يمثل الأدب الموريسكي حقبة ذهبية في تاريخ الأدب الإسباني، حيث يعكس في شكل أو في آخر الحضور العربي في شبه جزير أيبيريا (إسبانيا والبرتغال) طوال ما يقرب من عشرة قرون، إذا أخذنا في الحسبان أن هذا الحضور لم ينته بتسليم غرناطة عام 1492، بل تجسَّد في الموريسكيين، أي العرب الذين تحملوا عناء العيش في الأرض التي شهدت مولدهم لأجيال طويلة حتى طردِهم في بداية القرن السابع عشر، هذه الحقبة اشتهرت في تاريخ الأندلس بالصراع الدامي الدائر بين الملوك، وبين الأسر القوية من ناحية، وبين تلك الأسر في ما بينها، خصوصاً بين أسرتيْ بني سرّاج وبني الثغري من ناحية أخرى. وكان النزاع الأخير مِن أسباب التعجيل بسقوط غرناطة. وأصدر المركز القومي المصري للترجمة أخيراً، الترجمة العربية لقصة «ابن السرَّاج والجميلة شريفة»، وهي قصة مجهولة المؤلف مِن التراث الموريسكي، نقلها من الإسبانية إلى العربية خالد سالم، أستاذ اللغة الإسبانية في أكاديمية الفنون في القاهرة، والذي يرى أن القصة تمثل مرآة للتعايش بين الثقافتين العربية الإسلامية والإسبانية المسيحية في هذه البقعة من أوروبا، ومن أبرزها «دون كيخوتي»، و»الكونت لوكانور»، و»لاثارييو دي تورميس»، ومسرحيات لوبي دي بيغا، إلى جانب ابن السرّاج، وكلها أعمال تنقل صورة العربي الأندلسي في المتخيل الإسباني الذي صنعته قرائح الكتاب الإسبان اعتماداً على الخيال تارة وعلى الوقائع التاريخية تارة أخرى، لكن من منظور المنتصر المتعالي على الآخر، في معظم الأحيان، مع منح الشخوص المسلمين درجة من المثالية، وهو ما يُشاهد في شخص ابن الريس بطل هذه القصة، بسردها وقصائدها الشعبية، إذ يتصف بالنبل والوفاء بكلمته للإسباني المسيحي، وإن عرضته هذه الخصال للحبس والحرمان من الزواج بشريفة، وهو المشروع الذي كلفه الوقوع في الأسر، بينما كان ذاهباً للقائها والزواج بها، وهذه المثالية تشمل طرق حياة المسلمين وملابسهم وعاداتهم، ويرى المترجم أن هذا الجانب الإيجابي عن العرب لا يزال قائماً في مخيلة شريحة لا بأس بها من الإسبان اليوم، على رغم التشويش الذي شابها نتيجة ظروف سياسية ودينية وأخرى تتعلق بالعمالة المهاجرة والأحداث الدامية التي ترتكب باسم الإسلام.