استئناف التصويت في 1775 لجنة ب7 محافظات    طلاب حلوان يواصلون الدراسة بعد تحويل اسم الجامعة    عاجل- رئيس الوزراء يستعرض مع وزير البترول خطط الاستثمار والتعاون الدولي وتأمين احتياجات السوق    بعد مقتله.. ماذا تعرف عن ياسر أبو شباب؟    يلا كووورة.. Syria vs Qatar.. بث مباشر لمباراة سوريا وقطر في كأس العرب 2025    نجمة وادى دجلة هانيا الحمامي تتأهل إلى نصف نهائي بطولة ميلووكي هونج كونج للإسكواش    جثه و11 مصابًا في حادث سير عنيف بالطريق الزراعي بالمنيا    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    محافظ كفرالشيخ يشهد توقيع بروتوكول تعاون مشترك مع وزارة الخارجية    حمدان وبن رمضان وجهًا لوجه.. التشكيل الرسمي لمباراة فلسطين ضد تونس    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    وزير التعليم يبحث مع غرفة التجارة الأمريكية سبل تعزيز التعاون في جذب الاستثمارات    الليلة.. عودة عرضي "سجن النسا" "يمين فى أول شمال" على مسرح السلام    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    وزير الصحة: الانسداد الرئوي المزمن يتسبب في 5% من إجمالي الوفيات عالميا    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    بوتين يؤكد توسيع السيطرة الروسية نحو نوفوراسيا وخاركيف وأوديسا    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    إحالة مدير وطبيب الطوارئ بمستشفى بركة السبع للتحقيق بسبب تقصيرهم فى أداء العمل    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    الوطنية للصحافة تكرم أخبار اليوم كأفضل تغطية صحفية لافتتاح المتحف المصرى الكبير    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    الأهلي يتحرك لحسم ملف ديانج رسميًا.. وعرض جديد خلال ساعات    إعلان نتائج بطولة الجمباز بدوري الجامعات والمعاهد العليا المصرية رقم 53    «أخبار اليوم» تنعى شقيق الكاتب الصحفي إسلام عفيفي    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    ترقب أمريكى لزيارة بوتين للهند.. توقعات باتفاقات دفاعية وتسهيل التجارة    بعد حصوله على جائزتين بمهرجان القاهرة.. فيلم ضايل عنا عرض يستكمل عروضه ما بين روما وقرطاج    هل بول القطط نجس؟ وحكم الصلاة فى المكان الملوث به.. الإفتاء تجيب    محافظ الجيزة يتابع فتح لجان الدائرة الثامنة "إمبابة والمنيرة الغربية" من داخل مركز السيطرة للطوارئ    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    نقيب المعلمين يبحث آفاق التعاون مع اتحاد التعليم في إنجلترا    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجليات الرومي في روايات تركية وإيرانية وإنكليزية وعربية
نشر في نقطة ضوء يوم 18 - 08 - 2018

شخصية جلال الدين الرومي حظيت باهتمام كبير في الخطاب الروائي فتناولتها أعمال عديدة من جنسيات مختلفة.
تطرقت لشخصية جلال الدين الرومي، والعلاقات المتشابكة بين التبريزي وكيميا وحسام الدين وعلاءالدين، أعمال روائية كثيرة، منها رواية “قواعد العشق الأربعون” للتركية أليف شفق، و”الرومي نار العشق” للإيرانية نيهال تجدد، و”بنت مولانا” للبريطانية مورل مفروي، وأخيرا رواية المصري أدهم العبودي “حارس العشق الإلهي: التاريخي السري لمولانا جلال الدين الرومي”.
قارئ هذه الروايات يلحظ أن تمثيل شخصية الرومي، جاء متباينا، فتعامَلَ الروائيون مع الشخصية الواقعية بمبدأ الاختيار والانتقاء، وهو مبدأ أصيل في كتابة السّير الذاتيّة أو الغيرية، حيث ينتقي الراوي من الأحداث والوقائع، ما يُمثّل له أهمية معينة.
وبناء على هذا ركّزت بعض الأعمال في الكتابة على سيرة الرومي وعلاقته المتداخلة مع شمس التبريزي، على نحو ما هو واضح في رواية أليف شفق التي توقفت كثيرا عند مسار هذه العلاقة الشائكة، وتأثيرها على من حول الرومي كما في شخصية علاءالدين شلبي ابن الرومي نفسه، الذي كانت تربطه بشمس علاقة ارتياب زادت حدتها بعد زواج شمس من كيميا التي كان يرغب فيها علاءالدين.
وفي بعض الأعمال غابت شخصية الرومي على حساب شخصيات أخرى كان لها دور مهمّ في مسيرة الرومي، مع أنه يمكن وسمها بالشخصيات الثانوية، كشخصية كيميا التي أفردت لها الكاتبة البريطانية مورل مفروي عملا منفردا وسمته ببنت مولانا، فمنحتها دور البطولة المطلقة.
