تسرب غاز وراء الكارثة.. النيابة تكشف كواليس حريق مطعم شهير بكرداسة    التعليم العالي: 1.1 مليون متقدم للتنسيق وفرص طلاب الثانوية الحديثة أعلى في الهندسة والحاسبات    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    ب 550 مليار دولار.. ترامب يعلن عن إبرام أكبر صفقة تجارية مع اليابان    بعد 7 سنوات من الصمت.. أوباما في مواجهة عاصفة ترامب    جوتيريش: الجوع يطرق كل باب في قطاع غزة    أمريكا: مهلة ال50 يومًا التي حددها ترامب بشأن أوكرانيا غير محددة    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    7 شهداء إثر استهداف شقة سكنية في منطقة تل الهوا غرب قطاع غزة    البعثة الروسية: انسحاب دولتين من اليونسكو يكشف أزمة هيكلية تضرب المنظمة من الداخل    جيش الاحتلال يُحاصر مستشفيين ويقتحم بلدات في الضفة الغربية    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    عبدالمنعم سعيد: المنطقة كانت تتجه نحو السلام قبل 7 أكتوبر    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    رياضة ½ الليل| وفاة لاعب فلسطيني.. صفقة الزمالك «منظورة».. رحيل «عادل» للإمارات.. وأحلام زيزو بالأهلي    تيم إف سي يضم صانع ألعاب شباب رفح الفلسطيني    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    حزب الجبهة الوطنية: دعم مادي بقيمة 50 ألف جنيه لأوائل الثانوية العامة    لينك نتيجة الصف الثالث الثانوي 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رسميًا الآن عبر الموقع الرسمي ل وزارة التربية والتعليم    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    برلماني: «ثورة يوليو» الشرارة الأولى لإرساء مبادئ العدالة الاجتماعية    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    أخبار مالية غير سارة.. برج العقرب اليوم 23 يوليو    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    "التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    وزيرة التخطيط تشارك في منتدى التكنولوجيا المالية لعام 2025    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديك العربي الفصيح
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 12 - 2018

عندما جرت في السنوات الأخيرة تجربة دبلجة الرسوم المتحركة للأطفال إلى اللغة العربية الفصحى، لم تحل هذه التجربة دون إقبال الطفل على هذه الأفلام الشيّقة والأثيرة إلى نفسه، بل ربما العكس هو الذي حدث، فقد عملت على تشذيب الكثير من المفردات المحلية التي يستعملها، وتقريب اللغة العربية الفصحى إليه وجعلها مألوفة وغير مستغربة صوتياً في حياته اليومية. والتجربة نفسها عندما طُبّقت على بعض المسلسلات الأجنبية الاجتماعية لاقت النجاح نفسه، ولم تقف اللغة الفصحى حاجزاً بين هذه المسلسلات المدبلجة وانتشارها بين المشاهدين من مختلف الأعمار والفئات.
هذا الأمر يجعلنا نتساءل، عندما نتأمل الظاهرة: لماذا، إذن، تحلّ العربية الفصحى ضيفة ثقيلة الظل على المشاهدين لدى استعمالها في المسلسلات الاجتماعية العربية التي تُعرض أحيانا على القنوات العربية؟ هل العيب في عدم صلاحية الفصحى فعلاً لمثل هذه المسلسلات المحلية، أم العيب في عدم تكييفها وتقديمها بالشكل الشيق المطلوب لمثلها النوع من البرامج؟
مناسبة هذا الكلام أننا في الحديث الذي كثر في الآونة الأخيرة عن هويتنا وخصوصيتنا الحضارية بمواجهة العولمة والغزو الثقافي الفضائي وما إلى ذلك، يجب علينا الالتفات أولاً إلى أهم عنصر من عناصر الهوية القومية والوحدة العربية، نعني اللغة العربية.
