أين مصانع النصر للسيارات. أين مصانع النسيج والغزل والحديد والصلب وأصواف ستيا ووولتكس التي ضارعت الأصواف العالمية؟ تزاحمت عبر فكري مجموعة من الخواطر هي قطوف لنسمات سبتمبرية ودعتنا.. ونفحات نصر أكتوبر خالدة مازال رحيقها في أعماقنا وقد كتبت معظم الصحف وتحدث الإعلام عن الزعيم المحبوب جمال عبدالناصر وحلم القومية العربية الذي تبخر فلا هم اتحدوا ولا اتفقوا حتي إقامة سوق عربية مشتركة ترد لنا جزءا من كرامتنا وترفع رأسنا في عالم متصارع سيطر علي قوتنا! وفي الحقيقة أكثر ما استيقظ في ذاكرتي من ذكريات جميلة جددت الحزن عندي تلك الصروح العملاقة التي شيدها ناصر من صناعات حصدتها الخصخصة. باعوها بأبخس الأثمان في سوق بلا منافسة! تدهورت صناعتنا ورحنا نستورد القطن بأقطان أقل جودة والقطن المصري سيد أقطان العالم. وضاعت صناعة القطن فلا رحنا في ركب الصناعة ولا لحقنا بذيل الزراعة.. أين مصانع النصر للسيارات. أين مصانع النسيج والغزل والحديد والصلب وأصواف ستيا ووولتكس التي ضارعت الأصواف العالمية! المسلسل طويل ومحزن. إنها ذكريات المجد حيث كان والأسي لما نحن فيه الآن! مع بداية الثورة كان التخطيط لإقامة دولة كاملة صناعيا وزراعيا.. ونحن الآن دولة استهلاكية "بدون ترشيد". الخاطرة الثانية مع طعم الاستهلاك فنحن معشر أهل مصر نحب الجبنة بأنواعها ونأكلها رغم كميات الفورمالين المعجونة فيها.. مع الجبنة خلط بعض مصممي الإعلانات إلي استبدال الفورمالين بنشيد "المصريين أهمه..." لجبنة تسمي نفسها المصريين ويحتشد في الإعلان التليفزيوني الآلاف من شعب مصر "محب الجبنة" يهتفون بحياة الجبنة وطعمها الخارق! حزين أنا وسلام عليك يا مصر.. وسلام عليكم يا كل شعب مصر.. وحسرة علي صناعة الإعلان التي خلطت بين فرحة انتصار المصريين في أكتوبر/ رمضان.. وبين الرغبة في تسويق منتج! وخاطرة أخيرة تؤازر حزني الوطني النبيل وهي تخص الجمبري ويقول الإعلان إن مصر كلها تحب الجمبري وكأن الجمبري هو بديل لصناعة السيارات والقطن والغزل.. والفول السوداني الذي هو أيضا ظلموه.. وجاء الوقت لينصفوه.. إنه ترهل الإعلان في مصر.. وهو دليل قوي علي أننا صرنا دولة مستهلكة أليس كذلك! أفقت من خواطري التي سرقت هدوئي وحركت لدي ذكريات العمر الأول للثورة.. وتمنيت أن أشاهد إعلانات التلفاز وهي تعرض لنا صورا تدل علي التقدم العلمي والصناعي والزراعي وليس الاستهلاكي. كنت أتمني أن اطرز خواطري بسياج من السعادة.. لكن للأسف فنحن الآن في زمن يعز فيه أن تكتمل سعادتنا. عضو اتحاد كتاب مصر [email protected]