قدمي لنا بطاقة تعارف لجمهورك؟ أنا فنانة لبنانية خريجة معهد فنون مسرحية في يبروت، وكان لي العديد من التجارب علي خشبة المسرح اللبناني مثل مسرحية ألكسندر بوشكن، سأم لألبرتو مورافيا علي انهار بابل، والعديد من المسرحيات، ولي تجربة واحدة في إحد المسلسلات التليفزيونية اللبنانية، ولكن بعد ذلك جئت إلي مصر لأن حلم السينما كان يراودني، وهو بالتأكيد يعتبر الحلم الأكبر في حياتي، لذلك حضرت إلي مصر منذ حوالي ثلاث سنوات عندما قمت ببطولة فيلم "45 يوم" مع أحمد الفيشاوي الذي اعتبره البداية الحقيقية لي. وهل قمت بالاستقرار في مصر منذ ذلك الوقت إلي الآن؟ أنا حاليا مستقرة في مصر أكثر من بيروت، ومنذ فيلم "45 يوم" وأنا أسافر من بيروت إلي مصر والعكس. ومعي والدتي التي تقف بجانبي في مشواري ورحلتي مع الفن، ولكن الآن سوف يكون هناك استقرار أكبر بعد فيلم "ولد وبنت". والذي أعتبره خطوة مصيرية في حياتي الفنية. كيف تم ترشيحك لبطولة فيلم "ولد وبنت"؟ المخرج كريم العدل قام بترشيحي للفيلم وذلك بعد أن شاهدني في فيلم "45 يوم"، واقتنع بأدائي، وكذلك المنتج محمد العدل الذي وثق في وحملني مسئولية الفيلم والحمد لله لم أخذله في ذلك، فعندما قرأت السيناريو للسيناريست المتميزة علا عزالدين أعجبت بالشخصية جدا لان علا عزالدين دائما ما تشعر بالمرأة وتعمد إلي صياغة أحاسيسها بشكل جميل ومركز. شخصية "شهد" اعتمدت علي الكثير من المراحل والتغيرات النفسية التي شهدتها الشخصية فما الأساسيات التي استندت عليها للتعامل مع تلك التغيرات التي طرأت علي الشخصية؟ "شهد" بالفعل مرت بتغيرات عديدة، فهي تعتبر فتاة من عائلة محترمة ووالدها مؤلف مشهور "سامي العدل" ووالدتها إنسانة مثقفة "سوسن بدر"، ولكن والدها الكاتب الرومانسي رباها بطريقة معينة، ولكنها بعد وفاته وخروجها للحياة وجدت الدنيا مختلفة تماما، وعلي صعيد ليس ببعيد فهي عاشت قصة حب مع شاب منذ أن كانت طفلة عمرها خمس سنوات وهو أيضا كان طفلاً، واستمرت القصة إلي أن أصبحوا في سن الثلاثين، ولكن تلك القصة مرت بالعديد من التغييرات نتيجة اختلاف مراحل العمر وكذلك اختلاف ظروف الحياة، ففي الفيلم تجد الولد والبنت شخصيتين مختلفتين تماما، ويمران بالعديد من الصراعات والشد والجذب ولكن في النهاية الحب ينتصر، فالرواية بدأت في السبعينيات وتنتهي في 2008، وقد استندت علي الكثير من المحاور لتلك الشخصية المتميزة، أهمها اني لابد أن أتحرك بين مراحل الشخصية بمنتهي السهولة، ودراسة الأبعاد الشخصية لكل مرحلة، والتغييرات الحياتية العديدة التي طرأت علي الشخصية في كل مرحلة. مرور "شهد" بالعديد من المراحل العمرية والنفسية المختلفة خلق المزيد من البعد النفسي للشخصية، فما هو ذلك البعد وعلاقته بمراحل الشخصية المختلفة؟ "شهد" عاشت مراحل عديدة خلقت منها شخصية لها طبيعة خاصة، فقد أثرت الظروف المحيطة بها في خلق تلك المراحل المتعددة في حياتها، ومن تلك الظروف تركيبة المنزل نفسه، وعلاقتها بوالديها، وعلاقة والديها نفسيهما ببعضهما وصدمة وفاة والدها، وشعورها بعد ذلك بفقدان السند الأساسي لها في حياتها، وما طرأ عليها من تغييرات نتاج ذلك، فشخصية "شهد"، لها بعد إنساني رائع، ويمس جوانب النفس البشرية لأي بنت، فأجمل ما في الشخصية أنها تحكي عن مرحلة عمرية كبيرة ومميزة، وهذا هو الذي أعطي شخصية شهد عمقاً وصعوبة ومزيداً من التركيب، وجعلني أعيش معها في كل ظروفها المختلفة. كيف كانت معايشتك لشخصية "شهد"؟ في البداية تناقشت كثيرا مع المخرج كريم العدل وكذلك د.محمد العدل حتي نضع الخطوط الأساسية للشخصية، بالإضافة إلي اني قرأت الورق بمزيد من التركيز، وشعرت بحب شديد للشخصية، فلابد أن أحب الشخصية حتي استطيع أن أعطي المزيد من الاحساس والصدق فيها، فلا ينفع أن أؤدي شخصية لا أحبها. ما الذي جذبك لشخصية "شهد"؟ لأنها شخصية تمثل حياة أي بنت في الدنيا تتعرض للعديد من الظروف والمتغيرات التي تطرأ علي حياتها مما يؤدي إلي حدوث العديد من التغيرات في شخصيتها وينعكس ذلك بالطبع علي قصة حبها، فشهد شخصية واقعية من لحم ودم وهذا اجمل ما فيها، ويعد السبب الرئيسي لانجذابي لها. وهل تجدين أن شهد قريبة من شخصيتك الحقيقية؟ لا، فهي لم تكن قريبة مني، لكن بها أجزاء قليلة مني، لكن للعلم لا يوجد شخصية في العالم قريبة من الأخري بنسبة 100% فمثلاً شهد ستجدينها في كل البنات تقريبا. هل تجدين أن دوافع "شهد" لاختلاق الخلافات مع حبيبها كانت منطقية بعد كل هذا الحب منذ الصغر؟ شهد لم تكن تسعي لخلق الخلافات ولكن الخلافات بدأ تواجدها بعد الظروف النفسية الرهيبة التي مرت بها بعد وفاة والدها، ومن بعدها زواج أمها، وما في ذلك من وجود المزيد من الاضطرابات النفسية التي عاشتها شهد، فهي كانت تعيش حالة من الفوضي الداخلية، ولم تجد براً تستطيع أن ترسو عليه لتصل إلي الامان والسلام مع النفس لكن رغم كل الاختلافات والمشاكل التي حدثت بينها وبين حبيبها. في النهاية أدت إلي انفصالهما لكن حبها كان يعيش بداخلها ولم تستطع نسيان حبيبها طوال كل هذه السنوات، بدليل انها رجعت له في المرة الأولي بعد أن قد انفصلا عاطفيا، ثم رجعت له في المرة الثانية بعد انفصالها عنه. وزواجها من رجل آخر ثم طلاقها منه، وهذا يدل علي أن حبها لذلك الشاب لا يمكن أن تهزمه الظروف أو الصراعات النفسية التي مرت بداخلها. ألم تخشي رد فعل الجمهور انه ممكن ألا يتعاطف مع "شهد"، لأنها تركت حبيبها في الوقت الذي كان يحتاجها فيه؟ بالتأكيد الجمهور سيلتمس العذر لشهد، بعدما يراعي ظروفها النفسية ويعرف مدي الصراعات التي تمر بها، وبالتأكيد الجمهور سيدرك مدي حب شهد لحبيبها، بدليل انها صممت علي الرجوع له بعد كل تلك السنوات، وسيدرك ذلك بعد ما يري أنها تريد أن تكمل رحلة حياتها الباقية مع حبيبها. ما الرؤية الفنية الجديدة التي وجدتها في "ولد وبنت"؟ أول شيء اني وجدت رواية جديدة غير كل الموجود علي الساحة الفنية، ثانيا ان الفيلم له نظرة جديدة مختلفة من حيث السيناريو والاخراج، فهو يمثل تجربة مميزة وكلنا نعد وجوهاً جديداً علي السينما سواء أنا وأحمد داوود وأول تجربة إخراج لكريم العدل، بالإضافة إلي أن الإنتاج كان مميزاً وعمل علي احترام الوجوه الجديدة بدليل سخاء الإنتاج. هل تجدين انه يوجد طفرة في الوجوه الجديدة في الوقت الحالي علي الساحة الفنية؟ بالتأكيد، فأصبحت الوجوه الجديدة الآن ممكن أن تحمل مسئولية فيلم بالكامل وذلك لم يتم تشجيعهم وتدعيمهم في ظل ظروف انتاجية مميزة، فيوجد العديد من الأفلام التي اعتمدت علي الوجوه الجديدة وحققت نجاحاً هائلاً، والفنان الناجح سيستطيع أن يثبت نفسه ويحقق لنفسه الاستمرارية. ما كواليسك مع المخرج كريم العدل؟ كنت سعيداً أن أول تجربة لي في السينما تكون مع مخرج رائع مثل كريم العدل، فهو بالرغم من انها أول تجربة سينمائية له أيضا إلا انه متمكن من أدواته، ويملك لغة سينمائية جميلة، وهذا ما جعلني مطمئنة، فقد كنت معجبة بأسلوب تعامله مع الكاميرا مما جعل الفيلم يملك تقنية عالية علي المستوي الفني والتجاري. وفريق العمل؟ بالطبع الفنانة سوسن بدر، والفنان سامي العدل من الشخصيات التي سعدت بالتعامل معهم خصوصا سامي العدل لأنه يملك شخصية قريبة من القلب ودمها خفيف، وكذلك شعرت بالحب الشديد للفنانة سوسن بدر فهي طيبة جدا وتقف بجانب الوجوه الجديدة. بالإضافة إلي أننا كلنا كفريق عمل شباب أنا وأحمد داوود وآية حميدة كل شخص فينا يشعر بمسئوليته تجاه دوره وتجاه الفيلم بالكامل ويريد أن يؤدي دوره جيدا، فالفيلم مسئولية كل العاملين فيه بما فيهم فريق ما وراء الكاميرا فلا ينفع أن يتحمل شخص واحد مسئوليته وحده، الكل مشترك في مسئولية العمل. وماذا تمثل تجربة أول بطولة مطلقة لك؟ هذا توفيق من ربنا، فأنا من بعد فيلم "45 يوم"، كنت لمدة سنتين ونصف لم ادخل في أي عمل فني بالرغم من الأدوار التي عرضت علي، لأني كان أهم شيء عندي أن يوجد دور يضيف لي، ولا تتخيلي كنت في حرب شديدة مع نفسي، لكن الحمد لله لم يضيع صبري هباء، وعرفت اني علي صواب، لأني لا يمكن أن أخوض تجربة عمل فني لمجرد الانتشار، ولكن أهم شيء أن تكون تجربة ثرية فنيا، وهذا هو ما يهمني. هل من الممكن أن ترجعي لأدوار البطولة الثانية مرة أخري ولو بالمشاركة مع نجم كبير؟ أنا لا يهمني مساحة الدور بقدر ما يهمني قوته وتأثيره في العمل الفني، فلا تفرق معي أبدا مساحة الدور إذا كان صغيرا أو كبيرا، لانه عمر ما كانت مساحة الدور كافية لصنع نجم، فلو كان دوري كبيراً وسخيفاً فسوف يضيعني، وأهم شيء عندي مدي تأثير الدور، وبالطبع وجود النجوم يعمل علي تدعيم الفيلم وثرائه. ما الصعوبات التي واجهتك أثناء التصوير؟ كل مشاهد الفيلم كانت قوية بالنسبة لي وصعبة ومؤثرة لانها تعتمد علي أداء تمثيلي عال، وتعبيرات مؤثرة، فأنا اعتبر كل مشهد قمت به بذلت فيه مجهوداً لكي يصل إلي الناس بسهولة. ما الذي ترسمينه لنفسك في المستقبل وخصوصا انك وضعت قدمك علي أول الطريق؟ أنا دائما أترك كل شيء لله، فكل الذي أقوم به هو الاجتهاد في عملي والباقي كله علي ربنا بعد ذلك، فأنا لا أحب التخطيط الكثير لأنه ممكن أن يتعبني بعد ذلك نفسيا لو لم تتحقق تلك الخطط، لأنه لا يوجد شيء يتحقق كما يخطط الإنسان له لان المستقبل بيد الله، فتخطيطي للأشياء يكون في الحدود المعقولة، حتي نستطيع التعامل مع كل المتغيرات التي ممكن أن تفاجئنا في حياتنا. هل تجدين أن ملامحك الهادئة ممكن أن تحددك في نوعية معينة من الأدوار؟ قديما كانت الملامح تسجن الفنان في أدوار معينة، أما الآن فالفنان يستطيع أن يمثل كل الشخصيات، فالفنان يتأقلم حسب الورق الموجود أمامه، بحيث يستطيع أن يقدم كل الألوان من التمثيل. حتي لو كانت أدوار جريئة أو إغراء؟ لا يوجد شخصية اسمها جريئة، ولكن يوجد شخصية تكون محتاجة في مرحلة معينة من الدور أن تكون جريئة وملفتة وخصوصا لو كان الدور جيداً، ولكن لو كانت الجرأة موجودة بدون مبرر فبالطبع لن أقوم بالدور، لأني وقتها سأشعر اني مجرد موديل ولست فنانة. بحكم انك أساسا فنانة مسرحية، فهل من الممكن أن تخوضي تجربة مسرح الآن؟ لا، بالتأكيد، فأنا أحاول أن يكون تركيزي كله علي السينما الآن، لكي أحقق نفسي فيها، فبالرغم من أن المسرح له أهمية في حياة كل فنان، لكن السينما لها سحرها والذي طالما حلمت بها طوال عمري.