نفس الشيء فعلته نيهال تجدد في استدعائها لشخصيتي حسام الدين وصلاح الصائغ، لما للأول من دور في جمع وكتابة المثنوي وإن كانت أشارت إلى الصراع بين الشخصيات التي كانت ترافق مولانا على نحو صراع شمس الدين مع صلاح الصائغ الذي كان يزجره شمس لعدم نطقه الحروف.
أما أدهم العبودي فركز على حياة الأشخاص المحيطين بمولانا، كبهاء الدين والد جلال الرومي وشخصيتي شاهين وكيرا ولجأ في الشخصية الأخيرة إلى بناء تاريخ متخيّل لها.
الجامع المشترك بين هذه الروايات، مع التباين في التمثيل والحضور، هو شخصية الرومي، حيث شكّلت المحور المشترك للروايات الأربع، إلا أن ثمة فوارق كثيرة بين هذه الأعمال، كشفت عن التباين في الاستدعاء وتعدد أوجه الحضور.
ومن هذه الفوارق ما عكس التكوين الثقافي للكتّاب أنفسهم، الذي كان له بالغ الأثر في التركيز على أبعاد معينة من شخصية الرومي.
فأليف شفق تنطلق من هم ثقافي لازمها في مسيرتها العلمية والأكاديمية، فانشغالها بالرومي جاء نتيجة لاهتمامها بالتصوف بصفة عامة، والرومي بصفة خاصة، وبالمثل نيهال تجدد، التي كان للبيئة التي نشأت فيها وخاصة أمها الأكاديمية، التي كانت تُدرِّس الرومي في الجامعة، وتترجم أعماله إلى الفارسية، الدور الأبرز في التعرف على الرومي، ومن ثم جاء الاهتمام بهذه الشخصية بعدما لاحظت هذا الثراء الفكري والروحي.
أما أدهم العبودي فاعتمد على قائمة من المصادر والمراجع، كانت بمثابة الركيزة الأساسية والمادة الخام لمرويته، فهو ينفي في أحاديثه الاهتمام بالرومي أو تاريخه الصوفي المعروف، ومن ثم طغى على مرويته الجانب التاريخي بدءا من التأريخ لنشأة المدن كبلخ وتبريز ونيسابور، وما حلّ من جرائم التتار من دمار لمدن ترمز وبلخ ومرو، وكذلك الشخصيات، فيتعقب كل شخصية من شخصياته الأساسية؛ شاهين وجلال الدين وكيرا منذ طفولتهم، وتبدل مساراتهم في البلدان وصولا إلى النهاية التي انتهوا إليها.
"ثمة فوارق بين الأعمال، ما عكس التكوين الثقافي للكتّاب أنفسهم، ما كشف عن التباين في الاستدعاء وتعدد أوجه الحضور"
كما انعكس التكوين الثقافي على بناء الشخصية الروائية، فأليف زاوجت في عملها بين حكايتيْن الأولى كانت عن الرومي وعلاقته بشمس، انتهاء بمقتل شمس نفسه في ظرف غامض، لم تفصح عنه.
إلا أنه كشف عن حجم الصراع في العلاقات الإنسانية، وهو ما أظهرته بصورة جلية في الحكاية الثانية المتوازية مع حكاية الرومي وهي حكاية إيلا، التي على مشارف الأربعين من العمر، وتعيش مع أبنائها وزوجها “ديفيد” طبيب الأسنان في ولاية ماساشوستس بأميركا، حياة رتيبة ومملة، تفتقدُ الحبّ.
تتميز الروايات الأربع باستحضار شخصيات مختلفة كان لها حضور بارز في علاقة الثنائي شمس – مولانا، فأليف شفق تتوقف عند شخصية علاءالدين ابن مولانا وصراعه مع شمس حيث تنافسهما على حب كيميا، ونيهال تتوقف عند شخصية حسام الدين ودوره في كتابة المثنوي، وبالمثل تفرد مول مفروي مساحة كبيرة لشخصية كيميا سلطان المعروفة باسم “بنت مولانا”، بوصفها شخصية ثانوية ارتبطت بشمس الدين التبريزي صديق مولانا، ولعبت دورا مهما في العلاقة بين شمس ومولانا من جانب، وشمس وعلاءالدين ابن مولانا الذي لم يكبح زمام عواطفه، فأوغر صدره ضد شمس الدين، من جانب آخر. فتتبعت سيرة كيميا منذ طفولتها، ودور محمد الناسك الذي اهتم بتعليمها وغرز فيها حب مولانا، مرورا بانتقالها إلى قونية بناء على توصية الأب كريستوم، الذي ألحّ على تعليمها، والمصادفة التي لعبت دورا في لقائها بمولانا، انتهاء بمرضها الذي انتهى بموتها، واختفاء شمس حزنا عليها.
