اليوم.. السيسي يشهد احتفالية عيد العمال    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة تنتشر لتطويقها    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    «الهلال الأحمر» يقدم نصائح مهمة للتعامل مع موجات الحر خلال فترات النهار    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    فيلم شقو يتراجع إلى المرتبة الثانية ويحقق 531 ألف جنيه إيرادات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرض باريسي يعرّي جذور «جيل البيت» الفرنسية
نشر في نقطة ضوء يوم 13 - 07 - 2016

لا يمكن إهمال المعرض الضخم الذي انطلق حديثاً في مركز بومبيدو (باريس) بعنوان «جيل البيت: نيويورك - سان فرانسيسكو - باريس». فمن خلال عشرات الكتب والمخطوطات والرسوم واللوحات والصور الفوتوغرافية والأفلام والتسجيلات السمعية، يسعى منظّموه إلى بلوغ هدفين: الأول - مُعلَن ومطروق - هو خطّ محور تطوُّر هذه الحركة فكرياً وفنياً، وتمدُّد نشاطها جغرافياً، وبالتالي كشف الدور التاريخي الذي لعبته في تكييف معظم الحركات اللاحقة التي رفعت مثلها شعار الثقافة المضادة.
الهدف الثاني - مُضمَر والأهم في نظرنا - هو تفجير الفكرة الخاطئة التي لطالما روّج لها الشاعر ألان غينسبرغ ودافع عنها مؤرّخو الحركة الأميركيون، ومفادها أن «جيل البيت» هي ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ولا سابق لها، وبالتالي لا تدين بشيء إلى حداثة أوروبا وحركاتها الطليعية.
الصحيح في هذه الفكرة هو أنه كان من المتعذّر أن تولد هذه الحركة في مكان آخر غير أميركا نظراً إلى حجم التزمت الأخلاقي الذي كان سائداً في هذا البلد من جهة، وإلى موسيقى الجاز التي وُلدت فيه وشكّلت أحد مصادر وحي شعراء هذه الحركة، من جهة أخرى. ولكن هل هذا يكفي للجزم بأن جذور «جيل البيت» أميركية محض؟ في ما يلي بعض المعطيات التي نستخلصها من محتويات المعرض وتدفعنا إلى الإجابة بالنفي على هذا السؤال.
في العام 1943، أي في الوقت الذي كانت علاقة غينسبرغ وجاك كيرواك وويليام بوروس في طور الولادة في جامعة «كولومبيا»، أرسل الشاعر الأميركي فيليب لامانتيا - وكان في سن الخامسة عشرة - رسالة إلى أندريه بروتون يعبّر فيها عن شغفه بالحركة السورّيالية وإنجازاتها. وقد نشر هذا الأخير هذه الرسالة وثلاث قصائد للشاعر المراهق في مجلة «VVV». وفي العام 1955، شارك لامنتيا مع خمسة من رفاقه في إحياء تلك السهرة الشهيرة في «غاليري 6» التي قرأ غينسبرع فيها للمرة الأولى بيانه الشعري «عويل»، ويعتبرها النقّاد نقطة انطلاق حركة «جيل البيت». وحين نعرف أن هذا الشاعر لم ينكر طوال حياته التزامه بالمُثُل السورّيالية، وأنه كان يطلع غينسبرغ وكيرواك بانتظام على طبيعة نشاطات السورّياليين، يصبح من السذاجة عدم ربط سهرتهم المذكورة بالسهرات التي كان ينظّمها بروتون ورفاقه.
وعلى المستوى الإبداعي، يتعذّر إنكار التشابه الشديد بين الكتابة الآلية التي ابتكرها ومارسها السورّياليون ونثر كيرواك العفوي أو «الكلام - الفيض» في نصوصه ونصوص رفاقه الذي يرتكز على المبدأ نفسه ويبلغ النتيجة نفسها، أي ذلك الاندفاع العاصف لطاقة نفسية بلا كابح. وكذلك الأمر بالنسبة إلى طبيعة صور غينسبرغ الشعرية التي تقوم على تصادم كلمات وأفكار متنافرة، وتحمل بالتالي نكهة سورّيالية، مهما حاول هذا الشاعر رفض ذلك.
