صدرت قبل أيام عن دار "غوايات" للنشر والتوزيع في لبنان، مجموعة قصصية للكاتب والإعلامي عادل علي بعنوان "القنّاص"، حكى فيها عنه وعنا جميعاً، وكأنه يكتب ماضينا وحاضرنا بعبارات تجمع بين الحب والخوف كقدر أزلي لإنسان هذا العالم. حيث ضمّت المجموعة في 88 صفحة من القطع المتوسط، 11 قصة بعناوين كانت تختلف أحياناً وتلتقي أحياناً أخرى. مأخوذة بوقائع القصّ وبروح الكاتب في آن واحد. أثناء محاولته تقديم المجموعة، ذهب الشاعر اللبناني طارق آل ناصر الدين، إلى الحديث عن تمكّن عادل علي في مجال الكتابة، سواء كإعلامي أو كناقد أدبي وأخيراً كمؤلف. وحاول أن يشير إلى أن مواضيع قصص هذا الكتاب مستمدة من حياة علي الذي شهد الحرب الأهلية في لبنان لذا هي تتراوح بين الخاص والعام. فقال: "تركز الأقاصيص على فترة الحرب الأهلية من زوايا عديدة لا تترك مجالاً للطعن فيها.. لأنها حقيقية وشاملة وعادلة وكاتبها غير منحاز إلا للحقيقة!.. (القناص) سحابة أولى جميلة وسريعة لأنها تبشرنا بسحب أخرى ومطر غزير!". لا يقدّم عادل علي في مجموعته محاكمة لإنسانية رجالات الحرب وقادتها، وكأنه يترفع عن محاسبتهم أو عن الإشارة إليهم حتى. وبالمقابل هو يخوض في آثار الحروب داخل الإنسان المهمل وسط دائرة قذرة وغير مفهومة من الصراعات و"المحاصصات". يسأل عن مصيره ويحاول أن يقترب من ضمائرنا ويحاكيها. كذلك فإنك تشعر صفحة تلو الأخرى، وكأنه يحمل في ذاكرته أمانة يصرّ على تأديتها على أكمل وجه، فذاكرته مليئة بالتفاصيل والأحداث التي اختار توثيقها بصورة جمالية رفيعة. وبالعوة إلى العناوين، نجد أن علي قد مهّد لحكاياته من خلالها، فجاء معظمها كأسماء تدل على صفات محددة تشير بدورها إلى شخوص لها حيوات وأفعال يتمحور حولها فعل القصّ. مثل: "الباحثة في الأشياء المهملة"، "الساكنة في منازل القمر"، و"المسلوخ" وطبعاً "القناص" التي سيطرت على عنوان كامل المجموعة التي استطاع أن يبحث بين سطورها عن معنى حياة الإنسان في زمن الحرب.. أية حرب قد تواجهه.. وفيها تبدو الإجابة على سؤال "ماذا ستفعل بعد الحرب؟" بحاجة إلى مجلدات من الفلسفة وعلم النفس والاجتماع والعديد من كتب التاريخ والجغرافيا؛ حتى تكتمل أو على الأقل حتى نتمكن من تقديمها. أما نهاية قصته "القناص" فتتطلب منا وقفة صامتة أمام أنفسنا أولاً، وأمام الحياة ثانياً، حيث قال: "كان المشهد جليلاً، والسكون الممتد يقطعه فحيح صوت دفيء مصدره الجثة، يردد حتى آخر خلجة: مشروع إنسان.. مشروع حيوان.. مشروع إنسان.. حيوان.. حيوان.. حيوان".