من المستحيل أن يدافع المرء عن نفسه، حين لا تتوفر النية الحسنة»،هكذا يرى (كارل روسمان) بطل رواية «أمريكا» التي لم تنشر في حياة مؤلفها فرانز كافكا (1883 1924)، ثم صدرت ترجمتها العربية في أغسطس/آب 1970 في سلسلة «روايات الهلال» الشهرية، التي تطرح هذا الأسبوع طبعة جديدة للترجمة نفسها، التي أنجزها المترجم والفنان التشكيلي المصري الدسوقي فهمي. تدور أحداث رواية «أمريكا» في الولاياتالمتحدة التي لم يزرها كافكا، ولكنه جعلها مسرحاً لشخصيات قادمة من أوروبا الشرقية والغربية، والرواية مذيلة بتعقيب كتبه «ماكس برود» الصديق الأقرب إلى كافكا، أوضح فيه أن مخطوط هذه الرواية لم يكن يحمل هذا العنوان، وإن كان كافكا قد أشار إليها باعتبارها روايته الأمريكية، وأنه كان «مغرما بقراءة كتب الرحلات والمذكرات، وإن سيرة حياة فرانكلين كانت أحد كتبه المفضلة.. كان يحن دائما إلى المساحات الشاسعة، والبلاد النائية، وهو لم يرحل بالفعل إلى أبعد من فرنسا وإيطاليا، ولهذا فإن براءة خياله تضفي على هذه الرواية التي تصور مغامرة «كارل روسمان» في أمريكا لونها الغريب». ولد كافكا ونشأ في تشيكوسلوفاكيا لأسرة يهودية مندمجة. درس القانون، ولازمه المرض، فعانى الصداع النصفي والأرق، وفي سنواته الأخيرة أصيب بالسل، وعهد إلى ماكس برود بأوراقه ومخطوطاته، وأوصاه بحرقها بعد موته، إلا أن برود لم ينفذ الوصية، وما لبثت أعمال كافكا أن حظيت باهتمام كبير، وتجاوزت حدود الوطن واللغة بترجمتها إلى أغلب اللغات، ليصير كافكا كاتبا إنسانيا، ويتحول اسمه إلى عنوان للون أدبي «كافكاويّ»، يلمس أعماق النفس البشرية، ويطرح أفكارا وجودية، ويطغى على أبطاله شعور بالاغتراب وعزلة روحية، إذ يجسدون تراجيديا عصرية، لا يواجهون فيها أقدارا، ولا يدّعون بطولة، ولكنهم ينسحبون من مجتمعهم ومحيطهم، ليصبحوا ضحايا شرور أكبر من قدراتهم على فهمها. أما الدسوقي فهمي فهو أديب ومترجم وفنان تشكيلي مصري، ولد عام 1938، وتخرج في قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1963. بدأ نشر قصصه القصيرة منذ عام 1959، وصاحبت رسومه إبداعات جيل الستينيات من الشعراء وكتّاب القصة في الصحف والمجلات، وأقام معارض، منها «الطفولة فى مصر القديمة» (1980)، وترجم لكافكا: «الدودة الهائلة»، «رسائل إلى ميلينا»، «المسخ».