكة ومحطمة عقب هزيمتها أمام جيوش الحلفاء ولذا ظهرت الحاجة لوجود تنظيم تلتف حوله الجماهير ويدعو لنبذ الخلافات وأطلق عليه اسم الحزب الديمقراطى المسيحى الذى مارس نشاطه فى أنحاء ألمانيا منذ عام 1950 وأصبح لهذا الحزب مكانه فى نفس كل ألمانى. فقد تحقق على يد زعيم الحزب المستشار هيلموت كول حلم الوحدة الألمانية بعد أن نجح كول فى إقناع زعماء الدول الكبرى بالموافقة على توحيد شطرى ألمانيا التى قسمت إلى قسمين الأول ينتمى للمعسكر الشرقى بزعامة الاتحاد السوفيتى والثانى ينتمى للمعسكرالغربى بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية وقاد كول مسيرة الإصلاحات ليواجه أزمة أطاحت به من زعامة الحزب بعد أن اتهم بتلقى تبرعات مالية فى حملة قادها الحزب الديمقراطى الاشتراكى المعارض برئاسة المستشار جيرهارد شرودر وقد نجحت ميركل فى مواجهة هذه الادعاءات باعتبارها نائبة لرئيس الحزب وطالبت منافسى الحزب بتقديم الأدلة الدالة على صحة هذه الاتهامات لتسجل أهم خطوة فى مسيرة حياتها. وتقول ميركل: إن المستشار كول هو معلمها وقد اختارها كوزيرة لشئون المرأة فى حكومته الأولى واختارها كوزيرة للبيئة والأمن النووى فى حكومته التالية وكان يناديها دائما باسم ابنتى وقد رشحها لزعامة الحزب بعد انهيار شعبيته واضطر للتنازل لصالحها لتتولى منصب زعامة الحزب الديمقراطى المسيحى عام 2000 لتستطيع المنافسة على منصب الاستشارية وتصبح بذلك أول سيدة تتولى زعامة الحزب وأول سيدة تنافس على منصب الاستشارية وتحتدم المنافسة بين السياسى المخضرم المستشار شرودر وميركل لتفوز ميركل فى الانتخابات الاستشارية التى عقدت عام 2005 ولكنها لم تحقق الأغلبية التى تؤهلها لتشكيل الحكومة وحدها فتم الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية تتولى فيها ميركل منصب الاستشارية ويتقاسم الحزبان المناصب الوزارية بينهما. وعن طبيعة المجتمع الألمانى فهو يتمتع بخصائص ينفرد بها فهو يحترم القانون وينادى بالمساواة بين كل الألمان وحرية المواطنين سواء كانوا مقيمين أو زائرين. وتتكون جمهورية ألمانيا الاتحادية الموحدة من اتحاد لعدة ولايات يبلغ عددها 16 ولاية تعد كل منها بمثابة دولة مستقلة لها دستورها الخاص الذى يجب أن يتفق مع الدستور العام للدولة ويعتبر منصب المستشار الاتحادى أعلى منصب فى الدولة وهو يرأس حكومة اتحادية مشكلة من الوزراء الاتحاديين الذين يتولى اختيارهم ويقع عليه مسئولية تحديد عددهم واختصاصاتهم ويتولى أيضاً توجيه الحكومة وتحديد صلاحيتها كما يتولى البرلمان مهمة رقابة أداء المستشار وسحب الثقة منه عند الضرورة وقد نجح هذا النظام فى حماية البلاد من السقوط فى أخطاء الماضى التى أدت إلى وصول النازيين إلى سدة الحكم عام 1933 بسبب استغلالهم لنقاط الضعف فى دستور أول حكومة ديمقراطية فى التاريخ الألمانى برئاسة فايمر وينص هذا التعديل على منع قوة المعارضة من إسقاط الحكومة و جعلها فى يد البرلمان الاتحادى الذى يتولى مهمة حجب الثقة بالتصويت بين أعضائه ويتم أيضاً تحديد المستشار البديل أما منصب رئيس الجمهورية فهو منصب شرفى. وتعتبر ألمانيا من الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبى ويبلغ عدد سكانها 82 مليون نسمة وهى بذلك تعد من أكبر الدول الأوروبية وهى ثالث دولة من حيث عدد المهاجرين وعملتها الرسمية هى اليورو. أقوى امرأة /U/ وتكمل ميركل حديثها عن حياتها الخاصة بأنها استقالت من عملها كفزيائية وتزوجت مرة ثانية من يواخيم زاور أستاذ الكيمياء الذى يعتبره زملاؤه من أفضل 30 رجلا فى العالم فى مجال الكيمياء وحصل على الدكتوراه وهو فى سن 25 عاماً وتضيف ميركل أنها عملت نادلة فى إحدى الحانات حتى تتمكن من استكمال دراستها وهى الابنة الكبرى لثلاثة إخوة وقد انتقل والدها وهى مازالت طفلة ليعمل كاهناً فى إحدى الكنائس فى ألمانياالشرقية فى مدينة تمبلن فى ولاية براندنبورج وبعد سقوط حائط برلين وانهيار الاتحاد السوفيتى استقالت من عملها وتفرغت للعمل السياسى وقد اشتهرت ميركل بقدرتها على المراوغة فى مواجهة معارضيها، وقد دافعت عن سمعة معلمها وأبيها الروحى هيلموت كول وأنقذت حزبها من الاتهامات بتلقى تبرعات مالية ورغم نجاح ميركل فى الدفاع عنه إلا أن هيلموت قد استقال بعد فقدانه للمصداقيه أمام الناخبين. ليبدأ نجم ميركل بالصعود وتفوز بزعامة الحزب هذا الفوز الذى أهلها للمنافسة على منصب الاستشارية الذى فازت به. وعن أهم الألقاب التى حصلت عليها أنها فازت بالترشح كأقوى امرأة فى العالم على مدى خمس سنوات متتالية منذ عام 2006 وحتى الآن، كما فازت بفترة رئاسية جديدة للحزب الديمقراطى المسيحى وبأغلبية ساحقة وبدون ترشيح أى منافس آخر وتعد هذه الانتخابات مؤشرا جيدا يسمح لها بخوض الانتخابات الاستشارية التى ستعقد فى عام 2013. وعن سياستها الخارجية فهى تحارب للحفاظ على الحلم الأوروبى وحرصت على تحقيق تقارب فى المصالح - أمريكى ألمانى - تمثل فى تأييدها للغزو الأمريكى على العراق وهذا عرضها للهجوم من معارضيها لتواجه اتهاما بالخروج عن العرف الألمانى الذى تتبعه ألمانيا فى علاقاتها الخارجية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.