الفن في حيزه الآخر تأمل وذهاب للشواسع قولا بالفكرة الجمالية تحشد حواسها في ضروب من التعاطي المبتكر مع العناصر والأشياء والتفاصيل والما يعج بالنظر والتأويل. واللون هنا مجال للاحتفاء بالذات وهي تبرز أشجانها وذكرياتها وأحاسيسها عند وقوفها تجاه الأمكنة وجمال المشاهد والورود بما تحمله في شذاها من رسائل ووسائل فيها الود والمحبة للآخرين. هذا هو نهر المحبة الذي ينحت مجاريه في الصخر ويرسم مداه في رحلة الحياة. وسفر الجمال. إنها ومضات الطفولة التي تينع بالذكرى والفن حمال ذكريات وتواريخ وحنين. دليلة العيادي هذه الطفلة الطافحة بالشجن في هذه الرحلة المعنونة بالرسم واللون تستعيد حوارها الجمالي مع الأشياء التي انطبعت من خلالها شخصيتها في هذا الاحساس النبيل وبه حيث اللوحة ترجمان بهاء وود يحتاجه الانسان في ليل خطاه.. في هذا التراكم المربك من الأحداث والتداعيات المريبة. وما عساه يفعل فنان هذا الزمان غير القول بانتصار الوردة على السكين. هكذا ارتأت الفنانة التشكيلية دليلة العيادي تأكيد نهج المحبة من خلال هذا المعرض الذي يندرج ضمن حضورها النوعي عبر المشاركات في المعارض الجماعية الى جانب معارضها الفردية. بفضاء المكتبة المعلوماتية باريانة حوالي 50 لوحة فنية لدليلة وفي مساء السبت 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري كان الافتتاح لمعرضها الخاص بحضور عدد كبير من الفنانين ونشطاء الفنون التشكيلية وأحباء فنها وزملائهان ويتواصل معرض تأملات فنية الى غاية يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الجاري. المعرض انتظم تحت عنوان "تأملات فنية" حيث تحلت جدران الأروقة للمكتبة المعلوماتية بادارة ليلى السالمي بعدد من أعمال الفنانة دليلة العيادي التي تنوعت لتتوزع على المشاهد والأمكنة والطبيعة الجامدة والورود والباقات وغيرها في حيز من مهارات الرسامة دليلة التي أعطت الألوان جانبا من تخيرها لتبرز اللوحات بتلك البصمة الفنية التي عرفت بها الفنانة من خلال ما تقدمه من أعمال فنية مختلفة. أبواب المدينة بجمالها وأصالتها والمعمار بألقه التونسي وعراقته والأشجار والأنهار والمشاهد منها المرأة بالسفساري بالمدينة ما إلى ذلك. مشاهد وحالات وعراقة وغيرها تدعو جميعها زائر المعرض الى السكون والتأمل والسفر مع رحلة فيها الكثير من الجمال والنوستالجيا والبوح. في رواق المكتبة المعلوماتية باريانة تحضنك بكثير من البوح والجمال لوحات الفنانة التشكيلية دليلة العيادي يسرد عليك حيزا من مسيرة فنانة ترسم في صمت وتتفانى في تقديم فنها المأخوذ بالجمال لنجد عوالم وتفاصيل الورود وأزقة المدينة العتيقة وأجواء سيدي بوسعيد وحضور مشاهد من الريف والبادية والبهاء الملون للطبيعة الساحرة فيها الى جانب عوالم المرأة في حالات شتى بين العزف والكد والعمل المضني مع حضور مشاهد لمدن وتحف يونانية هي العبارة التشكيلية التي تعود بها الفنانة دليلة لجانب من ينابيع الطفولة وأصولها اليونانية. معرض "تأملات فنية" للعيادي فسحة باذخة من الوجد والحنين والتذكر ضمن عنوان التأملات حيث الفن في لون من ألوانه ذاك السفر في المكان ليتجول القلب حيث الجسد يقف مأخوذا بسحر القول والمعنى. تأملات في زمن العولمة والتحولات والأحداث الكبرى. لعبة الفن الأنيقة قولا بالهوية والانتصار لمبتكرات الذات، الذات في حلها وترحالها المحفوف بالشجن والذكرى.