في كتاب "المعالجة الآلية للغة العربية"، تعرض المؤلفة د. سلوى السيد حمادة بعض التطبيقات العلمية العملية التي نمت في مجال المعالجة الآلية للغة العربية، سواء ما أنجز منها باللغة العربية، وهو قليل كما يؤكد الكتاب، أو باللغات الأخرى. في هذا السياق يأتي الكتاب كمحاولة تهدف إلى تهيئة سليقة لغوية للقارئ يستطيع من خلالها فهم ما يتعلق بالتطبيقات الآلية الحديثة للغة العربية خاصة مع انتشار الإنترنت، واستخدام الحاسب الآلي في كثير من المؤسسات العربية بما فيها المؤسسات المعرفية والثقافية. وفي هذا الإطار، فإن الباب الأول من الكتاب بعنوان: "التحليل الحاسوبي" يعالج حوسبة اللغة، فعرضت المؤلفة في هذا الإطار ما تعنيه اللغة والتحليل الحاسوبي، كما عرضت المؤلفة لمستويات اللغة العربية ولماهية النصوص الإلكترونية، كذلك عرضت المؤلفة إلى مقاربات تدور حول ماهية النصوص الإلكترونية، ومقاربات حول فهم اللغات العربية، بالإضافة إلى ما عرضته حول محاولات ل (نمذجة) العقل البشري وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك فقد تناول هذا الباب عرضا لمستويات التحليل الحاسوبي للغات البشرية، التي حرصت المؤلفة هنا على الإشارة لها ب "اللغات الطبيعية" تفريقا لها عما يمكن أن يظهر في المستقبل من لغات اصطناعية، مع تطور تطبيقات الحاسب الآلي والذكاء الاصطناعي. وتضمن عرض المؤلفة خلال صفحات الكتاب للتحليل الحاسوبي للغات البشرية ما يتعلق بالتحليل اللغوي ومتطلبات المحلل اللغوي، ومستويات التحليل اللغوي من حيث المدخلات والمخرجات، وتضمن عرض المؤلفة في هذا السياق تطبيقات لغوية تحليلية. كما عرضت المؤلفة في هذا الإطار أيضا طرق تأهيل المدخلات والمخرجات اللغوية بطريقة صحيحة، للوصول لنص خال من الالتباس من الناحية الدلالية والصرفية والنحوية، للحصول على نتائج صحيحة عند معالجة النص آليا. أما في الباب الثاني من الكتاب فقد عالجت المؤلفة المستوى الصوتي، ويختص هذا المستوى الذي يقوم على مبادئ علم الصوتيات بدراسة الأصوات اللغوية، وكيفية نطق هذه الأصوات والكيفية التي تمكن السامع من فهم هذه الأصوات، وحاولت المؤلفة خلال هذا المستوى تبسيط علم الصوتيات وشرح آلية وعمليات تحويل وتوليد الصوت، كما شرحت في نفس الصدد الأصوات العربية وكيفية التعامل معها وكيفية استخدامها في التطبيقات الحاسوبية في إطار التطبيقات الآلية المرتبطة باللغة العربية. وفي الباب الثالث من الكتاب عرضت المؤلفة نموذجا عمليا تحليليا للتحليل الصرفي ضمن تطبيقات اللغة العربية، وشرحت المؤلفة في هذا الباب المحللات الصرفية، وأهمية الدور الذي تقوم به ضمن التطبيقات الآلية للغة العربية، كما قدمت تبسيطا لهذه المرحلة من التطبيقات الآلية المرتبطة باللغة العربية تضمن شرحا لبرنامج المحلل الصرفي، وهو برنامج يقوم بدراسة بناء الكلمات وتحويلها إلى جذورها الأصلية، مع تحديد ما أضيف إلى هذا الجذر، فيعطي الكلمة نوعها من الناحية الصرفية والدلالية، بما يساعد في الكشف عن دلالة كل كلمة عربية تم توظيفها في إطار التطبيقات الآلية للغة العربية في هذا السياق. وفي هذا السياق أيضا عرضت المؤلفة لنماذج تطبيقية من اللغة العربية ضمن تطبيقات الأنظمة الآلية عليها لتكون معينا للقارئ على تفهم أسس كل نظام تحليلي ضمن التطبيقات الآلية للغة العربية، واستفادت المؤلفة في هذا الصدد من تطبيقات على شبكات الاتصال، وما ساهمت به بعض شركات البرمجيات من تطبيقات تم إنتاجها في هذا المجال. أما الباب الرابع فقد تناول المستوى النحوي فيما يتعلق بالتطبيقات الآلية للغة العربية، وعرضت المؤلفة في هذا الباب لمفهوم التحليل النحوي ووسائل حوسبته، كما تطرقت في الفصل الأول من هذا الباب إلى ما يتصل بتفاعل النحو مع الصرف، وفي الفصل الثاني من الباب نفسه تناولت المؤلفة ما يتعلق بالنحو والدلالة والتطبيقات الآلية المتصلة بدلالة المشتقات الصوتية. وفي الباب الخامس من الكتاب الذي جاء بعنوان "المستوى الدلالي"، وهو باب تضمن سبعة فصول، عرضت المؤلفة في الفصل الأول من هذا الباب سمات اللغة العربية الحديثة، من حيث الخط وصور الجملة وترتيب الجملة، وارتباط هذه السمات بالتطبيقات الآلية للغة العربية من خلال برامج الحواسب ونماذج الذكاء الاصطناعي، كما عرضت المؤلفة في هذا الفصل أيضا الصور الصرفية للغة العربية من حيث التشكيل والترنيم. ونجحت د. سلوى حمادة في عقد مقارنة واضحة في بعض الخصائص اللغوية بين اللغتين العربية والإنجليزية، بالنظر إلى أن معظم التطبيقات اللغوية منشؤها باللغة الإنجليزية، ثم عرضت في هذا الفصل أيضا العوامل المشتركة بين اللغة العربية المنطوقة واللغة المكتوبة، بوصفها وسيلة اتصال وإبلاغ بين المتخاطبين أو المتحدثين. وفي إطار معالجة المؤلفة لمحور "الفهم والدلالة"، عرضت صفحات الكتاب للفروق الأساسية بين (الفهم) و(التفهم) ولمستويات التفهم والدلالة، ولآليات تفهم النصوص المكتوبة وللتفكير واللغة، ولمستويات التحليل اللغوي ودلالاتها، وفي كل هذه المستويات لجأت المؤلفة إلى أمثلة تطبيقية توضح بها ما ذهبت إليه في عرضها لهذا المحور. كما عالجت المؤلفة في هذا الباب أيضا ما يتعلق بمحور "الدلالة والمجال الدلالي والتحليل اللغوي"، وفي هذا الإطار عرضت المؤلفة لأفكار تدور حول الكون والعالم، وكيفية التوصل للمجال الدلالي، وفي سبيل ذلك استعانت المؤلفة بأمثلة تطبيقية متعددة حاولت من خلالها تأكيد فكرة المجالات الدلالية أو الحقول الدلالية، وتطبيقات ذلك ضمن نطاق المعالجة الآلية للغة العربية. وفي هذا الإطار أيضا عالجت "المجموعات الدلالية"، وما يتعلق بها من كيفية فهم العقل البشري للعبارات المكتوبة أو المنطوقة، وكيفية تكوين الذاكرة اللغوية عند الإنسان، وما يتصل بذلك من تفسيرات ضمن نظرية التحليل الكوني. كما عرضت المؤلفة أيضا للأعمال السابقة التي اهتمت بالمعالجة الآلية للنصوص واللغات البشرية واللهجات الصوتية، بالإضافة إلى عرض لقضايا متعلقة بالظواهر اللغوية من الترادف والتضاد والمشتركات اللفظية. يذكر أن كتاب "المعالجة الآلية للغة العربية" للدكتورة سلوى السيد حمادة، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ويقع في نحو 374 صفحة من القطع المتوسط.