في فضاء متخم بالعنصرية والتعصب والسياسة، تتفجر قصة حب رومانسية أبطالها رجل أسود وامرأة بيضاء، وهي القصة التي اختارتها المخرجة البريطانية من أصول افريقية أما اسانتي، لمعالجة موضوع العنصرية، في فيلمها «مملكة متحدة» (A United Kingdom)، لتعيد فيه المخرجة تكرار حكايات العنصرية، التي قتلتها السينما العالمية بحثاً وتصويراً. في هذا الفيلم لم تأت اسانتي بأي شيء جديد، سوى اعتمادها على وقائع حقيقية تعود إلى عقد الأربعينيات يلعب بطولتها شخصيات نمطية بحته، رسمت سوزان ويليامز ملامحها في كتابها «كلر بار»، وتولى السيناريست غاي هيبرت صياغة خطوطها الرئيسية. خطوط الفيلم الرئيسية، لا تكاد تختلف كثيراً عن قصة فيلم «لافينغ» (2016) للمخرج جيف نيكولز، مع الفارق أن قصة الحب في «مملكة متحدة» تدور بين الشاب الأسود سيريتسي خاما (الممثل ديفيد اويلو) ملك شعب بانغواتو في بوتشوانا لاند (التي تسمى حالياً بوتسوانا) وأول رئيس لجمهورية بوتسوانا لاحقاً، مع فتاة انجليزية تدعى روث ويليامز (الممثلة روزاموند بايك) وهي ابنة موظف تأمين (الممثل نيكولاس ليندهيرست) كانت تعمل كاتبة طابعة في أواخر الاربعينيات، ويقرر الحبيبان تحدي التقاليد السائدة والزواج، لتتحول قصتهما بذلك إلى أزمة سياسية، تشهد تدخل الدبلوماسيين في المملكة المتحدة وجنوب افريقيا التي ترى في هذه القصة تهديداً لسياسة الفصل العنصري التي كانت تعتمدها. عملية الرفض تنسحب أيضاً على شعب بوتشوانا لاند، الخاضع للحماية البريطانية، بتحريض من خال سيريتسي الوصي على العرش، فكان مصير سيريتسي الإبعاد عن البلاد، والفصل بين الزوجين، ليتمكن سيريتسي في النهاية من العودة إلى وطنه وقيادة شعبه مجدداً نحو الحرية. مشكلة الفيلم لا تكمن فقط في طبيعة قصته وأحداثه، وإنما في تركيز المخرجة اسانتي على طابع القصة الرومانسي، ومحاولتها إضفاء مسحة مثالية على الشخصيات، من دون التوغل فيها وتحليلها، ما قدم لنا شخصيات ذات طابع نمطي بحت، وسبب ذلك هو انشغال المخرجة في محاولة تقديم سرد مشوق لأحداث ميلودرامية، سعت من خلالها إلى جذب المشاهد وتعاطفه، وهو ما لم تنجح فيه، خاصة وأن هذا النوع من القصص عولج في أعمال كثيرة، أخرها فيلم «لافينغ»، مع الفارق أن قصة «لافينغ» تدور بين رجل أبيض وسيدة سوداء، وأحداثه تقع في أميركا. وبلا شك أن تركيز اسانتي على أداء الممثلين، قلل من اهتمامها بجماليات الصورة والكوادر، وهذا يتضح في المشاهد الخارجية التي صورت فيها طبيعة أفريقيا، في حين أن مشاهد بريطانيا اقتصرت على الأماكن الداخلية. اسانتي لم تكن الوحيدة التي اصطدمت ب «مطب النمطية» في هذا الفيلم، وانما انسحب ذلك أيضاً على بطله الممثل ديفيد أويلو، الذي يظهر في الفيلم مدى تأثره بشخصيته التي قدمها في فيلم «سيلما» (2014) للمخرج آفا دوفيرناي، حيث جسد دور مارتن لوثر كينغ، وذلك يتضح من خلال النبرة الخطابية التي اعتمدها في هذا الفيلم والتي تشبه إلى حد كبير ما قدمه في «سليما» الذي رشح لجائزة الأوسكار آنذاك، وفاز بواحدة فقط، بينما نجد أن الممثلة روزاموند بايك تفوقت في أدائها على ديفيد أويلو، فقد استطاعت أن تقدم أداءً متنوعاً، فتارة بدت قوية وصلبه وتارة أخرى ظهرت هشة وضعيفة لا تجيد التصرف، كما تمكنت في الفيلم من ابراز قدرتها على تقديم مشاهد تحمل لمسة كوميدية، كما في مشهد تقليدها لطريقة الملكة اليزابيث في التلويح، وارتدائها القفازات بطريقة خاطئة.