سعر الذهب اليوم الإثنين 26-5-2025 بعد الارتفاع الكبير    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 26-5-2025    قبل عيد الأضحى 2025.. أسعار العجول والأغنام والماعز في أسواق الشرقية    استشهاد 22 فلسطينياً جراء استهداف مدرسة للنازحين بغزة    ظهرت في الجامعة قبل الحادث.. تفاصيل جديدة ب قضية الدكتورة نوال الدجوي (فيديو)    أمور يجب على الحاج فعلها قبل السفر للحج.. تعرف عليها    الرئيس التنفيذي لمؤسسة غزة للمساعدات الإنسانية يعلن استقالته.. ما السبب؟    ترامب يعلق فرض رسوم بنسبة 50٪ على الاتحاد الأوروبي حتى 9 يوليو    اليوم.. مصر للطيران تنظم 20 رحلة جوية لنقل حجاج بيت الله الحرام إلى الاراضي المقدسة    البترول تكشف تفاصيل انفجار محطة كارجاس برمسيس    طه دسوقي يهدي تكريم «ولاد الشمس» إلى محمود حميدة في حفل جوائز إنرجي    مطرانية المنيا تنفي حدوث أي استهداف للأقباط في قرية المحصلة    محمد صلاح يحطم الرقم القياسي في فانتازي الدوري الإنجليزي ب344 نقطة    صفحة الدورى الإنجليزى تحتفى بمحمد صلاح فى حضور حسام حسن    "توليفة" طولان لكأس العرب    الأهلي يحصل على توقيع صفقة من العيار الثقيل.. كريم حسن شحاتة يكشف التفاصيل    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 26 مايو    سعر الحديد اليوم الاثنين 26-5-2025.. الطن ب40 ألف للمستهلك    السيطرة على حريق التهم أحد الأكشاك بمنطقة منشية البكرى بالمحلة    تفاصيل استعدادات امتحانات الثانوية العامة.. وموعد إعلان أرقام الجلوس للطلاب فيديو    هدد باغتيال ترامب.. إيقاف شخص حاول إلقاء قنبلة على سفارة أمريكا بتل أبيب    غياب هنا الزاهد عن العرض الخاص لفيلم «ريستارت» يثير التساؤلات.. ما السبب؟    تامر حسني ل "فيتو": مش عايز حد يعيش معاناتي ونفسي أعمل مسلسل جديد    وفاة والد السيناريست إياد صالح والجنازة اليوم من مسجد مصطفى محمود    التليفزيون هذا المساء: "المصريين الأحرار" يكشف تفاصيل تعديلات قانون تقسيم الدوائر    19 شهيدا فى قصف إسرائيلى استهدف مدرسة تؤوى نازحين بحى الدرج فى غزة    عضو بمركز الأزهر العالمي للفتوى: الحج رحلة للتطهير ولا يصح إلا بمال حلال    وزير الصحة: 15 مبادرة رئاسية قدمت ما يزيد عن 235 مليون خدمة    لاستكمال سماع الشهود.. تأجيل محاكمة سفاح المعمورة لجلسة الثلاثاء    خناقة في المواصلات.. حبس المتهم بالتعدي على جاره ببنها    «بلاش تتابعني».. كيف ردت داليا البحيري على مطالبات متابعيها بارتدائها الحجاب؟    ترتيب الدوري الإسباني والمتأهلون إلى دوري أبطال أوروبا رسميا    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال مبابي.. أفشة رفقة أصدقائه.. بنزيما في مران اتحاد جدة    مع اقتراب يوم عرفة.. نصائح للحجاج لأداء المناسك    أولى جلسات محاكمة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف هند عاكف| اليوم    أفكار سفرة مميزة للعزومات في عيد الأضحى 2025    العيد الكبير على الأبواب.. قائمة التسوق الذهبية في عيد الأضحى    وصول جثامين متفحمة لمجمع الشفاء جراء استهداف مدرسة في قطاع غزة بصاروخين    هاني سعيد يهاجم رابطة الأندية: 90% من الفرق خارج حساباتهم وتأجيل مباراة سيراميكا "أصبح مملًا"    ملف يلا كورة.. تصريحات صلاح.. عودة حمدي فتحي.. وقرعة كأس العرب    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 