شاهد.. خريطة توضح مدى تأثير الزلزال على دول المنطقة والمحافظات المصرية    تأثرت به 9 دول من بينهم مصر.. زلزال بقوة 6.6 على مقياس ريختر قرب جزيرة رودس اليونانية    رئيس قسم الزلازل ب"القومي للبحوث الفلكية": قوة الهزة 5.8 وضرب عدة دول منها مصر    قرارات عاجلة من وزير التعليم قبل بدء العام الدراسي الجديد 2026 (تفاصيل)    دعاء الزلزال.. «الإفتاء» تنصح المواطنين بترديد هذه الأدعية في أوقات الكرب    زلزال قوي يضرب القاهرة الكبرى وبعض المحافظات    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    المعهد القومي للبحوث الفلكية يطمئن المواطنين: مصر لا تقع في حزام الزلازل    ترامب: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    مروان عطية: جوميز طلب انضمامي للفتح السعودي.. وهذا قراري    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    بيل جيتس يُعلن استثمار 200 مليار دولار في الصحة والتعليم بأفريقيا خلال 20 عامًا    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    «المسافة صفر».. اشتباكات ضارية بين كتائب القسام وجيش الاحتلال في جباليا    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    طرح لحوم بلدية بأسعار مخفضة في الوادي الجديد استعدادًا لعيد الأضحى    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    محامي دولي يفجر مفاجاة بشأن قرار المحكمة الرياضية المنتظر في أزمة القمة    قناة الأهلي: هناك أزمة في مشاركة ديانج بكأس العالم للأندية    مصطفى فتحي: يورتشيتش عوض غياب الجماهير.. وطريقة الحكام تغيرت معي بانضمامي لبيراميدز    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    لماذا لا يرغب تامر حسني في دخول ابنته تاليا المجال الفني؟    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    صرف 11 مليون جنيه منحة عيد الأضحى ل7359 عاملًا بالوادي الجديد    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    عامل يتهم 3 أشخاص بسرقة شقته في الهرم    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديك العربي الفصيح
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 12 - 2018

عندما جرت في السنوات الأخيرة تجربة دبلجة الرسوم المتحركة للأطفال إلى اللغة العربية الفصحى، لم تحل هذه التجربة دون إقبال الطفل على هذه الأفلام الشيّقة والأثيرة إلى نفسه، بل ربما العكس هو الذي حدث، فقد عملت على تشذيب الكثير من المفردات المحلية التي يستعملها، وتقريب اللغة العربية الفصحى إليه وجعلها مألوفة وغير مستغربة صوتياً في حياته اليومية. والتجربة نفسها عندما طُبّقت على بعض المسلسلات الأجنبية الاجتماعية لاقت النجاح نفسه، ولم تقف اللغة الفصحى حاجزاً بين هذه المسلسلات المدبلجة وانتشارها بين المشاهدين من مختلف الأعمار والفئات.
هذا الأمر يجعلنا نتساءل، عندما نتأمل الظاهرة: لماذا، إذن، تحلّ العربية الفصحى ضيفة ثقيلة الظل على المشاهدين لدى استعمالها في المسلسلات الاجتماعية العربية التي تُعرض أحيانا على القنوات العربية؟ هل العيب في عدم صلاحية الفصحى فعلاً لمثل هذه المسلسلات المحلية، أم العيب في عدم تكييفها وتقديمها بالشكل الشيق المطلوب لمثلها النوع من البرامج؟
مناسبة هذا الكلام أننا في الحديث الذي كثر في الآونة الأخيرة عن هويتنا وخصوصيتنا الحضارية بمواجهة العولمة والغزو الثقافي الفضائي وما إلى ذلك، يجب علينا الالتفات أولاً إلى أهم عنصر من عناصر الهوية القومية والوحدة العربية، نعني اللغة العربية.
