ألوان تشكل هيئات متعددة في طياتها شيء من الأنثى بعطورها المختلفة. ثمة نهر من كلمات ينبع من هيكل الحب. من مناخات الشاعر الأمهر الشابي الذي أخذت قصائده الفنان طوعا وكرها الى جنان تعبيراتها ومعانيها. والفن بهذا المنحى عنوان تناغم جمالي فيه العبارة تسبح في مياه الزينة الألوان. هكذا عنَّ للرسام أن يسافر مع الحكاية الشابية وهو لا يلوي على غير القول بالأبجدية وتلويناتها الممكنة. "ثنائي المرح"، "خلوة"، "بنات بحري"، "نظرات ثاقبة"، "نقاء"، "شهرزاد"، "بهجة ومسامرة"، "الجازية الهلالية"، "امرأة وصيف"، "حلم"، "أمومة على الشاطئ"، "مؤانسة"، "نزهة"، وغيرها من اللوحات التي ازدانت بها جدران قاعة علي القرماسي، مثلت جميعها حيزا من التعاطي الجمالي تجاه الأنثى في شيء من العمق والعذوبة عمل عليها الفنان التشكيلي فريد العرفاوي ضمن عنوان "في هيكل الحب" هذا المعرض الذي افتتح الخميس 21 من يناير/كانون الثاني الجاري ليتواصل الى غاية السبت 6 فبراير/شباط المقبل. في هذه الأعمال تجوال مميز في عوالم متعددة لحالات المرأة وفق مسحة من التعبيرية المفعمة بالبهجة فيها حرفية الرسام من حيث تخير اللون والرسم والتيمة قولا بما يعتمل بداخله ازاء هذه المرأة التي تتعدد حالاتها بتعدد الأمكنة والمناخات من البحر الى السهول وغير ذلك فضلا عن الوجوه الطافحة بالصراخ والقلق والحيرة. فريد العرفاوي يمضي بهذه الأعمال الى قول الكامن فيه من شعر حيث التقاء الوجدان بفصاحة الألوان في أعمال متعددة الأحجام وجميعها أكريليك على القماشة. لوحات تنفتح على بعضها من حيث فكرة والجامع بينها هو هذه البهجة المبثوثة في الألوان وان كانت بعض اللوحات تشي بشيء من القلق وهو قلق هذا الكائن في حله وترحاله. إنها مدارات الحب الذي منه ما قتل. يأتي هذا المعرض بعد معرض سابق برواق يحي وعدد آخر من المعارض الفردية والجماعية لهذا الرسام والباحث الأكاديمي الذي اشتغل بتدريس الفنون الجميلة وكانت له مشاركات وتربصات بيداغوجية وعلمية بالخارج على غرار فرنسا واسبانيا فضلا عن تجربته السابقة مع عوالم الشعر من خلال بعض الكتابات. عن هذا المعرض يقول الفنان فريد العرفاوي: "تعتبر المرأة أو بالأحرى صورة المرأة, الموضوع المحوري ضمن تجربتي التشكيلية بما تحمله من معان ودلالات وأبعاد ومضامين. فهي حمالة المعنى بالنسبة لي, حيث إنها تعبر عبر تمثلاتها وتجلياتها المختلفة عن كنه الكون وعن الانسان بمنظور شمولي, فهي الأم والحبيبة والأخت والوطن والأرض. حاولت من خلال أعمالي استكناه عوالمها والتوغل في أعماقها. اعتمدت تقنيات متنوعة: الاكريليك, الالوان الزيتية, الكولاج.. هذا المعرض عنوانه (في هيكل الحب) وهو يعكس ويترجم معاني: التسامي والتجلي والتجاوز.. فللمرأة حضورها بتعبيرات متنوعة يحمل أبعادا تشكيلية تعبيرية وجمالية متنوعة. حاولت عبر مختلف العناصر التشكيلية (اللون والرسم الخطي والضوء والحياكة والبنية والتشاف... ) تفعيل اللعب التشكيلي من خلال المعالجة اللونية التي يغلب عليها التسطيح والتناغم في توزيع المساحات وتفعيل تعبيرية الرسم الخطي انشاء علاقات ومقاربات لونية متباينة حينا ومتجانسة احيانا أخرى, تروم التوهج اللوني والتناغم. وهو ما يمكن ان نستشفه من خلال التشاف وحيوية الرسم الخطي التبسيط والتسطيح، حيث تنعدم في أغلب اللوحات مستويات اللوحة وأيضا يغلب المنحى التعبيري ولكن بأسلوب جديد. إن موضوع المرأة مرتبط بالحياة والحب والفن فمنذ القدم باتت ولا تزال المعبر الدائم عن كل المعاني الانسانية حتى ان تاريخ الفن التشكيلي حافل في أغلبه بموضوع المرأة. وللاشارة لاغير، فان هذا المبحث قد شدني منذ البدايات حتى ان اطروحة الدكتوراه كان موضوعها حول صورة المرأة. يقول الشابي: "أنت ما أنت.. رسم جميل عبقري من فن هذا الوجود.. فيك ما فيه من غموض وعمق. ..".