الرئيس: روح «أكتوبر» ستظل راسخة وتضحيات «العبور» وراء ازدهار الوطن    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    أجمل عبارات تهنئة 6 أكتوبر 2025 لتهنئة الأهل والأصدقاء    ارتفاع كبير في سعر الذهب اليوم الإثنين 6-10-2025 عالميًا    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 6-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    إطلاق نار كثيف والقبض على شخص.. ماذا حدث في سيدني؟    التقييمات الأسبوعية 2025-2026 «PDF».. الرابط الرسمي للتحميل من بوابة التعليم الإلكتروني    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    «القاهرة الدولى للمونودراما» يُسدل الستار عن فعاليات دورته الثامنة    نادية الجندي: «مهمة في تل أبيب» عمل أفتخر به طوال حياتي وأخلد به بعد وفاتي (صور)    تطور جديد في واقعة عقر كلب عصام الحضري لمهندسة بالعلمين    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    إيران تعلن دعمها لأي مبادرة تضمن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني    «أزمة مع النحاس؟».. وليد صلاح الدين يكشف حقيقة عرض أفشة للبيع (خاص)    صحة الإسكندرية: تنفيذ 49 برنامجا تدريبيا خلال سبتمبر لرفع كفاءة الكوادر الطبية والإدارية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    التقديم في اللوتري الأمريكي DV Lottery.. رابط التقديم والشروط الجديدة (سجل الآن)    حبس المتهمين بإدارة نادٍ صحي لاستغلاله في ممارسة الأعمال المنافية للآداب بمدينة نصر    «أون لاين».. كيفية الإستعلام عن فاتورة الكهرباء لشهر أكتوبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مزيج بين الجريمة والدراما.. موعد عرض مسلسل المحتالون التركي الحلقة 1    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    مصرع مسن دهسًا أسفل عجلات القطار في أسوان    لجنة الشكاوى ب"الأعلى للإعلام" تستدعي الممثل القانوني لموقع "الموقع" وتحقق في شكوى هالة صدقي    من غير غسيل.. خطوات تنظيف المراتب من البقع والأتربة    «العيش الكتير».. استشاري يكشف عادات يومية تؤدي للإصابة ب أمراض القلب    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    عضو صناعة الدواء: 1.3 مليار دولار حجم سوق مستحضرات التجميل في مصر لعام 2024    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    تعادل سلبي يحسم قمة يوفنتوس وميلان في الدوري الإيطالي    ليل يفرض التعادل على باريس سان جيرمان في قمة الدوري الفرنسي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    ضياء الميرغني: مفيش "نمبر وان" في الفن والجمهور أطلق علي لقب الأسطورة    وزير خارجية الكويت: مجلس التعاون ينظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك أساسي في دعم الاستقرار الدولي    ترامب: فرق فنية تجتمع في مصر لوضع التفاصيل النهائية لاتفاق غزة    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    عوقب بسببها بالسجن والتجريد من الحقوق.. حكاية فضل شاكر مع «جماعة الأسير»    هل استخدم منشار في قطعها؟.. تفاصيل غريبة عن سرقة اللوحة الأثرية الحجرية النادرة بسقارة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    تفاصيل الجلسة العاصفة بين حسين لبيب وجون إدوارد    خبر في الجول – اجتماع بين لبيب وجون إدوارد.. وانتظار عودة فيريرا لاتخاذ القرار المناسب    وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان عددًا من المشروعات التعليمية الجديدة    وفاة مسن داخل محكمة الإسكندرية أثناء نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه    تيسير بلا حدود.. السعودية تفتح أبواب العمرة أمام مسلمى العالم.. جميع أنواع التأشيرات يمكنها أداء المناسك بسهولة ويسر.. محللون: خطوة تاريخية تعزز رؤية 2030.. وتوفر رحلة إيمانية رقمية ميسّرة لضيوف الرحمن    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور البنات مع المشاهير؟.. دار الإفتاء تجيب    السويد: إذا صحت أنباء سوء معاملة إسرائيل لثونبرج فهذا خطير جدا    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر قبل السفر للمغرب لملاقاة جيبوتى    آمال ماهر تتألق بأغانى قالوا بالكتير ولو كان بخاطرى وأنا بداية بدايتك بحفل عابدين    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    ما هي مراحل الولادة الطبيعية وطرق التعامل معها    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أونداتجي: رواياتي تحكي الحرب ليعم السلام
نشر في نقطة ضوء يوم 14 - 07 - 2018

قول البعض: إنه في قلب مخيلة مايكل أونداتجي، وفي أعماله ككل، نزاع بين الرغبة الملحة للكشف، وغريزة الكبت أو الإخفاء؛ نزاع يتجلّى بقوة ويسعى للذوبان في صهير الانجذاب العميق للأسرار، الذي يطبع أعمال صاحب رواية «المريض الإنجليزي» الحاصلة على جائزة «بوكر».
وتتبدّى شهية أونداتجي على الغموض مفتوحةً في آخر رواياته ذات العنوان «ضوء الحرب» أكثر من أي وقتٍ مضى. ويسجّي العنوان الفعل في نوع من الغسق، من ضوء الحرب الخافت في أعقاب نيران القصف المستعرة.
وعند سؤال أونداتجي البالغ من العمر 74 عاماً عما إذا كان عمله الأخير قصة حرب، يقول إنه لم يكن يرغب بالفعل أن تحكي روايته قصة الحرب العالمية الثانية، أو أن تصنف كرواية حرب. ويضيف مجيباً محدثته ديبورا دونداس من موقع «ذا ستار» الكندي بأنها كانت أقرب إلى استعراض الوضع الداخلي بطريقة ما.
وبما أن نهايات الحروب غالباً ما تكون مخادعة، تعتبر الرواية عموماً أمراً إيجابياً، إذ إنها جاءت لتحكي عن الحرب دون التنبيه إلى أنها فترة عقد الصفقات وتوقيع الاتفاقات، وأنها نوع من القفزة من زمن الحرب إلى زمن السلم مع كل ما ينطوي عليه الأمر من خفايا.
ذكريات ضبابية
ولفت أونداتجي إلى أن الذكريات في رواياته تختبئ خلف الأحداث ولا تظهر بصورة واضحة للعيان، وكأنها تخبو أو يحجبها الضباب المتكرر، إذ يصبح الماضي حينها بحكم الضياع، إلى الجانب الأثري اللصيق بشخصية الكاتب فيه. ويعتبر أنه إذا تعمّق كثيراً في معرفة الثيمة أو الفترة الزمنية فالمحدودية ستكون له بالمرصاد، وسيكون محتجزاً داخل إطار محكم. في حين يسمح السير بالاتجاه المعاكس مع بعض الشخصيات بأن يبقى الكثير مجهولاً طي الكتمان، ويتيح بالتالي الفرصة للاختراع وللغوص بشكل أعمق.
وانتقالاً من الشخصيات إلى المدن، يلاحظ أن أونداتجي يبث من خلال رواياته الحياة في تاريخ المدن، بدءاً من نيو أورلينز في «النجاة من المذبحة» مروراً بتورونتو في «في جلد أسد»، وصولاً إلى لندن في «ضوء الحرب». وعن سبب اختيار لندن يشير إلى أنه عاش فيها خلال مرحلة المراهقة وأنه يعرف الأماكن فيها جيداً.
ولطالما جذبت اهتمامه الأسرار التي تختفي وراء المشهدية الواضحة، سواء في نيو أورلينز أو في تونرونتو، حيث «الموقع ومكان وقوع الأحداث يحتل أهميةً جوهريةً لي، ويصنع لي أرضية انطلاق ونقطة اتصال، حين أضع روايةً على ما أعتقد. المكان والزمان هما الشيء الحقيقي الذي أمضي معه. ومن هناك أستطيع البدء بالبحث».
ويولي أونداتجي أهمية كبرى للبحث في تاريخ المكان وجغرافيته، والغوص في تاريخ القرى والعادات والطبخ، وإلى ما هنالك من أمور يعتبر أنها تؤسس لحلقة الاتصال. وبالرغم من انطلاقه من عاملي المكان والزمان، يعترف مايكل بأنه لا يعرف الكثير عن تسلسل خط الأحداث في روايته.
وخلافاً لروائيين كثر يعلمون كل شيء عن الرواية قبل أن يبدأوا بكتابتها فهو ينتمي إلى فئة الذين «يكتشفون الكتاب أثناء الكتابة وخلال عملية التهادي، حيث يصحب على الطريق الشخصيات التي تبدأ بالتبلور شيئاً فشيئاً».
شخوص مبتكرة
وعن مدى استقائه من تجربته الخاصة في اختراع شخصية ناثانييل، بطل رواية «ضوء الحرب»، يقول: «يعتبر ناثانييل أقرب إلى الشخصية المخترعة، وإنه يثير اهتمامي. معظم الشخصيات التي أكتب عنها هي محض اختراع، ولا تستند بالمطلق إلى شخص محدد.
أعتقد أن ذلك يحدّني ككاتب». لذا، كما يؤكد أونداتجي، فإنه حين يشرع بكتابة رواية تضم شخصيةً كناثانييل، فإنه لا يعرف الكثير عنها بل يأخذ باكتشافها تدريجياً مع تطور أحداث الرواية، علماً أنه توجد بعض الجوانب، لاسيما العاطفية، يمكن أن تكون ذات علاقة. وهكذا، وفق كلام أونداتجي، فإن ناثانييل ليس مايكل بأي من الطرق مع التأكيد بأنه «حين تكتب رواية ما فلا بدّ من أن تنجذب إليها، لاسيما من خلال ما تدركه وتلاحظه وتفكر به».
ولعل الأمر ينعكس جلياً فيما يدور في خاطر ناثانييل، بطل رواية «ضوء الحرب»، حين يقول: «لقد استغرقت وقتاً طويلاً لأتكل على الماضي وأتعلم كيف أعيد بناءه»، ويعلل ذلك بإضافة: «إذا ترعرعت في ظل الشكوك والمخاوف فإنك تتعامل مع الناس على أساس يومي لتكون بمأمن أكثر، بل على أساس الساعة. ولا تعود تشغل نفسك بما ينبغي عليك أو يفترض بك أن تتذكر عنهم. فأنت وحدك».
الأسرار والحيوات الخفية تظل طي الكتمان لفترة طويلة، وبعض الأحاجي لا تبصر النور مطلقاً، وبعضها يبقى ضائعاً في الظلام، حيث الراوي يتلمس طريق العودة على طريق شبه مضاء.
كتابة
كما في العديد من أعمال أونداتجي تضطر ذوات البالغين لأن تشهد مجدداً على أحداث الطفولة وأن تستخلص كيف ولماذا جعلت منها التجارب الأولى ما هي عليه اليوم. وتتجه الأمور نحو طرح السؤال الأهم حسب قول مايكل الذي يقول: «هل نصبح في النهاية ما كان مقدراً لنا بالأصل أن نكون؟».
يذكر أن لأونداتجي مجموعة قصائد شعرية منشورة بعنوان «الكتابة بخط اليد» وأنه يعتاد الانطلاق في رحلة كتابة الروايات بخط يده، لذا كان لا بد من السؤال عما إذا كانت المسألة تشكل مفتاح العملية العبقرية، حيث شرح مؤكداً الأمر.
وأضاف بأنه لا يعتقد أن باستطاعته أن يؤلف كتاباً باستخدام الآلة الطابعة أو الكمبيوتر، وقال: «لا بدّ لي من التدوين، وهناك الكثير من المسودات الموجودة بخط يدي، ولا أشعر بأن في ذلك إبطاء لعملية الكتابة، لأني أدون بسرعة.
ويبدو الأمر أكثر طبيعيةً لي ويسعني أن أفكر على نحو أفضل خلافاً لما يحدث لي أثناء الطباعة، كما يتسنى لي أن أعود للجمل التي حذفتها إذا رغبت بذلك». لكنه من جهة أخرى يقول: «لطالما استمتعت بالنظر إلى تلك الكتب المخطوطة باليد على نحو يفوق تلك المطبوعة. وأرغب في الإطار المثالي للأمور بأن أنشر روايةً بخط يدي، لكن خطي فظيع، غير مقروء عصيّ عليّ شخصياً أحياناً».
نبذة
إنه مايكل أونداتجي، الشاعر والروائي الكندي الأصل الذي ولد في سريلانكا عام 1943، وأمضى سنوات المراهقة في لندن ويعيش حالياً في تورونتو. أونداتجي حائز على عدد من الجوائز العالمية أبرزها جائزة «بوكر» عن رواية «المريض الإنجليزي»، وجائزة «غيللر» عن «شبح أنيل».
على لائحة الأعمال الموقعة باسم أونداتجي عدد من السير الذاتية والروايات و13 ديواناً شعرياً وفيلماً سينمائياً. واشتهر من ضمن الروايات «النجاة من المذبحة»، و«في جلد أسد»، و«المريض الإنجليزي»، و«شبح أنيل»، و«رؤى الانقسام»، و«طاولة الهرة». وترجمت معظمها إلى العربية ولغات أخرى.

«المريض الإنجليزي» أفضل الكتب الفائزة بجائزة «مان بوكر»
أعلنت جائزة «مان بوكر»، أخيراً، أن رواية «المريض الإنجليزي» لمايكل أونداتجي، أفضل الكتب الفائزة بالجائزة. وجاء هذا الإعلان، خلال حفل نظمته الجائزة في مناسبة مرور 50 عاماً على إنشائها.. طبقاً لما ذكرته جريدة «إيلاف الإلكترونية»، نقلاً عن صحيفة «الديلي تلغراف».
ونالت رائعة أونداتجي «المريض الإنجليزي»، وهي قصة حب وصراع، تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية، جائزة مان بوكر الذهبية للرواية، بعد فوزها بأغلبية الأصوات في استطلاع لآراء الجمهور سنة 1992. وقد أُنتجت فيلماً في عام 1996، من بطولة رالف فينيس وجوليت بينوش، وفاز الفيلم بجائزة أوسكار.
9 آلاف وكان اختيار العمل ك «أفضل الكتب الفائزة» ب «مان بوكر»، حصيلة استبيانات متخصصة دقيقة، تنافست فيها أربع روايات أخرى، أي 5 مع "المريض الإنجليزي"، وذلك خلال الاستطلاع الذي أُجري على الإنترنت، بمشاركة 9000 شخص.
ولم يعلن منظمو الاستطلاع، الأصوات التي حصلت عليها كل رواية من الرويات الخمس، التي كانت كل واحدة منها تمثل عقداً من عمر الجائزة. ورسا قرار أعضاء لجنة الحكام على المفاضلة بين هذه الروايات الخمس، من بين 51 كتاباً فازت بجائزة بوكر، التي أسهمت في دعم الحياة الأدبية، وهي لكتّاب مهمين، مثل: إيان ماكيوان وأرونداتي روي وكازو إيشيغورو. ومثلت عقد السبعينيات من القرن الماضي في منافسات الروايات "في دولة حرة" للكاتب المولود في ترينيداد في. إس. نيبول ف.
أما عقد الثمانينيات، فمثلته "القمر النمر" للكاتبة البريطانية بنيلوب لايفلي. ورواية "وولف هول" للكاتبة البريطانية هيلاري مانتيل، ورواية "لنكولن في باردو" للكاتب الأميركي جورج سوندرز، العقدين الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين على التوالي. وعلق أونداتجي على نتيجة هذا الاختيار /‏الفوز: لم أعتقد، ولا حتى "لثانية واحدة"، أن كتابي هو الأفضل.
وأشاد بمخرج فيلم "المريض الانجليزي"، انتوني مينغيلا، الذي أشار إلى أن له دوراً في نتيجة التصويت. ملامح ومن جهتها، قالت الروائية كاميلا شمسي عضو لجنة الحكام، إن كتاب أونداجي، يجمع بين اللغة الاستثنائية والحبكة الملغَّزة والشخصيات الجذابة، بمن فيها ممرضة كندية وخبير هندي، بإبطال المتفجرات ولص تحول إلى جاسوس وعالم آثار مجري أرستوقراطي.
ولفتت شمسي إلى أن هناك الكثير من الكتب عن الحرب العالمية الثانية، التي تعتبر حرباً صالحة ضد الشر، ولكن أونداتجي يقول في روايته إن الحرب صدمة، وتفصل بين البشر على أساس دول، في حين أن هناك الكثير من الأسباب الأخرى للالتقاء بينهم.
وتجدر الإشارة أخيراً، إلى أن جائزة مان بوكر، أُطلقت عام 1969. وكانت تقتصر في البداية، على كتّاب بريطانيا وإيرلندا وبلدان الكومنولث فقط، ولكنها شرعت أبوابها في 2014، أمام جميع الروائيين الذين يكتبون باللغة الإنجليزية.

«ضوء» يجلو ظلام العالم ويتحدى الخراب
يعود مايكل أونداتجي في روايته السابعة «ضوء الحرب» بعد سبع سنوات من الابتعاد عن عالم الرواية، وإلى لندن بعد سنوات من هجران مرتع سنوات المراهقة، مستذكراً أيام الحرب في بريطانيا وتداعياتها المباشرة. ويخبرنا من بعيد، على لسان ناثانييل ويليامز، إحدى شخصيات الرواية، الرجل الإنجليزي الذي لا يتعدى الرابعة عشرة من العمر مع بداية الرواية يبلغنا مع بلوغه عامه التاسع والعشرين أنه حين ينظر إلى الوراء محاولاً جمع شذرات الماضي «يعود إلى تلك الفترة الماضية مسلحاً بالحاضر، ويدرك أنه مهما كان ذلك العالم مظلماً، فإنك لن تتركه غير مضاء. تصطحب ذاتك البالغة معك، ليس لتعيد عيش تلك المرحلة بل لتعاود الشهود عليها». يقول لنا بوضوح: إن «الحروب لا تنتهي، وإنها لا تبقى ذكرى ماضٍ قط»، ولا حتى في إنجلترا، حيث رسمت ميثولوجيا الحرب العالمية الثانية ملامح هوية الأمة وأمعنت في تشويهها.
خفايا وأسرار
تمتد وقائع «ضوء الحرب» في حقبة ما بعد العام 1945 في مدينة زرعت بالقنابل، ورزحت رغم النصر «تحت شعور الجرح وعدم الثقة بالذات». وطالعتنا بالراوي ناثانييل ضابط الاستخبارات البريطاني الشاب ونظرته في نهاية الخمسينيات، إلى قصف لندن وسعيه لاستيعاب حوادث «الإلغاء والإسكات» التي طاردت سنوات الطفولة المضطربة. ويذكر أن والد ناثانييل يعمل مديراً في شركة كبرى يغادر لتبوّؤ منصب رفيع في سنغافورة، بينما تختفي والدته روز لتشغل وظيفة العميلة السرية، وتترك القارئ يفهم شيئاً فشيئاً «غياهب وخفايا» عالم المخابرات.
وعلى هذا النحو، متحدراً من «عائلة تختفي وراء كمٍّ من الأقنعة» يترعرع ناثانييل وأخته المتمردة في ظل رعاية حراس غير رسميين يكسبون قوتهم بالعيش «على هامش القانون»، ويعرفون بأسماء مستعارة مثل «العث» و«قاذف بيمليكو»، وينقل هؤلاء جميعاً مناطق بطالتهم عبر فنادق لندن ومواقع التفجير في زمن «يتقلّص فيه حكم القانون وسيادة النظام».
ويتعلم ناثنييل كجاسوس ناشئ أن «يغيّر ألوانه كما الفراشات» حفاظاً على بقائه، فيما يتأمل حال الفوضى في أوروبا ما بعد الحرب، حيث تعمل والدته روز في الظلال. لكنه يخلص في نهاية المطاف إلى أن «هناك الكثير من الأمور التي لا تزال غير دفينة مع نهاية الحرب».
عوالم مظلمة
ويسلط أونداتجي الضوء على مشهدية متناثرة الركام من زوايا جانبية، حيث يتناغم النثر الإيقاعي مع مزاج الغموض والشك الذي يتناوب على تعذيب القارئ تارةً وإحباطه طوراً. ويعمد من خلال شخصية ناثانييل إلى إظهار الطفل الملاحظ على أنه نوع من العميل السري، ويعمل على تجميع الأجزاء المحيّرة المنتقاة من الحياة الخفية للبالغين. وتستكشف «ضوء الحرب» فيما تتكشَّف أوجه عمل روز على امتداد الرواية، بالتوازي مع الأعمال المستترة للعث ورفاقه، مهارة الاستخبارات البريطانية في الخداع والتضليل.
العوالم المظلمة والعتمة والمشاهد الليلية والنيران المشتعلة في الشوارع المطفأة ليلاً وساعة ما قبل الفجر «مع تحلل الليل» ومصابيح الصوديوم، والكتابة على ضوء الشموع والمباني الرمادية المنتشرة في لندن ما بعد الحرب، كلها مظاهر تطبع رواية تتدرج بين الجلاء والقتمة.
ويعرّي الكشف عن خفايا سنوات مراهقة ناثانييل ووالدته بعضاً من الأمور التي ظلت أسراراً من الماضي: كتلك الصناديق التي لا تحمل إشارات مثلاً، وملفات أرشيف الحكومة، وفي عقول وقلوب الناس كالعث والقاذف، وفي حطام أوروبا ما بعد الحرب. وتسلط أبحاث ناثانييل وتقديراته الضوء على الحرب، لكن كما أضواء الحرب البرتقالية الخافتة التي تنير الأنفاق تحت الجسور في فترات انقطاع الكهرباء، فإنها تبقي معظم الأشياء في العتمة، أو في أفضل الأحوال في سديم مضاء بإشراقها الخاص.
يترك لنا أونداتجي رواية جميلة الحبكة بجمل تتجه نحو الهدف كالسهم. ملاحظاته تروي قصة مغامرات وألغاز تتنافس على إيجاد الإجابات التي يأتي بعضها جاراً معه أسئلة أخرى لا تقل حيرةً وإذهالاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.