فما قصة هذا المسلسل؟ وما ظروف إنتاجه؟ ولماذا طوال النسيان؟ أسئلة بحثنا عن إجابة لها لدي بطلته الفنانة فردوس عبدالحميد، التي وضعت النقاط فوق الحروف بقولها: هذا المسلسل الإذاعي تأليف مصطفي جمعة وإخراج ثروت رضوان، وأنتجته الإذاعة منذ ما يقرب من ثماني سنوات، وقام ببطولته الفنان محمود حميدة، الذي جسد دور "العندليب" بينما جسدت شخصية شقيقته الكبري التي ربته واحتضنته "الحاجة علية"، وفي رأيي أنه كان عملاً جيدًا بدرجة كبيرة، ومكتوبا بطريقة ممتازة، لكنني لا أتذكر الآن اسم الشبكة الإذاعية التي أنتجته. هل ترددت لحظة قبل الموافقة علي تجسيد شخصية "الحاجة علية"؟ إطلاقًا، فقد كنت أدرك أن "الحاجة علية" بالنسبة لعبدالحليم بمثابة الأم التي حُرم منها، وكذلك الأب، ومن ثم فهي شخصية جوهرية تلعب دورًا مهمًا في الأحداث، وليست شخصية هامشية أو غير مؤثرة. وقت تسجيل مقاطع المسلسل كانت "الحاجة علية" لاتزال علي قيد الحياة، فهل سعيت للتعرف عليها عن قرب؟ لم تتح لي الظروف والفرصة لمقابلتها، لكنني استمعت إلي أحاديث لها في الإذاعة، واستطعت أن اتعرف عليها بدرجة ما؛ وأدركت أنها "ست مصرية جميلة"، وتجسد الشخصية المأساوية كما تحكي عنها الأساطير الأغريقية، ونجحت في أن اقترب من صورتها التي كنت أشاهدها، وقدمتها من خلال "الميكروفون". كيف كانت ردود الأفعال أثناء وبعد تقديم "عصفور الشتا"؟ كانت إيجابية للغاية، خصوصًا من جانب عائلة عبدالحليم حافظ، فقد علمت أنهم تابعوا المسلسل، وأعجبوا به؛ ففي ذلك الزمن كنا نقدم الفن الراقي والذي يتبني قيمة ورسالة. هل اقتنعت بتجسيد محمود حميدة لشخصية عبدالحليم حافظ؟ بدرجة كبيرة؛ فقد كان "حميدة" مناسبًا للشخصية بصورة طيبة، وساعده "صوته العريض" علي إضفاء مصداقية وإقناعًا. ولأنه مسلسل إذاعي فلم يكن الشكل البعيد عن ملامح "حليم" مهمًا؟ بالطبع؛ ففي هذه الأحوال تصبح "الروح" أهم من "الشكل"، وحتي الصوت لم يكن من الشرط أن يكون قريبًا أو متشابهًا، بل الأداء هو الأهم، وهذا ما ميز "حميدة" في هذه التجربة بعكس مثلاً الشاب الذي جسد شخصية "حليم" في مسلسل "العندليب"، ولم يكن مقنعًا علي الإطلاق (تشير إلي شادي شامل). بهذه المناسبة.. كيف كان انطباعك تجاه مسلسل "العندليب"؟ لقد رأيت أن التشابه بين الشاب الذي جسد الشخصية شادي شامل وعبدالحليم كان كبيرًا بالفعل، لكن التوفيق خانه، بالإضافة إلي قلة خبرته الملحوظة، وبالتالي اختار "تقليد" حركات عبدالحليم من الناحية الشكلية، ولم يتسلل إلي روحه ليمسك بها، الأمر الذي أدي إلي نتيجة عكسية وسلبية، وكنت أتصور أن يتم اختيار ممثل بعيد الشبه عن ملامح عبدالحليم، لكن لديه القدرة علي تقمص روحه.. وهذا أفضل. هل ينطبق هذا الرأي علي فيلم "حليم"؟ فيلم "حليم" له ظروفه الخاصة المختلفة، فقد كانت تجربة صعبة بكل المقاييس، بدءًا من مرض أحمد زكي وانتهاء بوفاته، وبالتالي وقع أصحاب الفيلم؛ خصوصًا كاتب السيناريو والمخرج، في مأزق صعب، وبالتالي لا أستطيع أن أحسبه علي أحمد زكي، الذي زعم البعض أنه تخلي عن إبداعه في هذا الفيلم. ولا أستطيع أن أخفي دهشتي وانزعاجي من هذا الرأي.. فكيف تطالبون فنانًا مريضًا بأن يبدع؟ لقد تحامل علي نفسه، وجسد الشخصية، وهو غير مستقر صحيا ولا نفسيا، لكنه أكد في نفس الوقت أنه يتمتع بإرادة فولاذية، ولم يتخل عن رغبته في أن يقدم فنه وإبداعه حتي اللحظة الأخيرة من عمره. ومن المفارقة أنه كان شديد التعلق بعبدالحليم حافظ، وغيبه الموت في نفس الشهر الذي رحل فيه "العندليب". قامت شبكة الشباب والرياضة هذا الشهر بإعادة تقديم "عصفور الشتا". فهل حرصت علي الاستماع لحلقاته؟ في "زحمة" القنوات الفضائية، و"دوشتها" لم يعد أحد يستمع إلي الإذاعة بالشكل الذي كنا عليه في السابق، وإذا حدث فالأمر يتم "بالصدفة"، ولا أظن أن المسلسل حظي باهتمام عند إعادة عرضه علي الرغم من جودته كما أشرت من قبل.