صدفة أم قرار أن تستقبل وزارة الثقافة الزوار الداخلين إلى معرض بيروت العربي والدولي للكتاب ال59 من اليسار وبلدية بيروت من اليمين، وأن يكون بوداعهم جناح Beirut Digital Space الفسيح جداً والأنيق بمفروشاته البيضاء المهفهفة؟ لم نطرح السؤال على مسؤول، إنما التوقف لا بد منه في الجناحين الرسميين. وزارة الثقافة توزع كتبها الأنيقة مجاناً، وبلدية بيروت تتصرف بسخاء بكتاب «بلدية بيروت: رؤيا وإنجازات» رغم أرقام الهاتف الخاطئة التي يحملها. أما المطبوعات الأخرى «للفرجة». أما مطلب وضع معرض بيروت ومحتوياته على الشبكة العنكبوتية عمره سنوات بهدف مواكبة جيل الشباب، شركة Graphic Shop نظّمت جناح Beirut Digital Space، فكم قرّبت معرض الكتاب من جيل الشباب؟ إنها البدايات والخطوات التدريجية. إن كانت وزارة الثقافة تهتم بتوزيع إصداراتها المشغولة عن السياحة وتاريخ وتراث لبنان، فهي أيضاً لا تضيع فرصة نصب شاشة تحتفي بالمأكولات التراثية من «لبنة وكشك وزعتر ووو». المسؤول عن جناح البلدية ينفي عنها صفة البيع. كتب كثيرة للعرض وأخرى للتوزيع المجاني. موسوعة العمل البلدي من وضع انطوان الناشف للفرجة فقط، تماما كما تتفرج البلدية في بيروت على المشاكل التي تعترض سير الحياة برواق كما مشكلة النفايات وأزمة السير وغيرها. نعرف منذ البعيد أن دار العلم للملايين كانت له رؤية عربية طموحة حين انطلق في خط الحرف في أربعينيات القرن الماضي ونشره على امتداد الوطن العربي، له فقط هذا العام سبعة إصدارات أكثرها روايات. بحسب محمد لاوند «السوق لا يستوعب أكثر وهو إلى تراجع. حضور كثيف للزوار إنما القراءة ليست بخير، رغم تخفيض الأسعار خلال المعرض. لقد تأثر الكتاب سلباً بالإنترنت، لدينا عدة تواقيع منها «العبور» وهي رواية حقيقية لزينة قاسم. منذ انتقاله إلى المساحة الشاسعة في البيال ومعرض الكتاب يحتاج للدليل الذي يرشد إلى جناح هذا الدار أو ذاك، يتوه الزائر في البحث عن الهدف. كما يفتقد في عصر التكنولوجيا إلى وسيلة تتيح للزائر تصفح العناوين الجديدة. يقول أنور خطّار: الحاجة ملحة لتسهيل مهمة زائري المعرض في البحث عما يريدونه. أتمنى لو تعلن دور النشر عن عناوينها الجديدة من خلال شاشات كمبيوتر، وكذلك أسعارها. مساحات معارض الحكومات العربية ملحوظ اتساعها، بعضها لديه صالونات فسيحة وكتب قليلة، وصورة الحاكم متصدرة. حضرت العديد من الإصدارات من فلسطين، وكذلك صور بحجم كبير لقادة حاليين وراحلين، منها صورغسان كنفاني ومحمود درويش، والكثير من صور الانتفاضة ومقاومة الاحتلال. تجاور هذا الاهتمام الرسمي الفلسطيني «المعرفي» مع معرض التراث الفلسطيني، وكذلك معرض مؤسسة فلسطين للتراث جذور. إنها الاشغال اليدوية ذات الهوية الفلسطينية لوناً، منمنمات ورائحة. لتلك الاشغال اليدوية اهتمام بما يزين المرأة، إنما الاهتمام الأكبر فهو القضية. طرزت النساء المفتاح، العلم، القدس، خريطة فلسطين وغير ذلك. مؤسسة القدس الدولية استفادت من تلك المناسبة الثقافية والمعرفية الكبيرة ليكون لها حضورها في معرض الكتاب. صممت آية قبلاوي جداراً يقول الكثير بأقل الكلام. تقول: قوة الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة يجب أن تبرز. في هذه الجدارية ظهرت الفئات الأربع للشعب الفلسطيني، أطفالا، مراهقين وفتيات وبالغين، يستخدمون كافة أنواع المقاومة من الحجر، النقيفة، السكين والمولوتوف. لجأنا للمعلومة والرقم لإيصال الرسالة. الشهداء، المعتقلون، الجرحى وخسائر العدو. في سؤال التعارف مع مؤسسة القدس الدولية فهي مؤلفة من كافة مكونات الأمة العربية والإسلامية، وفي عضويتها أحزاب عربية وإسلامية. وفي مجلس أمنائها مسيحيون ومسلمون. فروعنا منتشرة في الأقطار العربية والإسلامية. كثيرون يتوقفون أمام كلمة القدس ويبدأ السؤال. نركز على الصورة البصرية، وهي تغني عن ألف كلمة. وكما هو سائد منذ سنوات دور النشر الإسلامية إلى نمو وتوسع. في دار المشاريع كان الإعلان الكتاب ب1500 ليرة لبنانية أي دولار واحد. واشتري كتابين واحصل على الثالث مجاناً. قال مصطفى طيارة مفسراً: هي قصص مبسطة للمراهقين، ذات طابع إسلامي، كما فيها عبر وحكم. القصة نفسها بالعربية والفرنسية، أو بالعربية والإنكليزية. وفي كل معرض نحرص لتقديم عروض للقراء. وبمكان ليس ببعيد برز منتدى للتعريف بالإسلام والحوار بين الثقافات، يؤكد رامي حاسبيني أنه سعي لنشر الصورة الحقيقية للإسلام بعد التشويه الذي لحق به. بدأ عملنا قبل عشر سنوات، وتضاعف لأن الناس تسأل عن الفرق بين صورة الإسلام على شاشات التلفزة وصورته الحقيقية. بعيداً عن الفعالية الثقافية السنوية نلحظ على مدار العام ازدهاراً في إصدارات دار الساقي، وهذا ما تؤكده منال شمعون مديرة التسويق والعلاقات العامة. جديد الدار بحدود الخمسين كتاباً. تقول: هي إصدارات لكّتاب لبنانيين وعرب، وأخرى مترجمة من اللغات الروسية، الإيطالية والتركية. «حب في سردينيا» تُرجمت من الإيطالية وهي للروائية ميلينا آغوس. وترجمات لرواية «أحد أغسطس» لباتريك مونديان الذي نال نوبل للآداب سنة 2014. رواية «عودة» للكاتب الأرجنتيني الكبير ألبرتو أنغيل. ورواية الكاتب التركي سلجوك ألتون «يوميات لم تعلمني إياها أمي». من ضمن النشاط المميز الذي حرصنا عليه ندوة للمفكر الفرنسي ألين غريش. نحن مرتاحون هذا العام لاهتمام القائمين على المعرض بالدعاية والإعلان وبشكل لافت. مسؤول القسم العربي في دار نوفل هاشيت انطوان محمد سلطان يذكر الإصدارات المتعددة الجديدة بينها العديد من الروايات، وثلاثة كتب في السياسة، تضاف إليها كتب الأطفال وبذلك يبلغ جديدنا ال20 إصداراً. جديدنا يتوالى على مدار العام ونحرص لحفل توقيع في معرض الكتاب، منها ثمانية لهذا العام. حفلات التوقيع نتيجة جهد مشترك بين المؤلف والدار. بعض المؤلفين يحظون بإقبال لافت جداً، وآخرون تدور حولهم حركة خفيفة. محمد سلطان يواظب منذ 27 سنة على المشاركة في معرض الكتاب. يقول: كانت دور النشر بعدد الأصابع في القاعة الزجاجية في وزارة السياحة. ازداد عدد دور النشر بشكل لافت. إنما الازدهار الأساس للمعرض سجله في سنوات 2002 و2003 و2004، ومن بعدها نحن في تراجع لجهة المساحة المستخدمة في البيال، وفي عدد الكتب المباعة. الشاعر شوقي بزيع من المداومين على فعالية معرض الكتاب على امتدادها وكأنه في حال شوق لها. نسأله قراءته الشخصية بين كون معرض الكتاب فعالية ثقافية حقيقية وفعالية سياحية ثقافية، خاصة أن دور النشر تشيد بكثرة المتجولين وقلة الطلب؟ يقول بزيع: صرت ميالاً لتوأمة معرض الكتب مع الفيسبوك بما هو ظاهرة للتواصل الاجتماعي، أكثر منه حالة ثقافية. كمدمن على القراءة والمعارض منذ سنوات طويلة لا أقلل من قيمتها. في المعارض شطر اجتماعي بما يعنيه من لقاءات الناس والأصدقاء القدامى الذين يكبرون مع المعارض، لكن الشأن الاجتماعي بدأ يكبر على حساب الشأن الثقافي. نلتقي بالكثيرين في حوارات سريعة، وأكثرهم يجمع على القول بأن حفلات التوقيع هي أساس المعرض، وبدونها لا قيامة. وهذا يعني أنه نادراً ما يأتي قارئ طلباً لكتاب بعينه. وبظني أن معظم ميزانيات الحضور بالكاد تكفي لتلبية رغبات الموقعين والالتزامات الأخلاقية حيالهم. ويستطرد بزيع: في ظل هذا الزمن العربي الموحش حتى الشأن الاجتماعي له قيمة وهو فعل جيد أن يلتقي هذا الكم من البشر خارج الحروب والأهوال والفظاعات ليتواصلوا ويجددوا صداقاتهم. وأن يكون لقاؤهم في كنف الكتاب حتى إن كانت نسبة القراءة والقراء تتراجع. وحتى إن كانت كتب الشعر وهو شأن يخصني تزداد عزلة. أعتقد أن فسحة معرض الكتاب أكثر من ضرورية للإنسان