26-5-2025    منها العائد المادي والاعتداء على الأطقم الطبية.. وزير الصحة الأسبق يكشف أسباب هجرة الأطباء    دار الإفتاء توضح حكم تحمل الزوج تكاليف حج زوجته    حُسمت.. الفرق الإيطالية المتأهلة إلى دوري أبطال أوروبا 2025-2026    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مخدرات بواسطة مسيّرتين في جنوب البلاد    قبل أن تُغلق أبواب الخصام.. جنازة حفيد نوال الدجوي تُشيّع اليوم عقب صلاة الظهر (موعد ومكان دفنه)    «تستحمى الصبح ولا بليل»؟ سبب علمي قوي يجنبك فعلها في هذا التوقيت    لا تتمسك بما لا يخدمك.. برج الجدي اليوم 26 مايو    حدث بالفن | أزمة هيفاء وهبي والموسيقيين والعرض الخاص لفيلم "ريستارت"    التعليم تحسم الجدل: مدراء "المبادرة الرئاسية" مستمرون في مناصبهم -(مستند)    مجلس إدارة التعليم المدمج بالأقصر يناقش استعدادات امتحانات الترم الثاني خلال اجتماعه الدوري    النائب أحمد السجيني: تحفظات كثيرة على مشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة    معجزة طبية في الفيوم: استخراج فرع شجرة من جسد طفل دون إصابات خطيرة    عاجل- وزارة الكهرباء تُطمئن المواطنين: لا تخفيف للأحمال في صيف 2025    إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاغ للنائب العام للتحقيق في الوقائع التي فضحها فيلم "طبق الديابة"!
نشر في نهضة مصر يوم 10 - 10 - 2010

"طبق الديابة" أو "طبق الذئاب" Wolf's Plate هو عنوان الفيلم التسجيلي القصير (35 دقيقة) الذي عرضه مهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الرابعة عشرة، التي اختتمت أمس السبت، وأثار صدمة لدي جمهور وضيوف المهرجان، لخطورة القضية التي اقترب منها، وجرأته في الطرح بالشكل الذي جعلني فريسة، طوال مدة عرضه، لهاجس المطالبة بضرورة عرضه علي النائب العام للتحقيق فيما تضمنه من وقائع تقترب من الإدلة الدامغة التي تجعل الجريمة متكاملة الأبعاد؛ فالفيلم لا ينتهي بمجرد أداء مخرجته لمهمتها علي أكمل وجه، لكنه يحقق غايته، وتكتمل رسالته بالفعل إذا وصلت "الصرخة" إلي النائب العام، واعتبرنا جميعاً أننا لسنا بصدد فيلم تسجيلي تقليدي، وانما "بلاغ سينمائي" بمعني الكلمة.
"طبق الديابة" فيلم أخرجته وكتبت له السيناريو مني عراقي لتناقش من خلاله قضية النفايات الملوثة، وربما المشعة، التي تخرج من المستشفيات، وبدلاً من إعدامها في ظروف تؤمن المجتمع من شرورها، تتسلل بطرق خفية، كشف عنها الفيلم بالفعل، لتقع في قبضة مافيا تقوم، كما يحدث في"غسيل الأموال"، بغسلها وتدويرها واستثمارها في السوق!
المثير أن المخرجة انطلقت إلي صنع الفيلم من ملحوظة اكتشفتها جمعية الحفاظ علي البيئة تُرجع انتشار "فيروس سي" المتسبب في الاصابة بمرض الكبد إلي نفايات المستشفيات التي انضمت، بفعل الجهل والاهمال والفوضي والتسيب، إلي جبل القمامة الذي يحاصر العاصمة، لكن البعض من التجار أدرك أهمية وخصوصية هذه النفايات، مثل"السرنجات المستعملة والملوثة" و"زجاجات الجلوكوز" وغيرها من المخلفات الطبية، وراح يتاجر بها إما بإعادة تصنيعها أو تعبئتها، والخطير في الأمر أن الفيلم رصد حياً بأكمله يقوم بتشوين وتخزين أجولة النفايات الملوثة انتظاراً لفرزها وتسويقها علي جانبي الطريق لدرجة أن عابر الطريق مُعرض، في حال عدم التزام الحذر، للإصابة بالمرض الخطير نتيجة "شكة ابرة سرنجة" من تلك التي تحتويها هذه الأجولة!
