ذكرت الأمانة العامة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر أن الإعلان عن القائمة الطويلة للجائزة سيتم الإثنين 7 يناير الجاري، وهي القائمة التي تضم 16 رواية. كما سيجري الإعلان في اليوم نفسه عن الحكماء الخمسة أعضاء لجنة تحكيم الدورة الحالية من الجائزة. بينما يتوقع المتتبعون للروايات العربية الجديدة ومقترحاتها ومستجداتها أن تحتد المنافسة وتحتدم بين العشرات من الروايات، مثلما ينتظر أن تثير هذه النصوص إشكالات وسجالات من شأنها أن تثير النقد كما يحدث غداة الإعلان عن كل جائزة. جائزة القراءة إذا كانت مهمة الجوائز هي تتويج الأعمال الفائزة والمتوجة، فإن غايتها لا تتمثل في مجرد الاهتمام بمهمة كتابة أعمال أدبية أو فكرية، بقدر ما تتمثل في التشجيع على قراءة تلك الأٌعمال ونقدها. لأجل ذلك، أشار البيان الذي ترقبه جمهور الرواية العربية منذ صيف العام الماضي إلى أن “الجائزة العالمية للرواية العربية (آي باف) أهم الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي، والتي تُمنح لأفضل رواية في كل سنة، حسب وجهة نظر لجنة التحكيم وتقييمها”، ونبه البيان الصادر في الساعات الأخيرة من ليلة الأربعاء إلى أن البوكر العربية إنما “تهدف إلى مكافأة التميز في الرواية العربية المعاصرة، ورفع مستوى قراءة الروايات العربية، وكذا التعريف بها من خلال ترجمة الروايات الفائزة وتلك التي وصلت إلى القائمة القصيرة إلى لغات رئيسة أخرى ونشرها”. كما أوضحت إدارة الجائزة أن لجنة التحكيم سوف تختار 16 رواية تشكل القائمة الطويلة من بين 134 رواية مرشحة للجائزة في هذه السنة، والتي صدرت ما بين يوليو 2017 ويونيو 2018. وشدد البيان في النهاية على أن هذه الجائزة تدار برعاية من “مؤسسة جائزة مان بوكر” في لندن، بينما تقوم “دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، في الإمارات العربية المتحدة، بدعمها ماليا”. وإذا كان الكُتاب، كما النقاد، يتفقون على أن الجائزة لا تصنع كاتبا، سوى أنهم يتفقون، بالقدر نفسه، على أن الجوائز التنويرية والمرموقة تستطيع أن تخلق دينامية ثقافية وأدبية حقيقية، وبمقدورها أن تكون فاعلا ثقافيا، خاصة عندما يتعلق الأمر بجوائز متخصصة في مجال بحثي ودراسي أو إبداعي وفني. ولعل هذا ما يصدق على جوائز عربية نادرة، من جملتها الجائزة العالمية للرواية العربية، التي اشتهرت باسم “البوكر العربية”، وهي التسمية التي جرت بها الألسن، ما دامت الجائزة تنظم بالشراكة مع مؤسسة جائزة “بوكر” للرواية العالمية في لندن. وبحسب الأمانة العامة للجائزة ، ورغم أنه كثيرا ما تتم الإشارة إلى الجائزة العالمية للرواية العربية بوصفها “جائزة البوكر العربية”، إلا أن الجائزة العربية لا صلة لها بجائزة البوكر، كما يؤكد القيمون عليها. ذلك أن الجائزة العالمية للرواية العربية ومؤسسة جائزة البوكر هما مؤسستان منفصلتان ومستقلتان عن بعضهما. كما أن الجائزة العالمية للرواية العربية ليست لها أي علاقة بجائزة مان بوكر، لكنها صارت، من حيث القيمة المالية والمتابعة الإعلامية، جائزة الجوائز في العالم العربي بلا منازع. العمل المستمر خلال الإعلان عن إطلاق الجائزة سنة 2007، سوف يطلق رئيس مجلس الأمناء يومها، جوناتان تايلور، وعدا ربما صار في طريقه إلى التحقق ما لم يكن تحقق بالفعل. كان ذلك يوم أعلن قائلا “أعتقد أن هذه الجائزة