العربي. وبالمناسبة فمنذ 30 عاماً تصدر مجموعاتي الشعرية مترافقة مع معرض الكتاب. لن أهجو حفلات التوقيع فأنا مشارك فيها. لكنني على الدوام اتذكر فيلم جين فوندا الشهير «إنهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟» نحن الكتاب أصبحنا جياداً تُشرف على الهلاك من الركض لخدمة الناشرين. ومع ذلك أعلن إدماني على ارتياد المعرض ويومياً، منذ حوالى 40 عاماً. فهو الفسحة الوحيدة التي تشبهني. وأنا هنا في ضيافة جميع من قضى على مذبح الكتابة. فسارتر يقول «كل مكتبة هي مقبرة جماعية». في إطلاق فعالياته إعلامياً احتفل منظمو معرض الكتاب العربي بجديده وهو جناح Beirut Digital Space الذي نظمته شركة Craphic Shop تطلعاً لتلبية بعض من رغبات جيل الشباب. في هذا الجناح الفسيح والأنيق والمفتوح على المدى من دون جدران كان التنظيم المعاصر بادياً. يشرح كامل قباني «من المؤسسين» أن شركة غرافيك شوب تقوم بمحاولة المزج بين الهواتف والمعرض، كونها الأكثر استعمالا بين جيل الشباب. ونعرف أن الموبايل آبس، والايباد آبس هما الأكثر تداولا بين جيل الشباب. منذ أربع سنوات وحتى الآن تبدلت كافة طرق التسويق. رغبنا إدخال هذا التطور إلى معرض الكتاب ليكون مواكباً للعصر. ومشاركتنا جاءت بدعم من محمد شقير رئيس غرفة التجارة والصناعة. نسأل قباني شرحاً مبسطاً ومفيداً للقارئ عن كيفية مساهمة الشركة التي يمثلها في إدخال الكتاب إلى العالم التكنولوجي لمزيد من التسويق؟ يقول: قدمنا عرضاً بسعر رمزي «50 دولاراً شهرياً» لكل من يرغب من دور النشر بفتح موقع للبيع على الشبكة العنكبوتية، له من خلاله ما يرغب من عرض وبيع. كما لدينا مختصون بتنزيل الكتاب على الشبكة العنكبوتية. وكانت لنا مساهمة في مساعدة معرض الكتاب للدخول إلى الداتا. عمر المعرض 59 سنة والتغيير ممكن إنما خطوة خطوة. التغيير ضروري في هذه الفعالية التي يرتادها سنوياً بحدود 300 ألف إنسان، ونسعى لمضاعفة الرقم. في جناح Beirut Digital Space تسوق ضحى الأسعد سي دي «أصحابنا» تفسر منتجها التعليمي: هو موقع يحمل عنوان أصحابنا مختص بتعلُم اللغة العربية عبر الألعاب والتكنولوجيا. من حوافز تأسيس هذا الموقع التهميش اللاحق باللغة العربية وإهمالها من قبل التلامذة والأهل والهيئات التعليمية. اللغة العربية في أزمة خطيرة ولهذا كان موقع «أصحابنا»، وهو يطال المرحلة الأساسية من الصف الأول وحتى السادس. ولزرع حب اللغة العربية لدى الأطفال تمّ دمجها بالتكنولوجيا الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي. عبر هذه الوسائل الجديدة قدمنا منهج اللغة العربية بما هو قواعد وفهم نص بقالب جديد جداً. كل موضوع له أدواته السمعية والبصرية. وهناك ترابط مع المواد العلمية الجديدة من علوم ورياضيات ومعلومات عامة هائلة، جميعها تحت مظلة اللغة العربية وبأسلوب جذّاب. لماذا هذا العشق للغة العربية بعد انفضاض الخلاّن عنها؟ تجيب الأسعد: نحن من مناصري لغتنا، نعمل برفقتها بتفرغ كامل وليس هواية. كثيرون يعتقدون عملنا تطوعياً وهذا مؤسف. أعلن النادي الثقافي العربي جوائز معرض بيروت للكتاب العربي والدولي في دورته ال58 وهي كما يلي: □ الجائزة الأولى لكتاب «بغداد سيرة مدينة» للكاتب العراقي نجم والي وصدرت عن دار الساقي، تصميم الغلاف سمر كوكبي، وخطوط العناوين حمدي طبارة. □ الجائزة الثانية: ديوان «بعض مني» للشاعرة كاترين معوض، منشورات المركز الثقافي العربي. □ الجائزة الثالثة: لكتاب «صحائف التكوين» تأليف محمد بازي منشورات ضفاف. ومنحت جائزة أفضل إخراج لكتاب الأطفال «بابا شو يعني فقير» تأليف ورسم كيندة وخليل حرب منشورات دار الحدائق. الإخراج الفني للينا مرهج. والجائزة الثانية لقصة «حذاء الأرزة الملونة» تأليف لينا دسوقي، رسم سمية حمدي منشورات دار أصالة.