في هذا الصدد تقوم الفضائيات التلفزيونية، التي تدخل البيوت وتخاطب مختلف الأجيال، بدور خطير في تعزيز هذا الحس القومي وتمتين الانتماء الحضاري للهوية، وجعله موضوع الاستتباب في مواجهة قوة الغزو الفضائي الجديد، ويحرص الكثير من المذيعين باعتبارهم واجهة هذه القنوات الفضائية على أن يكونوا القدوة التي يُحتذى بها في مجال إضاءة المزايا الجمالية للغة العربية وتحبيبها إلى نفوس المشاهدين، سواء بخامة الصوت أم بسلامة النطق أم بإعطاء مخارج الحروف والوصل والقطع والوقف كامل حقها المطلوب، إلا أن مما يلاحظ على الأشقاء المصريين، في هذا الصدد، تمسّكهم بتلفظ الحروف العربية الفصحى بأصواتها المحلية التي اعتادوا عليها في حياتهم اليومية، الأمر الذي يشوّه هذه الحروف ويقلبها إلى حروف أخرى بعيدة كل البعد عن الحروف الأصلية ومختلفة عنها نطقاً، فإذا أراد واحدهم مثلاً أن يقول "أعوذ بالله" فإنه يقولها "أعوز بالله"، وإذا أراد أن يقول "البث المباشر"، يقولها "البس المباشر"، وإذا أراد أن يقول "القفص الذهبي" يقولها "الأفص الزهبي"، وإذا أراد أن يقول "هذا الذي" يقولها "هزا الزي".. وهكذا مع الكثير من الألفاظ والعبارات.
لا أدري كيف يجيز المذيع لنفسه أن يقلب الحروف بهذا الشكل المريع، وهو الذي يجب أن تنطبق عليه الشروط نفسها التي يحترمها قراء القرآن المصريون عندما يلفظون هذه الحروف صحيحة عند ترتيلهم القرآن الكريم، بالرغم من اعتياد ألسنتهم على لفظها بالشكل الخاطئ في حياتهم اليومية؟
وفي العديد من البلدان العربية تدرج اللهجات العامية على قلب بعض الحروف إلى حروف أخرى بحكم التقارب الشديد في مخارج نطقها، أو لأنها وريثة لهجات عربية قديمة، فيقلب الخليجيون مثلاً الجيم ياءً، ويقلب أهل العراق واليمن القاف جيماً أعجمية، ومع ذلك لا يظهر من هذا الذي يتلفظونه في بيوتهم أو في حياتهم اليومية غالباً شيء في ما يقوله المذيع أو قارىء الاخبار، وما لمثل هذا، لو حدث، ليكون مقبولاً أو معقولاً حتى بالنسبة للأشقاء المغاربة الذين أثرت فيهم اللغة الفرنسية وثقافتها أيما تأثير، ولكنها لم تُشوَّه فصاحتهم بل زادتهم تمسّكاً بها وجعلتهم من أحرص الحريصين على النطق السليم للغة العربية، فما بال الأشقاء العرب من أبناء مصر العربية لا يعيرون هذه المسألة الانتباه الكافي، وهم الذين يقيمون في عاصمة الأدب والصحافة والفن وقلب الثقافة العربية.
إن مصر لديها فضائيات معتمدة عربياً، وذات شعبية وانتشار واسع بين أوساط الاجيال الجديدة من الشباب والشابات، بله الاطفال. ولكن، مع شديد الأسف والاستغراب، بدأنا نرى المذيعات من البنات وهن يتحدثن بسرعة شديدة، ويستعملن المفردات العامية والأعجمية والأجنبية عند التحدث إلى المشاهدين أو إلى ضيوفهن الذين لا يقلون عنهن في الرطانة واللحن، فنرى ألسنتهم المعوجة تتبارى في استعمال المفردات الانكليزية والفرنسية، وهو مما يفسره علم الاجتماع بأنه احتقار للهوية يستشري بين الشعوب التي تُهزم أو تنكسر فتصاب بالإحباط الجماعي أو عدم الانبهار بنفسها أو هويتها.
كما أن بعض الفنانات اللواتي يرطن ببضعة مفردات إنكليزية، بسبب عقدة النقص هذه، قد نقلن هذه العدوى إلى بعض المذيعات تحديداً.. وإذا استمرت هذه العملة الرديئة بطرد العملة الجيدة، فسينتهي الإعلام المصري إلى صوت نشاز وفم مائع بدلاً من حنجرة جهورية ولسان عربي مبين. فرموزه أيقونات يُعتد بها ومؤثرة في الجماهير، والبعض منها قد تحول إلى أساطير.
إن بلدانا ليس لها تاريخ مصر ولا عظمة مصر أصبحت تشيد لنفسها الثقافة والتاريخ، وأن العربي الذي يكتب في نقد مصر حبا بها، يعني أنه يكتب نقدا ذاتيا في مراجعة نفسه، وما حوله من مشاكل وأوضاع اجتماعية غريبة، والتي إذا ما انطلقت ذبذباتها من قلب العروبة النابض مصر، فإنها ستسود عالمنا العربي كله.. فمعذرة لها وللغة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.