نائب يطالب الحكومة بسرعة إنهاء رفع الحراسة عن نقابة الصيادلة    منافسة علمية داخل جامعة بني سويف الأهلية    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    أسعار الذهب تتراجع 3% بعد اتفاق أمريكا والصين على خفض الرسوم الجمركية    وكالة تابعة لحزب العمال الكردستاني: الجماعة قررت حل نفسها وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    سلاح الجو الأوكراني: روسيا أطلقت 108 طائرات مسيّرة خلال الليل    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط قضية غسيل أموال ب150 مليون جنيه    ضبط 50 طن قمح بمخزن حبوب غير مرخص بالباجور    اليوم العالمي للتمريض.. «الرعاية الصحية»: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الشامل    5 أسباب تدفع مرضى القلب لشرب الزنجبيل    هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    رسميًا.. أورلاندو بايرتس يعلن رحيل خوسيه ريفيرو من تدريب الفريق    إعلان الجوائز.. ختام مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية- صور    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    الاتحاد ينتظر الحسم.. جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباراة الهلال والعروبة    «وزير الخارجية» يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    التخطيط القومي يعقد برنامجا تدريبيا للإعلاميين حول مهارات قراءة وتحليل التقارير    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده في مشاجرة بطوخ لجلسة أغسطس المقبل    مدير مزرعة يشرع في قتل عامل بالشيخ زايد    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    وزير الإسكان: تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع «جنة» للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    عرض ومناقشة فيلم "سماء أكتوبر" في مكتبة المستقبل    هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إسرائيل ستوفر ممرا آمنا لإطلاق سراح عيدان    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي «الطائر الأزرق»    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    رئيس مياه القناة: حملة مكثفة لأعمال تطهير وصيانة بيارات المحطات وشبكات الصرف الصحي    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    شون وصوامع المنيا تستقبل 266 ألف طن من القمح ضمن موسم توريد 2025    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المصرية خلال تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    جنوب سيناء.. فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يرصد مخالفات بمستشفى دهب    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    استمرار الموجة جديدة الحرارة بالأقصر.. والعظمى 42    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    السعودية تواجه الأردن وديًا استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    رياضة ½ الليل| انتصار الطلائع.. عودة عواد.. البارسا يطيح بالريال.. وتطور أزمة زيزو    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص صدرت رغماً عن نجيب محفوظ
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 09 - 2016

يعد نجيب محفوظ من أكثر الكتاب العرب- وربما العالميين- غزارةً في إنتاجه الأدبي، هو الذي كتب نحو خمسة وأربعين عملاً، من بينهم تسعة عشر مجموعة قصصية هي «همس الجنون» 1938، «دنيا الله» 1962، «بيت سيء السمعة» 1965، «خمارة القط الأسود» 1969، «تحت المظلة» 1969، «حكاية بلا بداية وبلا نهاية» 1971، «شهر العسل» 1971، «الجريمة» 1973، «الحب فوق هضبة الهرم» 1979، «الشيطان يعظ» 1979، «رأيت فيما يرى النائم» 1982، «التنظيم السري» 1984، «صباح الورد» 1987، «الفجر الكاذب» 1988، «أصداء السيرة الذاتية» 1995، «القرار الأخير» 1996، «صدى النسيان» 1999، «فتوة العطوف» 2001، «أحلام فترة النقاهة» 2004. وهذا إن دلّ فعلى انشغاله الدائم بالقصة القصيرة، بدايةً من أول قصة نشرها مطلع ثلاثينات القرن العشرين في مجلة «السياسة» بعنوان «فترة من الشباب»، وصولاً إلى آخر قصة نشرها قبل رحيله بعامين فقط «أحلام فترة النقاهة». ولكن، على رغم هذا الكم من الإصدارات الخاصة بالقصة القصيرة، فاجأنا الناقد والباحث الأدبي محمود علي في كتابه «قصص نجيب محفوظ التي لم تنشر» (الهيئة المصرية العامة).
يشتمل الكتاب على أربعين قصة قصيرة نشرت في مجلات (السياسة، مجلتي، المجلة الجديدة، والرواية، الساعة 12)، وذلك في الفترة من 1932 حتى 1948 لكنّ نجيب محفوظ لم يشأ نشرها في كتاب، بل إنه كان مستاء من رغبة صديقه عبدالحميد جودة السحار في نشر مجموعة قصصية له بعدما تحقق ككاتب روائي، وذلك وفق ما جاء في المقدمة التي أعدها محمود علي، مستشهداً بما قاله عبدالمحسن طه بدر في كتابه «نجيب محفوظ ... الرؤية والأداء». وبعدما ألحّ السحار عليه، اضطره أن يحضر كل أعداد المجلات التي نشر فيها قصصاً بدءاً من عام 1932 حتى منتصف الأربعينات، تاركاً اختيار القصص وإعدادها للنشر للسحار.