في المقابل فضح الفيلم حجم الجرم الذي يرتكبه عدد غير قليل من المسئولين، سواء في المستشفيات التي تخرج منها النفايات الملوثة، أو المتربعين علي المقاعد في الوزارات المعنية المخولة بالرقابة، بإهمالهم ولا مبالاتهم واستهانتهم المفرطة بخطورة الظاهرة؛ فأحدهم يقول ببساطة:"أنا مش ح أدخل كل مكان في مصر لأكشف ما يحدث من جرائم، كما أنني لا أملك سوي 10 أو 15 موظفاً في الإدارة ودول حيعملوا ايه؟"(!) وثان يعنف المخرجة المحاورة:"عاوزاني ألف عليهم؟ امتي وفين؟" وثالث يراها "مخالفة بسيطة لا تستدعي كل هذه الضجة المفتعلة"(!) ورابع في وزارة معنية بصحة المواطنين يلقي بالمسئولية علي وزارة أخري (!) بل إن أحد المستشفيات الشهيرة لم يجد ما يمنعه من إسناد مهمة الاشراف علي حرق نفاياته الملوثة إلي عامل معتل الصحة، ربما بسبب تكرار تورطه في نقل هذه النفايات، يجهل أهمية إعدام هذه النفايات عند درجة مائة وعشرين فيكتفي بإعدامها عند درجة أربعين (!) وبسبب ما قيل عن ظروفه الاقتصادية يلجأ إلي حرق جوال نفايات أو اثنين علي أكثر تقدير ثم يقوم عن سبق إصرار وتعمد "بتسريب" بقية الأجولة ليبيعها لمن يهمه الأمر(!)
كارثة كشف عنها الفيلم بجرأة تزلزل المشاعر، وتدمي القلوب، وتكدر صفو أصحاب العقول، والأهم أنها تكرس حالة من فقدان الثقة في كل شيء، بعدما قال الطبيب المتخصص إن "السرنجة" يعاد استخدامها من جديد لكنه يكتشفها من "السن التلم للأبرة" أي الميت غير الحاد، ولم يقل لنا كيف للمواطن البسيط أن يكتشف أنها استخدمت من قبل؟ والجزء البلاستيكي من "السرنجة" يقدم للناس في شكل"لي طبي للشيشة"، ومن المخلفات الطبية الملوثة يتم تصنيع العلب البلاستيكية المستخدمة في أغراض كثيرة؛ فالفيلم قدم دلائل علي أن 13 أسرة تسيطر علي مايقرب من 15 مستشفي، بمعني أنها تمتلك حقوق الاتجار في هذه النفايات الملوثة بشكل رسمي وتحت سمع وبصر الأجهزة الرقابية المختصة من دون أن يردعها أحد، ولو من باب الحرص علي أمن أفرادها قبل حياة المواطنين؛ فأحد الذين التقتهم مخرجة الفيلم قال بالحرف الواحد:" في مجتمع يوافق علي الاتجار بالأعضاء البشرية من السهل عليه يكتب: مجدي الطيب
أن يرحب بظهور تجارة النفايات الملوثة"، وأضاف:"المرضي عنه في البلد ده بيعدي واللي مش مرضي عنه بيضيع"، ولأسباب كثيرة مخيفة ساقها الفيلم كان من الطبيعي أن يقول الرجل نفسه، وهو مسئول طبي كبير:"أوصيت زوجتي بألا تعالجني في مصر إذا مرضت، وأن تنهي إجراءات سفري للعلاج في الحارج فورا".. واستدرك بقوله:"اللي مش قادر يطلع يموت أحسن" (!).. وينتهي الفيلم بعبارة موحية جاءت علي لسان إحدي المتحدثات بقولها:"لازم نقف كلنا ونقول لا".
