نشر موقع اليكتروني عربي صورة_سربت_لجثة المغنية اللبنانية القتيل سوزان تميم_وهي بعد مسجاة علي الأرض فور الكشف عن الجريمة. الموقع تعلل أنه فعل ذلك لتبيان بشاعة الجرم_فعل القتل_وكأن إزهاق روح بغير حق غير كافٍ بمفرده للتجريم، وعندما حذف الموقع الصورة بعد أن جذبت آلاف المتصفحين وأكثر من مائة تعليق في ساعة تقريبا، فسر تصرفه بأنه_احترام_للخصوصية وامتثال لطلب البعض مراعاة أسرة القتيل وما شابه. الذي يعيش في روما يفعل مثل أهلها.. والموقع الذي بدأ قبل ثمان سنوات في لندن يعرف قوانين هذا البلد والتي تجرم هذه الأساليب الرخيصة.والمشتغل في الإعلام بأنواعه يعرف هذه القواعد ولا ينتظر تعليقات القراء ولا رسائل ذوي القتيل ليعدل عن خطأه.، وهناك أمر آخر وهو حق أولياء الدم في عدم نشر ما يمس فقيدهم أو يجرح شعورهم والمخجل أن يستغل برنامج حواري رأي الجمهور عبر التصويت بالهاتف _ سعر الدقيقة جنيه ونصف - لعرض نفس الصورة، ثم يمتد التصويت ليوم آخر لأن الموافقين علي نشر الصورة بالكاد 51% من المصوتين؟ مرحبا بالانصياع وراء رغبات الغالبية علي ألا تشكل خرقا لقاعدة مهنية وأخلاقية بسيطة. وليس ببعيد ما حدث يوم وفاة المخرج المصري يوسف شاهين عندما أعادت مواقع وفضائية مصرية نشر صور ولقطات لنقله وهو في غيبوبة في سيارة إسعاف كانت تنقله للعلاج بالخارج سابقا.. نقابة الصحافيين المصرية لم تعلق لكن قالت في حادثة النشر الأولي أنها ستحقق في الأمر وأسرة المخرج لم تكن متفرغة لمقاضاة من نشر هذه اللقطات، وعندما أعيد بثها مرة أخري بعد وفاته لم يتحرك أحد. فهل يتصور البعض أنهم بهذه الخبطات قد أتوا بما لم يأت به الأوائل..أصبحوا باباراتزي مثلا؟ هذه أيضا مردود عليها فحتي مقتنصي الصور واللقطات بالخارج لديهم حد أدني من القواعد المتفق عليها.. الممثلة الأمريكية جوليا روبرتس لاحقت بسيارتها أحد المصورين لأنه التقط صورا لأطفالها، ووبخته مذكرة إياه انه يمنع تصوير أطفال المشاهير في مدرسة أو ما شابه، وهو عرف بين صحافيي الفضائح واقتناص صور المشاهير علي غير رغبتهم، جوليا متزوجة من مصور أيضا. وفي مايو الماضي نشرت صحف أوربية عن المتاعب التي تواجهها عائلة الفتاة النمساوية التي تعرضت للاختطاف والتعذيب والاغتصاب علي يد والدها لأربع وعشرين سنة متصلة. الفتاة وأبناؤها الستة من الأب يعيشون الآن في منطقة غير معروفة للإعلام. وقد اتفق الصحفيون والمصورون المحليون علي ألا يتم اختراق خصوصية هذه العائلة وعدم نشر ما قد يسبب مزيدا من المتاعب لهذه الأسرة رغم تيسر لهم بالأخص أنه يمكن الوصول لأفراد الأسرة الكبيرة والمعلنة أسماؤهم. لكن الملاحقة جاءت من إعلاميي دول أخري: فأكثر من عشرين مصورا بريطانيا وصلوا لمدينة_اميشتيتين_فيما حاول بعض مصوري البابارتزي من السويد ودول اوربية أخري الوصول لغرفة الفتاة الكبري كريستين 91 عاما بينما كانت لم تزل في غيبوبة استمرت شهرا. بعض المصورين تسلقوا الأشجار وقد أصيب حارس عندما وقع من شرفة أثناء مطاردته لأحدهم وبحسب الجارديان فإنه كان مشهدا غير مألوف في المدينة الهادئة. ممرضة تجري وراء مصور لتمنع التقاط صورة لمريضتها..الممرضة تفهم أن المريض أمانة لديها. وقالت تقارير أن أحد العاملين بالعيادة النفسية التي تعالج فيها كريستين قد التقط لها صورة معتزما بيعها بمبلغ 300 ألف يورو- 42 مليونا و300 ألف جنيه مصريا والله اعلم- فأصدرت إدارة العيادة تعميما فوريا أن مثل هذا التصرف لو حدث فسيهدد الحياة المهنية لمن يقوم به وسيكلفه تعويضا ضخما أكثر بمراحل مما قد يجلب عليه بيع صورة ملتقطة خلسة لفتاة مريضة فاقدة الوعي. وكانت معركة أخري مع طاقم التليفزيون البلجيكي بسبب محاولتهم دخول المستشفي الذي تعالج فيه الفتاة. ويتكرر أن يحرص المصورون علي التقاط الصور للمتهمين رغم رفض هؤلاء ووضع أيديهم أو مناديل أو حتي ملابسهم علي وجوهم لكن لا مفر. وفي أحيان كثيرة يحرص الإعلام العربي علي ألا يغضب القراء بما ينشره ويتعارض مع ثوابت قيمه لدي هذا الجمهور: تقاليد أو دين، وبالطبع يراعي القانون حتي لا يقع تحت طائلته، لكنه قد لا يتردد في اختراق قواعد أشمل تعد نواميس كونية وثوابت بين العديد من الثقافات الإنسانية وما يسمي بكريم المعتقد؛ ومنها حرمة الجسد البشري وحق الآخرين في احترام خصوصياتهم. وهناك من يذكر متن الحديث الذي نهي فيه الرسول محمد صلي الله عليهوسلم عن التمثيل بالجثث حتي لو كانت لحيوان ميت..وفي نفس الحكم يجب تجريم نقل صور القتلي إلا باستثناءات محكمة.ويحدث أن يكون نقل صورة الجثة لهدف كتأكيد وفاة شخص _ مثلما حدث مع ابني صدام حسين عندما قتلتهما القوات الأمريكية في 22يوليو2003وما يحدث عند نقل صور مطلوبين لحكومات- وحتي هذه اللقطات قال البعض إنها لم تكن لتقتحم كل البيوت بل يقتصر عرضها لغرض التيقن علي المختصين ووسائل الإعلام، ثم تقرر الأخيرة إذا ما كانت ستعيد نشر الصور لجمهورها أم لا ويفترض أن الصورة تلعب دورا في توضيح الخبر أو تكون هي مصدر الخبر، و "صورة واحدة أصدق من ألف خبر"لكن الواقع أن حتي الصور قد تكذب أحيانًاً، إذ جعلتها مدارس صحافية تسحب القاريء لخيالات وتهاويم لا علاقة لها بالمنشور، وأحيانا ما يتم نشر الصورة كتعويض عن هجوم_إحنا صحيح شاتمينك..بس منزلين لك صورة كده" وغير ذلك الكثير.ويبدو أن دروسا كثيرة في استخدام الصورة ونشرها علينا جميعا تعلمها قبل التفاخر بنشر صورة لجثة قتيل أو مريض يحتضر باعتبارها سبقا صحفيا. هي سبق بالفعل ولكن في الاستخفاف بحرمة الجسد البشري وهيبة الموت.