يستضيف غاليري تاون هاوس في القاهرة حتى السابع من شباط (فبراير) المقبل معرضاً للفنان المصري محمد منيصير تحت عنوان «أحلام تحنيطية». يضم المعرض مجموعة من الوسائط الفنية المختلفة كالتصوير والفيديو والمؤثرات الصوتية والتجهيز. يتوزع العرض على مساحتين من الغاليري، تضم المساحة الأولى خمس شاشات عرض، تعرض كل شاشة منها بالتبادل لقطة قصيرة لطفل يحاكي أصوات الحيوانات. يُعرض المشهد الذي لا تتخطى مدته نصف دقيقة على خلفية تُظهر شكلاً ظلياً لمجسم حيواني معروض بالفعل خلف الشاشة القماشية. أما الجزء الآخر من العرض في الطابق العلوي فيضم مجموعة متنوعة من العناصر المختلفة، إذ تستوقفك كومة من عظام حيوانية حقيقية موزعة بعناية على حامل خشبي، ومجسم لحصان، يظهر جزئه الأمامي فقط، بينما يتوارى بقية الجسد داخل حجرة معدة لذلك، مع خلفية صوتية مصاحبة، وثمة معلقات قماشية مرسوم عليها أشكال على هيئة دوائر، وشريط فيديو قصير لكلب محدق أمام الكاميرا، بالإضافة إلى ثلاثة مجسمات لكائن بشري له رأس حيوان، ومجسم آخر بحجم كبير لنفس الكائن مسجى على الأرض بطول القاعة المجاورة، ويتخلل ذلك مجموعة من الرسوم المعروضة على حامل خشبي دائري، وهي رسوم مستوحاة من كتاب «كليلة ودمنة». يطرح العمل رؤية ذاتية لطبيعة الحياة والموت، وهو أمر لا يخلو التأمل حوله من التأويل الفلسفي والديني والاجتماعي، وهي تأويلات تراوح عادة بين الوضوح والالتباس، رغم رسوخها في الذهنية الإنسانية كحقائق مؤكدة. يضعنا أحلام تحنيطية أمام فكرة التحول الذي يطرأ على الكائنات والحياة في شكل عام، وما يعتري هذه الفكرة من غموض ورهبة. يسعى الفنان هنا للتعبير عن الأمر وإبرازه من خلال المعالجات التي يقدمها، كالأصوات المبهمة، والإضائة الخافتة، والمفردات المتعلقة بالتبدل والانتقال من طبيعة لأخرى. يستدعي منيصير عناصره البصرية التي وظَّفها من قبل إلى جانب عناصر جديدة يعيد اكتشافها وفقاً لمنظوره الشخصي والفكرة التي يطرحها. الإيحاء بالنص المكتوب، والمساحات القماشية المعلقة على هيئة ستائر وتحمل تشكيلات قوامها الدائرة، هي عناصر تتكرر في أعمال الفنان، وظفها من قبل ضمن سياقات مختلفة في تجارب سابقة، ويتم استدعاؤها هنا كوسيلة للربط بين العناصر الأخرى المكتشفة والداعمة لطبيعة الفكرة، وهي عناصر وجدت سبيلها غالباً داخل هذا السياق من طريق المصادفة. الطفل الذي يحاكي أصوات الحيوانات التقاه الفنان في واحة صحراوية في نفس الموقع الذي جلب منه عظام هذه الحيوانات. الكلب الأسود في شريط الفيديو هو أحد الكلاب الضالة بين المقابر، المجسمات التي تظهر خلف الشاشة بأحجام كبيرة عثر عليها الفنان عند أحد الشواطىء في مدينة الإسكندرية. يؤلف «أحلام تحنيطية» بين هذه المفردات والعناصر التي تم العثور عليها ليشكل توليفة مختلفة تستدعي التأمل والنظر فيما وراء الأشياء، وهي سمة غالبة في تجربة الفنان محمد منيصير ككل. محمد منيصير، تخرج في كلية التربية النوعية والتحق ببرنامج «ماس الإسكندرية للفنون المعاصرة». له عدد من المعارض الفردية، منها «صمت» و»برزخ»، كما شارك في الكثير من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها.