وكيل تعليم الغربية: ضرورة التسجيل الالكتروني للغياب بصورة يومية    الآن.. انطلاق تنسيق الثانوية الأزهرية للقبول بالجامعات والمعاهد العليا    استمرار التسجيل للساعات المعتمدة لمدة أسبوعين بجامعة قناة السويس    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2025 لخدمة العملاء.. متاح الآن بدون خبرة    إحالة 9 من العاملين المقصرين في عملهم بالشرقية للتحقيق    «حبيب الطلبة».. وفاة مدير مدرسة في طابور الصباح في أبوتشت    لليوم ال 22.. التموين تواصل صرف مقررات سبتمبر وتنتهي من 85%    ثروت الزيني: تراجع أسعار الدواجن بنسبة تصل إلى 35%    محافظ الغربية: إجراءات رادعة لسائقي الميكروباص المستغلين داخل طنطا    عبر «منصة مصر العقارية».."الإسكان" تستعد لطرح المرحلة الثانية من 400 ألف وحدة سكنية أكتوبر المقبل    «الري»: غلق 82 بئرا جوفية شديدة الملوحة في واحة سيوة.. وحفر بدائل من العذبة    7.2 مليون طن.. وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية رقمًا جديدًا    «الإحصاء»: 20.9% انخفاضًا في العاملين الأجانب بالقطاع الحكومي خلال 2024    ارتفاع التبادل التجاري بين مصر ورواندا إلى 216 مليون دولار خلال 2024    خبير سياسي: اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين يشكل خطوة مهمة    رئيس سنغافورة يشيد بجهود مصر في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين    الحكومة الألمانية: يجب ألا تضم إسرائيل أي أراضٍ فلسطينية أخرى    مجلس حكماء المسلمين يدين بشدة استهداف مسجد في شمال دارفور    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة بيراميدز وأهلي جدة بكأس الإنتركونتيننتال    موعد مباراة الأهلي وحرس الحدود الدوري المصري    منتخب مصر للشباب مع نيو كاليدونيا في الأخيرة النهائية للمونديال    مع إجراء اتصالات مكثفة .. الأهلي يرفع سقف التعاقد مع المدرب الأجنبي الجديد ل 4 ملايين يورو    منذ قليل .. وصول أحمد مصطفى زيزو اتحاد الكرة لحضور جلسة الاستماع فى شكوى الزمالك    مجلس إدارة الزمالك يجتمع اليوم لحسم العديد من الملفات المهمة    الداخلية تداهم بؤر إجرامية وتضبط 1.2 طن مخدرات ب125 مليون جنيه    «هزار» يقود 5 أشخاص للزنزانة.. ماذا فعلوا؟    مصرع فتاة وإصابة 6 في تصادم ميكروباصين بطريق العوايد بالإسكندرية    «الداخلية» تضبط تشكيلا يضم شخصين و3 سيدات بتهمة الترويج للأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    ضبط 6000 علبة جبنة منتهية الصلاحية في مخزن غير مرخص بالأقصر (صور)    حكم قضائي جديد ضد "كروان مشاكل" في واقعة سب وقذف ليلى الشبح    في 24 ساعة.. «الداخلية»: ضبط 100 ألف مخالفة مرورية و120 حالة قيادة تحت تأثير المخدرات    مصرع فتاتين سقطتا من شرفة منزلهما بمدينة الخصوص    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم حنان مطاوع    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكشف عن لجان تحكيمه    نشر الان- صورة رئيسية واحدة والبوم صور- سيكشن الموضة    وفاء عامر تكشف " لبرنامج كلمة أخيرة " سر دخولها عالم التيك توك وعلاقتها باللاعب شيكا .. اعرف التفاصيل    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    وزير الأوقاف يشهد احتفال نقابة الأشراف بالمولد النبوي الشريف    العوارى: ما يحدث للأبرياء من تدمير منازلهم لا يمت بصلة للأخلاق التي جاء بها الأنبياء جميعا    طب قصر العيني تنظم المؤتمر ال26 لقسم النساء والتوليد    مستشفيات جامعة القاهرة تجري 54 ألف عملية جراحية ضمن قوائم الانتظار    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي ودار المسنين بتلا    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    تحذير من أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية    أمير كرارة: "الشاطر" وضعني في منطقة مختلفة.. ومصطفى غريب مش بني آدم    خلال جولته بالسويس.. وزير العمل والمحافظ يسلمان 81 عقد عمل للشباب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    موعد أذان الظهر ليوم الإثنين ودعاء النبي عند ختم الصلاة    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    خلال لقائه مع نظيره الكويتي .. وزير الخارجية يؤكد رفض مصر القاطع لأي محاولات للمساس بأمن واستقرار الخليج    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    6 للرجال ومثلها للسيدات.. الجوائز المقدمة في حفل الكرة الذهبية 2025    ما حكم تعليق صور المتوفى تلمسًا للدعاء له بالرحمة؟.. دار الإفتاء توضح    سانشيز: إسبانيا قادت الاعتراف بفلسطين ودول كبرى تنضم لدعم حل الدولتين    وفاء عامر: بنيت مسجدًا من مالي الخاص ورفضت وضع اسمي عليه    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بول إيلوار .. المُعقد الصعب المقرون بشدة التركيز
نشر في نقطة ضوء يوم 01 - 05 - 2018

في الشعر، وفي ظل ظرفٍ ما يختلط العام بالخاص خصوصاً في تلك التي تسمى الوقائع الكبرى. ولاشك أن الشعر حين يُراد به أن يصل لذروته يمهد إلى الخلق المجرد من موروث ما، وهو غياب كلي وشامل لدى البعض من الشعراء عن ما ذكرناه من تسميتنا للوقائع الكبرى والعظيمة، ولعل أقرب مثال على ذلك السيرة الذاتية للشاعر الفرنسي بول إيلوار، وما تركه من منتج شعري وصف النقاد الكثير منه بالمعقد والصعب والمقرون بشدة التركيز.
لقد تنحى إيلوار بشعره عن مفهوم المزاوجة بين الأحداث فجعل لكل فكرة خصوصيتها على صعيد الحدث المؤثر في لحظة الخلق الشعري، أي أنه أقام بدون أن يعلم نظاما رقابيا على مخيلته ووعيه، يكون فيه اللاوعي هو الجهة المنفذة لذلك النظام الرقابي، والذي أعطى فيه للوقائع المرئية استحقاقاتها، وللذاتي غير المقترن إلا بحدث الخيال هو الأخر استحقاقاته التي تتوجب ضمن دائرة مخفية من متطلبات الحاجة للحب والحياة.
شهد بول إيلوار الحرب العالمية الأولى وأمضى سنوات ثلاث (1915 – 1918) مقاتلا عاش تأثيراتها المباشرة، وأصيب لمرات عديدة وكان أخطرها حين أصيب بتسمم من غازاتها المدمرة، وقد أنهك جسديا وفكريا، وتأمل هذه الحرب بما يملك الشاعر والإنسان من قوة العاطفة والإحساس، وكذلك من عدم التوازن بين أمرين: كراهية الحرب وبشاعتها أمام الواجب المقدس الذي يقتضي على المرء فيه الدفاع عن الوطن، وبالتالي فلا بد من نتيجة ما، والنتيجة هي كراهية ما يمس وجود الإنسان، كيانه كحياة ومشاعره المرتبطة بحياته تلك.
وقد أرّخ إيلوار هذا المفهوم المقبول والشرعي والمتناقض في كتابه "الواجب والقلق:، ونعتقد ولا شك أن القلق قد انتصر على الواجب لأنه كشاعر وليس كمؤرخ يعتقد بأن ليس بالضرورة أن تقوم الحروب، ولا بد من عمل شيء ما لمنع إندلاعها، عمل شيء ما لإيقافها إن إندلعت.
تجاه هذا الرأي وهذا الرفض والكره للحروب كتب في عام 1918 "قصائد للسلام " والتي زخرت بالتذكير بالمشاهد المروعة وويلات وطغيان سادة الحرب للوصول بأي ثمن إلى "النصر" الذي يعني لدى المتحاربين المزيد من القتلى والمزيد من المشردين والمزيد من الخراب.