أما أدهم العبودي فيستحضر شخصية شاهين الدرويش الأعمى الذي يتعرّف على شمس التبريزي في قونيةّ ويلزم رفقته. وبالمثل يصنع تاريخا لكيرا المسيحية التي تزوجها الرومي.
وهو التاريخ المجهول في معظم الروايات التي تطرقت لشخصية الرومي، ولا ينسى وهو يسجل تاريخ شخصياته أن يروي عن حياة الرومي وفراره مع أبيه بعد هجمة المغول، ودرسه على يد فريدالدين العطار.
ربما كانت المغايرة التي يسعى إليها العبودي من كتابة عمل سبق وأن تناولته أقلام عديدة، هي ما أوقعته في فخ هذا الاختلاق للتاريخ المغاير، وإن كان مع الأسف أوقعه في مآزق عديدة أهمها الاستطرادات التي أضرت بالحكاية، إضافة إلى غياب الجانب الأهم في شخصية مولانا، وهو الجانب الصوفي، واقتصار الحكاية على موضوعات اجتماعية وحكايات فرعية لم تفد الحكاية.
ومع الفوارق بين الروايات في التناول والتي تكشف أولا عن مهارة تطويع المادة التاريخية وتذويبها في الحكاية المتخيلة إلا أننا لو قرأنا الروايات الأربع معا، لصارت لدينا رواية متكاملة عن سيرة الرومي وعصره وتلاميذه. فالحقيقة أن الروايات عملت على سدّ ما يمكن وصفه بالمساحات الفارغة في السرد، فعرضت كل رواية لشخصية جاء تناولها هامشيا، فحضرت حضورا قويّا، ومن ثم هذا الحضور أفاد ليس في ترميم ثغرات وفجوات السرد التي كانت غائبة في النص فقط، وإنما في تقديم صورة أوضح لمولانا عبر تشابك شخصيته مع هذه الشخصيات الثانوية.
أما نيهال تجدد فجعلت من شخصية حسام الدين الجلبي، الرواي الذي يروي بحكم موقعه من مولانا، راصدا لكافة التغيرات التي لحقت بمولانا منذ وصول شمس إليه. وأثر رحيل شمس على مولانا والبيت.
الجانب الأهم الذي مررته نيهال هو سرد حكاية المثنوي وكيفية تمت كتابته.
مع أن الكاتبة قسمت الرواية إلى ثلاثة أقسام هيمنت شخصية مولانا وكراماته وفيوضاته على الجزء الأعظم منه، إلا أنها توقفت عند شخصية حسام الدين، وهذا الاهتمام لم يقتصر على ما أوردته في المتن الحكائي، وإنما استفاضت فيه في الخاتمة التي كانت بمثابة تعليق على الرواية أو سيرة للكتابة حيث أوضحت سبب انحيازها لشخصية حسام الدين الجلبي، ولماذا جعلت الرواية بلسانه بالضمير المتكلم، وكذلك اعترافها بأن العمل ليس سيرة ذاتية علمية، ومع تحفظنا على سبب عدم كونها سيرة ذاتية علمية، فعلى حد قولها كانت زودتها بقائمة شاملة من أعماله.
فطغيان السيري لم يقلل من جانب التخييل الذي اعتمدته الروائية، فالكاتبة التزمت في الحوارات بتضمين كافة الجمل والعبارات التي قالتها تلك الشخصيات حقا ولم تختلق شيئا.
وعلى النقيض تماما تحررت أليف من الجانب الوثائقي وجنحت إلى الخيال سواء بتخيل الكثير من أجزاء الحكاية، وكذلك بالنهاية التي رسمتها لمولانا وابنيه، علاوة على الحكاية المتوازية معها وهي متخيلة بامتياز، وربما هذا التحرّر من الوثائقية ما دفع العبودي إلى أن يضع عنوانا فرعيا لروايته: التاريخ السري لمولانا جلال الدين الرومي، متوهما أن من كتبوا عن الرومي أسقطوا جوانب من حياته الشخصية، دون أن يضع في اعتباره مقتضيات الكتابة السيرية الذاتية والغيرية القائمة على مبدأ الاختيار والانتقاء، فليس كل ما يخص الشخصية يروى.
ما يهم في الأخير أن ثراء شخصية الرومي، هو ما دفع الكُتّاب –على اختلاف جنسياتهم- إلى الاهتمام بتناول شخصيته عبر أعمالهم. وعلى تعدّد هذه الأعمال يبقى عمل أليف شفق هو المتميز على الإطلاق، إضافة إلى أنه الملهم لاستحضار شخصية مولانا في الكتابة الأدبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.