وقبل أن يستقر غينسبرغ وكيرواك وبوروس وجيسين في باريس (1957 - 1963)، كان قد سبقهم إليها في نهاية الأربعينات وجهان كبيران داخل حركتهما: الشاعر والناشر لورانس فيرلينغيتي الذي أنجز أطروحة دكتوراه حول المرحلة السورّيالية من مسار جاك بريفير، والشاعر كارل سولومون الذي شاهد بعينيه الأزمة الذهانية التي أصابت أنتونان أرتو أمام الجمهور على خشبة المسرح عام 1947، ما دفعه، فور عودته إلى نيويورك، إلى دخول «معهد كولومبيا للأمراض العقلية» طوعاً والإلحاح على طبيبه من أجل معالجته بالصدمات الكهربائية. وفي هذا المصح، التقى بغينسبرغ وسرد له بالتفصيل أزمة أرتو المذكورة، قبل أن يضع في ما بعد بحثه الشهير «تقرير من المصحّ» الذي ساهم في نشر فكر الشاعر السورّيالي الفرنسي ولغة كتابته التي تقوم على استخدام مكثّف للمحاكاة الصوتية (onomatopée). لغة تركت أثراً بليغاً على كتابة لامنتيا ومايكل ماكلور وشعراء سمعيين أميركيين كثر داخل «جيل البيت» وخارجه. ولا نعجب بعد ذلك من إهداء غينسبرغ قصيدته الشهيرة «عويل» إلى أرتو ومن توجيه تحية إكبار له داخلها.
وعلى صعيد آخر، لا يمكننا تصوير وجوه «جيل البيت» كروّاد طرْح موضوع التحرر الجنسي ونسيان النصوص السورّيالية الرائدة في هذا المجال. لا يمكننا أيضاً إهمال اللقاء الذي نظّمه الشاعر السورّيالي جان جاك لوبيل في باريس عام 1958 بين غينسبرغ وبوروس وغريغوري كورسو وبريون جيسين من جهة، وبروتون وبنجامين بيريه ومارسيل دوشان ومان راي من جهة أخرى. لقاء غاب عنه بروتون وركع غينسبرغ في بدايته عند قدمَي دوشان وقبّلهما بولع، قبل أن يقصّ كورسو ربطة عنق دوشان ويُضحك الجميع، معترفاً في ذلك بدينه ودين رفاقه للدادائيين والسورّياليين بالجانب التحريضي من سلوكهم.
وفي هذا السياق، لا بد أيضاً من ذكر زيارة غينسبرغ الى قبر غييوم أبولينر في العام نفسه، زيارة تأمّل خلالها في نتائج الدادائية وحاور الشاعر الفرنسي وكتب أحد أهم بياناته الشعرية الذي ينتهي بالجملة التالية: «أنا مدفونٌ هنا وأجلس قرب قبري تحت شجرة»، التي تعكس حالة تنافُذ مع أبولينر الذي كان غينسبرغ يعتبره أحد مؤسسي الشعر الحديث.
أما تقنية «التقطيع» (cut-up) التي ابتكرها جيسين ووظّفها بوروس بشكل واسع في رواياته «الآلة الرخوة» (1961) و «البطاقة التي انفجرت» (1962) و «نوفا إكسبرس» (1964)، فيردّ عدد من النقاد جذورها إلى نص تريستان تزارا «لتأليف قصيدة دادائية» الذي يدعو قارئه فيه إلى قصّ كلمات مقالة منشورة في صحيفة ووضعها في كيس، ثم خضّ الكيس وإخراج هذه القصاصات، واحدة تلو الأخرى، ورصفها وفقاً لترتيب سحبها من الكيس، من أجل بلوغ قصيدة دادائية فريدة. لكن المثير هو عدم انتباه أيّ من النقّاد إلى فقرة نقرأها في أحد نصوص لويس كارول الذي يسبق نص تزارا، ويقول فيها: «اكتبوا في البداية جملة/ ثم قطّعوا كلماتها/ ثم اخلطوا هذه القصاصات واسحبوها بالقرعة/ سيأتي ترتيب الكلمات/ مختلفاً كلياً!»؟
نذكر أن لفيفة كيرواك الأيقونية بالذات، التي شكّلها من الأوراق التي كتب عليها رواية «في مهبّ الطريق»، لا تعود فكرتها إليه، فالكاتب ماركيز دو ساد سبقه عليها بتحويله الأوراق التي كتب عليها «أيام سدوم المائة وعشرون» إلى لفيفة مشابهة يبلغ طولها 12 متراً. وحين نعرف من بورورس أن كيرواك قرأ جيداً ساد، يصبح مشروعاً الاعتقاد بأنه كان على علمٍ بلفيفة الكاتب الفرنسي قبل إنجاز لفيفته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.