لقد تعمقت فلسفة إيلوار الشعرية بعد إنتهاء الحرب الأولي وما أحدثته هذه الحرب في ظهور تيارات فكرية وأدبية، كان لها الأثر الكبير في ظهور تيارات الحداثة الأدبية، لذلك لم يجد إيلوار مناصا من الإنضمام الى الحركة الدادائية ثم السريالية، إذ وجد فيهما المتنفس المطلوب للتمرد وتدمير الذات، وإعادة صنعها من جديد فكتب من أروع ما كتب من القصائد التي تناولت مناخات فترة الحرب وعنون هذه المجموعة ب "الموت من عدم الموت 1924 ".
كذلك وتحت الإنغماس حد القاع بتجربته الجديدة، وتحت الظل المعاكس للحرب كتب أجمل قصائد الحب حين بدأ برحلة طويلة في شرق أسيا ولعل "عاصمة الأمل 1926" هي ذروة نتاجة لوجه الحياة الطبيعي المعبر عنه بالسلام والحب المعبر عن الوجود والتي كتبها بلغة مليئة بالتغريب والتباعد:
كراية ضائعة
أجرُكِ .. عندما أكون وحيداً
في شوارع باردة
حجرات سوداء
وأصرخ في عذاب
لا أريد أن أتركهما ..
يديك الواضحتين العسيرتين
المولودتين في مرآة يدي المقفلة
إحفري الأرض تحت ظلك
ماء بالقرب من النهدين
يغرق الإنسان فيه
كالحجر ..
مرة أخرى وبعد ذلك الإنقطاع عنها تعود تأثيرات الحرب على طرائق تفكيره، وعلى شعره ونتيجة للحرب الأهلية الإسبانية فقد اضمحل في نفسه تمرده الفردي الذي توهج أثناء إنتمائه للحركتين الدادائية والسريالية، ليطرق باب الهَمّ الجمعي والمنظم.
ولاشك أن هذا المفهوم الجديد يتناقض كليا مع تلك الأفكار التي إعتنقها إيلوار من تلك الحركتين لتحدث القطيعة النهائية ما بينه وبين الحركة السريالية، بل إنه ومع قيام الحرب العالمية الثانية إتحد تماما مع مفهوم "الفن للحياة" وهو تطور جديد وانسلاخ شامل من مفاهيمه السابقة، إذ رأى كما عبّر هو عن ذلك أن الشعر يستطيع أن يكون إحدى وسائل التحرير، الأمر الذي دفعه للالتحاق بفصائل المقاومة الفرنسية ضد الإحتلال الألماني لتستمر حياته من حرب لحرب ومن مأساة لأخرى. ولعل ما يُحفظ له عن تلك الفترة التي بصددها نحن الآن هي قصيدته المعروفة ب "الحرية" وكانت بمثابة نشيد وطني للشعب الفرنسي لما تزخر فيه من روح تواقة الى التحرر والحرية واحترام سيادة الدول الأخرى وشعوبها.
إن القدر الأعظم مما كتب لتلك الفترة هو شعر المقاومة الشعر الذي يمجد ويرثي ويُذكّر وبأسلوبية واضحة وصارمة:
الليلة التي سبقت موته
كانت أقصر ليالي حياته
وفكر أنه مازال حيا
فالتهب دمه في قبضته
ثِقل جسده أضجر قوته جعلته يئن
في قلب هذا الرعب
بدأ يبتسم
لم يكن له مقاوم واحد
بل ملايين
كان يعلم أنهم سيثأرون له
ثم أشرق عليه النهار
ومسّ جفونه الشفافة النائمة
إن تجربة إيلوار الشعرية رغم تخصص اتجاهاتها وعدم مزاوجة هذه الإتجاهات مع بعضها، حافظت على نقائها في الإتجاهين ضمن مفهوم مطلق عبّر من خلاله عن حاجة الإنسان للآخر عبر ذلك الخيط السري الذي ينقل مشاعر بعضنا للبعض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.