أكد د . شاكر عبدالحميد وزير الثقافة على أن "اجتماعنا اليوم هو أكبر رد على كل تلك المحاولات والتقولات التي تحاول أن تقلل من قيمة الكاتب المبدع العبقري نجيب محفوظ، وأن هذا التجمع الرائع أكبر رد على هذه الأقوال الخارجة عن الزمان والمكان التي انتقدناها وسنستمر ننتقدها". وأشار إلى أن نجيب محفوظ بدأ مشوار حياته ب 21 فكرة عن 21 رواية كانت في أدراجه، في كل مرة يظهر فكرة ليكتب عنها رواية، فهو من أصحاب الأسلوب المعرفي المتأمل الذي يتأمل في كثير من الواقع وينتقي بعض مكوناته بهدوء ثم يكتب عنها بهدوء في رؤية عميقة، وبدون هذا التأمل لا يمكن لمحفوظ أن يحصل علي نوبل. جاء ذلك في افتتاح عبدالحميد لحلقة بحثية بعنوان "نجيب محفوظ في السينما والتلفزيون" والتي أقامتها لجنة السينما برئاسة المخرج سمير سيف بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة والتي تستمر حتي 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بحضور كل من ممدوح الليثي والفنان سمير حسني وهاشم النحاس المشرف على حلقة البحث ولفيف من كبار الفنانين ونقاد السينما والمخرجين، الى جانب حشد كبير من الاعلاميين والصحفيين المهتمين بالشأن السينمائي. ورحب وزير الثقافة برموز الأمة وبعقولها المستنيرة ونقادها ومخرجيها وفنانيها الكبار الذين يحاولون دائما المحافظة على استمرارية الجانب المضئ في هذه الأمة. وأضاف د. شاكر عبدالحميد أن محفوظ كتب سيناريوهات عن السينما وأُخِذت عن أعماله أعمال كثيرة، قُدِمت للسينما المصرية والعربية والعالمية، وكان هذا الأديب يتميز بالقدرة أو الملكة أو ما نسميه التفكير البصري الذي يتجول في الواقع ويرصد تفاصليه وينتقد أبرز ما فيه ثم يحوله الى مادة إبدعية خصبة ممتعة ومفيدة لخيال المتلقي سواء كان في مجال الأدب او السينما أو في التليفزيون، كما أضاف أن الدراسة السيكولوجية لدى بعض المبدعين تميز بين نوعين من الأساليب المعرفية، وهما إما أن تكون من أصحاب الأسلوب المعرفي التأملي أو المندفع، فقد كان نجيب محفوظ من أصحاب الأسلوب المعرفي المتأمل. بينما مبدع مثل يوسف إدريس كان من أصحاب الأسلوب المعرفي المندفع، وليس في كلمة مندفع أي تقليل من شأن أو قيمة إنقاصية، فقد كان إدريس يلتقط المعلومات من الواقع ثم يكتبها بشكل سريع. وأشار عبدالحميد إلى أننا يمكن أيضا أن نميز حتى في الموسيقى بين بيتهوفن وموتسارت، بيتهوفن كان أقرب الى المتأمل، أي يتامل في موضوع حتى يكتب موسيقاه، أما موتسارت كان يلتقط الألحان كما لو كان يقطفها من الهواء ويحققها .. ان محفوظ كان يكتب الرواية في المقام الأول ولكنه كتب أيضا في القصة القصيرة، وكان مجددا في الرواية والقصة القصيرة معا. وركز سمير سيف على تأملين عن نجيب محفوظ الأول التأمل البصري حيث بدأ محفوظ الكتابة في السينما في نفس الوقت الذي بدأ فيه الكتابة الأدبية. ولذلك أثرت حرفته السينمائية في كتاباته الأدبية، كما أثرت موهبته الأدبية في كتاباته السينمائية، والتأمل الثاني تواضع ومهنية نجيب محفوظ، فقد كان يكتب السيناريو دون الحوار لأنه من وجهة نظره (محفوظ) لم يكن متمكنا في كتابة الحوار، كما يكتب السيناريو، ولذلك لم يستخدم في روايته كتابة الحوار باللغة العامية، وكان محفوظ لا يجد غضاضة في كتابة سيناريوهات لقصص زملائه الأدباء كما كتب لاحسان عبدالقدوس سيناريو "الطريق المسدود"، و"أنا حرة" كما أشار إلى أن كتابة محفوظ لسيناريو فيلم "فتوات الحسينية" كانت بداية اهتمامه بعالم الحرافيش. وقال المخرج هاشم النحاس إنه عندما باع ناشر نجيب محفوظ حقوق طباعة كتب محفوظ في الوطن العربي أدى لخسارة نجيب محفوظ حوالي مليون دولار، إلا أنه رفض مقاضاة ناشره، فهذا يبين أحد مفاتيح شخصية نجيب محفوظ، فقد كان يحلم بمجتمع مصري تسوده العدالة والحرية والعلم والقيم السامية التي جاءت بها كل الأديان السماوية، فهذا يدل على البعد الفكري الذي يدعم كل هذه المبادئ السامية وهو رد قوي وعلمي لبحث محفوظ من الأدب والسينما. ثم قام بتوجيه الشكر للدكتور عماد أبوغازي الذي رحب بموضوع المؤتمر ودعمه وأكمل مسيرته د. شاكر عبدالحميد رغم كل الظروف التي تحيط بالإمكانات المادية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. وأضاف النحاس بأن اهتمامنا بالأديب نجيب محفوظ لا يرجع إلى أن أعماله التي تحمل اسمه هي الأكثر من أعمال أي أديب آخر وان كان في ذلك مؤشرا للتميز وانما يرجع الى أن هذه الأعمال خلقت اتجاها في السينما والدراما التلفزيونية، ما حقق نقلة نوعية للأعمال الفنية في هذين الوسطين، وقد كان يحب كل الشخصيات التي كتب عنها حتى تلك التي أخطأت في حق نفسها أو حق المجتمع. أعقب ذلك جلسة بحثية اشتملت على محورين الأول بعنوان "نجوم السينما في سفينة نجيب محفوظ" والثانية بعنوان "تجربتي في أداء شخصية إبراهيم شوكت في ثلاثية نجيب محفوظ" ألقاها الفنان د. فاروق الرشيدي وأدارها د. عبد المنعم تليمة، بالإضافة لعرض فيلم فيديو "ثلاثية نجيب محفوظ" للمخرج يوسف مرزوق.