سعدت بحضور إحدي جلسات الاجتماع التحضيري الإقليمي للهيئة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي الذي عقد بالقاهرة بالتعاون بين مركز بحثي عريق هومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومؤسسة فكرية تعد من أهم مؤسسات الفكر في مجالها وأشرف بعضويته وهوالمجلس المصري للشئون الخارجية. ومصدر سعادتي بحضور تلك الجلسة هوواقعية المناقشات والبعد عن المثالية أوالمهاترات التي لن تأتي بنتائج علي أرض الواقع كما أن الاجتماع التحضيري جاء في مناخ مهيأ لإعادة النظر في كل ما يخص منع انتشار السلاح النووي وخفض التسلح وذلك بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1887 بتاريخ 24 سبتمبر 2009 الذي تبنته الولاياتالمتحدةالأمريكية بإرادتها الديمقراطية الجديدة لوضع خطوات ثابتة للتوصل لعالم خالِ من الأسلحة النووية. ويتعلق القرار بمعاهدة منع انتشار السلاح النووي مع تحديد هدف هوالوصول لعالم خال من الأسلحة النووية وإمكانية لحيلولة من وصولها لأيدي جماعات إرهابية أودول مارقة وعدم تحويل القدرات السلمية لقدرات نووية.في ظل تلك الظروف عقد الاجتماع التحضيري ومن المنتظر أن يسهم في مدخلات المؤتمر الدولي الذي سيعقد في مايوالمقبل لمراجعة معاهدة منع انتشار السلاح النووي لقد أثيرت في إحدي الجلسات العديد من النقاط الخلافية مثل مدي التوازن بين الآليات والضغط الدولي المفروضة علي دول النادي النووي والدول غير النووية عند الانضمام لمعاهدة منع انتشار السلاح النووي ففي حين نجد الوكالة الدولية للطاقة الذرية انشغلت بالتفتيش في العراق سابقاً وفي إيران حالياً ومجلس الأمن يصدر قراراته العقابية لإيران وكوريا الشمالية إلا أنه ليس هناك آليات ملزمة للدول النووية بخفض أونزع تسليحها رغم أن ذلك قد نصت علي أهميته المادة السادسة من الاتفاقية. مما يظهر ازدواجية المعايير في المجتمع الدولي ويؤكد أن القوة تخلق الحق وتحميه وهوما أكده جاريث أيفانز في احدي جلسات الاجتماع التحضيري حين آثار ارتباط الحد من التسلح بخفض ونزع السلاح النووي ، حيث تمتلك أمريكا وروسيا 95 % من الثلاثة وعشرين رأس نوويا المنتشرة في العالم. كما أثير وضع الدول غير المنضمة منضمة لاتفاقية منع انتشار السلاح النووي ومعلنه بامتلاكها لهذا السلاح مثل الهند أوباكستان، أوغير معلنة لكنه معروف ضمنياً مثل إسرائيل ، ومدي إمكانية إقناع تلك الدول بالانضمام لاتفاقية منع انتشار السلاح النووي ، وفي حالة انضمامها هل ستنضم كدولة نووية أم ستقبل التخلي عن ذلك السلاح وهوما يعد بعيد المنال في ظل الظروف الدولية الراهنة ، فامتلاك دول كالهند وباكستان غير المنضمين للمعاهدة للسلاح النووي يقلق دول الجوار ويهدد السلم والأمن الدوليين. كذلك إسرائيل التي تعد الدولة الوحيدة المالكة للسلاح النووي في المنطقة مما يخل بميزان القوه ولذلك طالبت مصر بأهمية إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل. المعضلة الثالثة التي أثيرت وهي ذات أهمية قصوي هي موضوع إيران وكوريا الشمالية وهما دولتان منضمتان لاتفاقية منع انتشار السلاح النووي وقد تابعنا جميعاً الإجراءات ، والعقوبات ، وبعثات التفتيش التي تمت لوجود اعتقاد شبه راسخ إما بامتلاكهما أوبإمكانية امتلاكهما لمفاعلات نووية لأسباب غير سلمية.فامتلاك كوريا الشمالية أسلحة نوويه يثير مخاوف كوريا الجنوبية واليابان ودول منطقة أسيا ، كما أن امتلاك إيران لقنبلة نووية في ظل وجود قيادة تسعي للهيمنة علي منطقة الخليج تثير مخاوف دول الجوار بالإضافة لتوجس إسرائيل ومخاوفها التي تصل إلي التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لإيران. والحالتان هنا تم التعامل معهما من قبل الأممالمتحدة وصدور عدة قرارات ملزمة إلا أن الدول تحدت الإرادة الدولية وراوغت مما أثقل كاهل المجتمع الدولي بالمخاوف. إن بيت القصيد هو في عاملان أساسيان :- العامل الأول ، هو أن المعاهدة نفسها غير عادلة في بنودها فهي تطلب من الدول غير النووية عند توقيع المعاهدة أن تلتزم بعدم إنتاج سلاح نووي وتلزمها بذلك وتتغاضي عن إيجاد آليات إلزام للدول النووية لنزع سلاحها. العامل الثاني ، هي أن الدول التي وقعت الاتفاقية طواعية بهدف التعاون من أجل عالم أفضل تجد نفسها معاقبه علي ذلك في حين أن الدول التي لم توقع علي الاتفاقية حرة طليقة لا يوجد رادع لإنتاجها سلاحًا نوويا. إن الحل الوحيد لإخلاء العالم من أسلحة الدمار الشامل والوصول لنقطة الصفر في السلاح النووي هوأن تخلص النوايا الدولية وتعلي قيمة السلم والأمن الدوليين وأن تؤازر وتدعم المنظمات الدولية والإقليمية ذلك الهدف كذلك أن تقوم المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بإعلاء قيمة السلم والأمن في جميع المناحي وممارسة الضغوط علي القيادات السياسية التي تعمل في الاتجاه المعاكس. إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة ويعد الاجتماع التحضيري الإقليمي للهيئة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي هوخطوة من خطوات عدة تمت أويجب أن تتم حتي تتحقق الأماني يوماً ما في عالم يسوده الكثير من العنف والقليل من الحلم والحكمة.