كانت لمحفوظ أسبابه في الرفض، ومن بينها أنه كان يرى نفسه روائياً في الأساس، وأن كتابته القصة القصيرة جاءت وفقاً لرغبات المجلات ورغبة منه في إشباع حاجته للنشر، وأن ذلك كان منذ ما يزيد على اثني عشر عاماً، لكنّ الظروف هذه تغيرت، بحيث نشر محفوظ رواياته «عبس الأقدار»، «رادوبيس»، «كفاح طيبة»، «القاهرة الجديدة»، «خان الخليلي»، «زقاق المدق»، ومن ثم أصبح اسماً متحققاً من خلال الرواية، وليس هناك ما يدعوه إلى أن يجمع قصص البدايات لينشرها في كتاب. لكنّ السحار أصر، فتركه نجيب يختار القصص التي تناسبه لينشرها في مجموعة بعنوان «همس الجنون»، جاعلاً تاريخ نشرها هو عام 1938، وهو التاريخ الذي طلب فيه صاحب مجلة الرسالة أحمد حسن الزيات من نجيب محفوظ أن ينشر مجموعة قصصية، لكنّ محفوظ رفض. ومن ثم أراد السحار أن يحافظ على الترتيب الزمني لنشر أعمال نجيب بحسب تاريخ الكتابة، ومن أعطى «همس الجنون» تاريخاً يسبق تاريخ نشر رواية «عبث الأقدار»، وكأن نجيب استجاب لدعوة الزيات في إصدار أول عمل له عام 1938.
لكنّ السحار لم يجمع كل القصص التي نشرت في مجلات هذه المرحلة، فقد اكتفى بثمانية وعشرين قصة فقط، تاركاً أكثر من أربعين قصة أخرى، منها «فترة من الشباب»، «ثمن الضعف»، «أدلة الاتهام»، «وفاء»، «مأساة الغرور»، «ملوك جوف الأرض»، «الحلم واليقظة»، «البحث عن زوج»، «حكمة الحموي»، «راقصة من رادوبيس»، «تبحث عن زوج»، «مهر الوظيفة»، «قناع الحب»، «الحظ»، «الدهر المعلم»، «أحزان الطفولة»، «حكمة الموت»، «موت الحب»، «فتاة العصر»، «ثمن الأمومة»»، الأماني الضائعة»، «حضرة رؤوف أفندي»، «موعد غرام»، «الكلمة الأخيرة»، «مئة جنيه»، «مرأة في رجل»، «قتيل بريء»، «على البلاج»، علماً أنّ محفوظ لم يلتفت إلى جمعها في عمل واحد طوال نحو ستين عاماً.
في هذه المجموعة القصصية التي لم يشأ محمود علي أن يضع لها اسماً، فتركها بعنوانها شبه الأكاديمي «قصص نجيب محفوظ التي لم تنشر»، نجد وضوح مرحلة البدايات، ليس فقط في الكتابة لدى نجيب محفوظ فقط، ولكن في كتابة هذه المرحلة ككل، فلم يكن عمر القصة القصيرة في العالم العربي يزيد على ثلاثين عاماً، وكان أساتذة نجيب وأبناء جيله في هذا الوقت هم محمود تيمور ومحمود طاهر لاشين وأحمد خيري وعيسى عبيد وحسين فوزي وإبراهيم المصري، وهو ما يدلنا على مدى التأثر بالكتابات الغربية في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. ومن ثم نشتم رائحة كتابات فيكتور هوغو وغيره في قصص نجيب، ونشعر بمدى إيمانه بأهمية عمق المأساة وتراجيديتها. ونجد مقدمات الراوي العليم الذي لا تزيد القصة لديه عن كونها مثلاً وعظياً، نجد الرغبة في التأكيد على أننا أمام عمل قصصي له راو ينبه قارئه إلى ما سيأتي من أحداث، وهي تقنية تعود إلى رواة السير الشعبية، وهو ما يفيدنا بإطلاع محفوظ المبكر على الأدب الأجنبي فضلاً عن اطلاعه على الأدب الشعبي، كما يفيدنا أن حيل نجيب وتقنياته وخططه في الكتابة لا تعود إلى القصة القصيرة، بقدر ما تعود إلى انشغاله بالنص الروائي واتساع عالمه وتحولات شخوصه، كما يدلنا التنوع ما بين الكتابة الاجتماعية والكتابة التاريخية والكتابة الفلسفية على أن هذه القصص كتبت على ضفاف مشاريع أخرى، كالمشروع التاريخي الذي ظهر منه «عبث الأقدار»، و«رادوبيس»، و«كفاح طيبة»، أو الكتابة الاجتماعية مثل «خان الخليلي»، و«القاهرة الجديدة»، و«زقاق المدق»، أو تأثره بدراسته في قسم الفلسفة في جامعة القاهرة، فضلاً عن شروعه في إعداد رسالة ماجستير عن «الجمال في الفلسفة الإسلامية».
لعل السؤال الذي سعى محمود علي للإجابة عنه في مقدمته هو: ما الداعي لنشر قصص لم يرغب صاحبها في نشرها؟ وهو سؤال يبدو منطقياً في حال كاتب مغمور أو محدود القيمة، ولكن مع كاتب بحجم نجيب محفوظ فالأمر لا يقل أهمية عما يحدث مع شكسبير أو غيره من الكتاب المؤسسين في تاريخ الفن. وفي اعتقادنا أن كتابات مرحلة البدايات في القصة والرواية العربية ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث والتدقيق، فما بالنا أن يكون في صلب هذه المرحلة بدايات عميد الرواية العربية وصاحب نوبل للآداب عام 1988.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.