في هذا الصدد تقوم الفضائيات التلفزيونية، التي تدخل البيوت وتخاطب مختلف الأجيال، بدور خطير في تعزيز هذا الحس القومي وتمتين الانتماء الحضاري للهوية، وجعله موضوع الاستتباب في مواجهة قوة الغزو الفضائي الجديد، ويحرص الكثير من المذيعين باعتبارهم واجهة هذه القنوات الفضائية على أن يكونوا القدوة التي يُحتذى بها في مجال إضاءة المزايا الجمالية للغة العربية وتحبيبها إلى نفوس المشاهدين، سواء بخامة الصوت أم بسلامة النطق أم بإعطاء مخارج الحروف والوصل والقطع والوقف كامل حقها المطلوب، إلا أن مما يلاحظ على الأشقاء المصريين، في هذا الصدد، تمسّكهم بتلفظ الحروف العربية الفصحى بأصواتها المحلية التي اعتادوا عليها في حياتهم اليومية، الأمر الذي يشوّه هذه الحروف ويقلبها إلى حروف أخرى بعيدة كل البعد عن الحروف الأصلية ومختلفة عنها نطقاً، فإذا أراد واحدهم مثلاً أن يقول "أعوذ بالله" فإنه يقولها "أعوز بالله"، وإذا أراد أن يقول "البث المباشر"، يقولها "البس المباشر"، وإذا أراد أن يقول "القفص الذهبي" يقولها "الأفص الزهبي"، وإذا أراد أن يقول "هذا الذي" يقولها "هزا الزي".. وهكذا مع الكثير من الألفاظ والعبارات.
لا أدري كيف يجيز المذيع لنفسه أن يقلب الحروف بهذا الشكل المريع، وهو الذي يجب أن تنطبق عليه الشروط نفسها التي يحترمها قراء القرآن المصريون عندما يلفظون هذه الحروف صحيحة عند ترتيلهم القرآن الكريم، بالرغم من اعتياد ألسنتهم على لفظها بالشكل الخاطئ في حياتهم اليومية؟
وفي العديد من البلدان العربية تدرج اللهجات العامية على قلب بعض الحروف إلى حروف أخرى بحكم التقارب الشديد في مخارج نطقها، أو لأنها وريثة لهجات عربية قديمة، فيقلب الخليجيون مثلاً الجيم ياءً، ويقلب أهل العراق واليمن القاف جيماً أعجمية، ومع ذلك لا يظهر من هذا الذي يتلفظونه في بيوتهم أو في حياتهم اليومية غالباً شيء في ما يقوله المذيع أو قارىء الاخبار، وما لمثل هذا، لو حدث، ليكون مقبولاً أو معقولاً حتى بالنسبة للأشقاء المغاربة الذين أثرت فيهم اللغة الفرنسية وثقافتها أيما تأثير، ولكنها لم تُشوَّه فصاحتهم بل زادتهم تمسّكاً بها وجعلتهم من أحرص الحريصين على النطق السليم للغة العربية، فما بال الأشقاء العرب من أبناء مصر العربية لا يعيرون هذه المسألة الانتباه الكافي، وهم الذين يقيمون في عاصمة الأدب والصحافة والفن وقلب الثقافة العربية.
إن مصر لديها فضائيات معتمدة عربياً، وذات شعبية وانتشار واسع بين أوساط الاجيال الجديدة من الشباب والشابات، بله الاطفال. ولكن، مع شديد الأسف والاستغراب، بدأنا نرى المذيعات من البنات وهن يتحدثن بسرعة شديدة، ويستعملن المفردات العامية والأعجمية والأجنبية عند التحدث إلى المشاهدين أو إلى ضيوفهن الذين لا يقلون عنهن في الرطانة واللحن، فنرى ألسنتهم المعوجة تتبارى في استعمال المفردات الانكليزية والفرنسية، وهو مما يفسره علم الاجتماع بأنه احتقار للهوية يستشري بين الشعوب التي تُهزم أو تنكسر فتصاب بالإحباط الجماعي أو عدم الانبهار بنفسها أو هويتها.
كما أن بعض الفنانات اللواتي يرطن ببضعة مفردات إنكليزية، بسبب عقدة النقص هذه، قد نقلن هذه العدوى إلى بعض المذيعات تحديداً.. وإذا استمرت هذه العملة الرديئة بطرد العملة الجيدة، فسينتهي الإعلام المصري إلى صوت نشاز وفم مائع بدلاً من حنجرة جهورية ولسان عربي مبين. فرموزه أيقونات يُعتد بها ومؤثرة في الجماهير، والبعض منها قد تحول إلى أساطير.
إن بلدانا ليس لها تاريخ مصر ولا عظمة مصر أصبحت تشيد لنفسها الثقافة والتاريخ، وأن العربي الذي يكتب في نقد مصر حبا بها، يعني أنه يكتب نقدا ذاتيا في مراجعة نفسه، وما حوله من مشاكل وأوضاع اجتماعية غريبة، والتي إذا ما انطلقت ذبذباتها من قلب العروبة النابض مصر، فإنها ستسود عالمنا العربي كله.. فمعذرة لها وللغة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.