ستكافئ الكتاب العرب المتميزين، كما ستحقق لهم التقدير ورفع مستوى الإقبال على قراءة أعمالهم. أتطلع إلى إتاحة المزيد من الأدب العربي المتميّز لعدد أكبر من القراء”. وبرغم استمرار تراجع القراءة في العالم العربي فإن روايات البوكر شهدت إقبالا كبيرا، سواء تلك التي وصلت إلى القائمة القصيرة أم التي توقفت عند القائمة الطويلة. وأما التي تفوز بالجائزة فإنها تحظى بطبعات متتالية وبترجمات إلى أهم اللغات الإنسانية الحية. ومع حرص الأمانة العامة للجائزة على اختيار أهم نقاد الرواية العربية وخبرائها أعضاء في لجنة التحكيم الخماسية، لكنها رسخت تقليدا سنويا، يتمثل في انتخاب عضو غير عربي في لجنة التحكيم، يشترط فيه أن يتقن اللغة العربية والقراءة بها، وذلك في سبيل التأكيد على “البعد الدولي للجائزة”. وتشتغل هذه الجائزة العالمية للرواية العربية وفق برنامج عمل منتظم ومرحلي، يبدأ بفتح باب الترشيح في مطلع شهر أبريل من كل سنة، ويتم الشروع في استلام الترشيحات قبل 30 يونيو. ويحق لكل دار نشر أن تتقدم بثلاث روايات قامت بنشرها على مدار السنة. وتنتخب الأمانة العامة أعضاء لجنة التحكيم الخمسة، بتعيين رئيس من بينهم، على أن يلتقي الأعضاء الأمناء ثلاث مرات في السنة؛ مرة من أجل اختيار القائمة الطويلة المكونة من ست عشرة رواية، ثم مرة ثانية لاختيار القائمة القصيرة المكونة من ستة أعمال، وأخيرا لاختيار الرواية الفائزة. ولا تتوقف المهمة عند حدود الإعلان عن الفائزين، بل تحرص أمانة الجائزة على الترويج للأعمال الفائزة، حين تضمن ترجمة إنكليزية للرواية المتوجة، مع الحرص على ضرورة نقل الروايات التي تصعد إلى القائمتين الطويلة والقصيرة، إلى اللغات الأخرى. جائزة البوكر العربية تهدف إلى مكافأة التميز في الرواية العربية المعاصرة، ورفع مستوى قراءة الروايات العربية وتوج بجائزة البوكر للرواية العربية روائيون منهم المعروفون في ميدان الرواية، ومنهم من كانت الرواية سببا في التعريف بهم وترجمة أعمالهم والإشارة إلى أهمية مشروعهم الروائي وحداثته. أكثر من مئة روائي عربي، إذن، يعلقون آمالهم ونصوصهم على القرار الذي سيصدر بداية الأسبوع المقبل، والآلاف من القراء العرب ينتظرون الإعلان عن القائمة الطويلة لكي يسارعوا إلى قراءة هذه النصوص، بينما يقتصر آخرون على قراءة القائمة القصيرة التي تتضمن ست روايات عربية فقط، بينما تكتفي الأغلبية بقراءة الرواية المتوجة بالبوكر العربية وتداول حكايتها وتفاصيلها. فهل روجت هذه الجائزة ونظائرها للرواية العربية، أم جعلت العرب يقتصرون في قراءاتهم على مطالعة النصوص الفائزة، والإعراض عن الأخريات، حتى ولو لم تتقدم للمنافسة على البوكر وغيرها؟ لربما كان الجواب عند جوناثان تايلور، العقل المدبر للجائزة، وهو يؤكد أن قيمة الجائزة تكمن في أدوارها وآثارها في المشهد الثقافي العام، حيث “يكمن جوهر الجائزة الأدبية الناجحة في تأثيرها. كما يجب أن يكون هنالك نقاش وجدال حولها، وأن يتم نقدها”. كما لا تعارض هيئة الجائزة في أن يكون ثمة اختلاف حيوي حول من تم إدراجه ومن تم استبعاده من القائمة الطويلة والقصيرة. كما “قد يثير الفائز النهائي جدلا حادا أو إشادة عظيمة“، لكن هذا الفائز بالجائزة المنتظرة سيكون لا محالة واحدا من الأسماء الستة عشر التي سيجري الإعلان عنها مطلع الأسبوع المقبل، مع بداية السنة الحالية.