"طبق الديابة" لم يكن مجرد فيلم بل "بلاغ للنائب العام" تبنته مخرجة الفيلم من دون أن تدعي البطولة تاركة مسئولية توصيل هذا "البلاغ" لمن يستشعر خطورة ما يحدث بيننا، وعلي وجه الخصوص صفوة المجتمع من المثقفين والمفكرين والإعلاميين بمختلف صنوفهم والمجالات التي يعملون فيها؛ فلا أحد ليس بمنأي عن الخطر المحدق بنا، والنفايات الملوثة ستُحكم الخناق علي الجميع، عبر صور وأشكال متعددة فضحتها المخرجة التي اعتمدت أسلوب التحقيقات الاستقصائية، الذي انتشر مؤخراً في الإعلام المرئي والمكتوب، وأضافت إليه لمسات تعكس فطنتها ووعيها، كما فعلت في توظيف "الراية الحمرا" علي سطح أحد المنازل، في ايحاء بحجم الخطر الذي يتهدد المجتمع بأسره، ووضح اهتمامها بالقضية والكشف عن الجرائم التي ترتكب دونما التوقف كثيراً عند اللغة السينمائية أو "التكنيك"؛ فالاهتمام في مثل هذه النوعية من الأفلام ينصب علي القضية بدرجة أكبر، وليس "استعراض العضلات" والامكانات التقنية أو "الفذلكة"، ولهذا السبب غفر لها المتلقي "الكادر المقلوب" رغماً عن أنفها، كونها أخفت الكاميرا في ملابسها، وانسحاب الإضاءة في بعض المشاهد، واختفاء ملامح المتورطين أحياناً؛ والتوظيف غير الموفق لنوعية بعينها من ايقاع الطبول، علي الرغم من اعتبار دقاتها نذير خطر أحياناً؛ فكلها أخطاء هامشية للغاية مقارنة بالنجاح الكبير، وربما "السبق الإعلامي" الذي حققته المخرجة مني عراقي، في الاقتراب من القضية، ووعيها الواضح من خلال اللقطة الذكية التي لجأت فيها إلي "الإعادة" أو ال Replay لتمحو عنوان "طبق الديابة" في الورقة المكتوبة في نهاية الفيلم، وكأنها تطالب بمحو هذا الحي، والتجارة بأكملها، من حياتنا، بالإضافة إلي براعتها في فضح أبعاد القضية معتمدة علي بحث متأن ودراسة مستفيضة لكل جوانبها، وجهد كبير مبذول من جانبها، مما يطرح مجددا مجموعة من الأسئلة من بينها:"من الذي فرض حالة الصمت والتجاهل التي قوبل بها فيلم "طبق الديابة"، الذي أنتج عام 2009؟ وما الجهة التي رأت أن مصلحتها تحتم عليها التعتيم علي الفيلم، والحيلولة دون وصوله للناس، قبل الجهات المعنية بالقضية؟ وهل نجحت "المافيا" التي فضحها الفيلم في احكام سيطرتها علي الشاشات التي كان ينبغي عليها عرضه، ونجحت بطريقة ما في إقصائه عن خارطة هذه الشاشات؟ وإذا كان الأمر وارداً فيما يتعلق بشاشات الإعلام الرسمي فأي قوة تلك التي مكنتها من السيطرة علي الشاشات الخاصة أيضاً فمنعت أي اشارة للفيلم أو مجرد الاقتراب من فحواه؟
الخوف من خطورة القضية سيتراجع كثيراً إذا ما اكتشفنا أن "الديابة" أو "الذئاب" نجحوا بالفعل في حماية تجارتهم غير المشروعة، وتمكنوا من الحفاظ علي "طبق النفايات الملوثة" من دون أن يجرؤ أحد علي المساس به، أو التحذير من خطورته أو حتي قلبه علي رؤوسهم، ومن ثم تستمر "المافيا" في تدمير المجتمع المصري من دون أن تتحرك لديهم ذرة إحساس ببشاعة ما يرتكبون في حق أبناء هذا المجتمع، بعدما غابت ضمائرهم وسيطرت عليهم مصالحهم الدنيئة، وهو ما يدعونا للتأكيد من جديد أن ما يجري يقتضي تقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق فيما قدمه الفيلم من وقائع وفضائح مع اعتبار مشاهده وحواراته بمثابة الوثائق وأدلة الإدانة التي تؤكد الاتهام، وتضفي أهمية علي البلاغ الذي لا ينبغي التشكيك فيه من منطلق انتفاء المصلحة الشخصية أو الضرر الفردي؛ فالضرر سيصيبنا جميعاً، وكلنا أصحاب مصلحة في درأ هذا الخطر المميت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.