رواية «قريباً من البهجة» للمصري أحمد سمير والتي حازت أخيراً جائزة ساويرس؛ في دورتها الأخيرة، هي رواية لافتة بسردها الذي يجمع بين البساطة الآسرة واللغة الحادة المدببة، والتناص مع القرآن. لم أقرأ من قبل رواية حفلت بكل هذا التناص مع النص المقدس كما فعلت «قريباً من البهجة»، قصداً في محاولة من الراوي «وائل منصور» أن يكون قريباً وأحياناً مستفزاً من شخصيات الرواية ال34، الذين يدور عالمهم حول فكرة الجنة الموعودة أو الفردوس المفقود أو البهجة المنتظرة. الراوي صحافي شاب شارك في ثورة 25 يناير وآمن بشعاراتها، وليس الوحيد الذي تورط في نتائجها، فسواء شاركت في الثورة وكنت منحازا لها أو عارضتها وكنت متعصبا ضدها، أو غير مبال بها، فإن ذلك لن يحول بكل تأكيد من أن تلقي بظلالها أو ظلامها على حياتك وروحك، وهكذا نسج الروائي أحمد سمير من تلك اللحظة الفارقة في حياة المصريين حياة روائية صاخبة تضخ الدماء في شخوصها، والكل يحمل نظريته للبهجة، لكن لا أحد يصل لنشوته المنشودة، مستخدما في ذلك سردا حداثيا يتقاطع مع أشكال التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي فهو يختار من حياة كل شخصية يقدمها الرواي لحظات محددة تبدو وكأنها منشور فايسبوك على (التايم لاين)، وهذا الأسلوب الحذق جنّب الكاتب وشخصياته الكثير من الثرثرة فوقاهم شر الحكي المستطرد عن أنفسهم، وحول كل منهم إلى (بروفايل) فنجا الكاتب من فخ رواية النميمة رغم أنه يخوض في سيرة أكثر من ثلاثين شخصية!