قد يستغرق ابرام اتفاقية امنية بين واشنطن وبغداد يفترض ان تحدد قواعد الوجود العسكري الأمريكي في العراق، وقتا اطول بسبب المقاومة السياسية الشديدة في الجانب العراقي لاي تنازل عن السيادة.وفي مواجهة الجدل الدائر في الاوساط السياسية العراقية الذي تعززه انتخابات المجالس المحلية المقبلة في الخريف، اكد الرئيس الأمريكي جورج بوش لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "التزام الولاياتالمتحدة التوصل الي اتفاق يحترم بشكل كامل السيادة العراقية"، حسبما ذكر الناطق باسم البيت الابيض جوردن جوندرو. والاتفاق الذي جرت مفاوضات مكثفة بشأنه منذ اسابيع، يتقدم بفضل تسويات لكن خلافات ما زالت قائمة حول بعض النقاط الاساسية في النص الذي يفترض ان يحدد اطارا قانونيا للوجود العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء تفويض الاممالمتحدة في 2008. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان واشنطن وبغداد اللتين حددتا نهاية يوليو موعدا لابرام الاتفاق، ما زالتا مختلفتين حول حصانة الجنود الأمريكيين امام القضاء العراقي وهي نقطة تشكل الاساس التقليدي لاتفاقية وضع القوات (ستيتوس فورسز اجريمنت). وما زال الجانبان علي خلاف ايضا بشأن عدد القواعد للجنود الأمريكيين في العراق علي الامد الطويل، اذ ان واشنطن تطالب بنحو خمسين منها، وحول حرية شن عمليات وتوقيف واحتجاز عراقيين. قال الخبير في الشؤون العراقية في معهد واشنطن (واشنطن اينستيتيوت) نزار الجنابي ان "الحكومة تواجه خيارا صعبا: انها تريد استعادة السيادة في اسرع وقت ممكن لكنها تريد ايضا الابقاء علي وجود للتحالف الي ان تتمكن القوات العراقية من تحمل مسئولية الامن في البلاد". من جهته، صرح مايكل اوهانلن الخبير في شئون الدفاع في مركز "بروكينغ انستيتيوت" ان العراقيين "حريصون علي تأكيد سيادتهم لاسباب داخلية ويحتاجون للبرهنة لشعبهم انهم لا يركعون امام الولاياتالمتحدة". من جهة اخري، قال ستيف سايمون من مركز العلاقات الخارجية ان هذه المناقشات "تحيي شبح هيمنة اجنبية طويلة الامد عاشها العراقيون مع البريطانيين" في النصف الاول من القرن الماضي. وحرصا علي التوصل الي نتيجة، قدمت الولاياتالمتحدة تنازلات. وقال زيباري انهم تخلوا عن طلب الحصانة للشركات الأمريكية المتعاقدة في العراق وهي قضية تتسم بحساسية خاصة بعد مقتل 17 مدنيا عراقيا في سبتمبر الماضي برصاص اطلقته عناصر في شركة "بلاك ووتر" الامنية الخاصة. اما بغداد، فتخلت عن طلب التزام الولاياتالمتحدة حماية العراق من التهديدات الداخلية والخارجية. لكن الخبراء يشككون في امكانية التوصل الي اتفاق في نهاية يوليو. وقال نزار الجنابي ان "السياسيين العراقيين يخوضون حملة خطابية تجعل من شبه المستحيل التوصل الي اتفاق هذا الصيف". وتحدث وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني بنفسه عن هذا الاحتمال مؤكدا في مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية ان العراق "يريد اتفاقا لوضع القوات قصير الامد لسنة او سنتين". واضاف اوهانلون ان "الخيار الذي لا نملكه حتي اذا كنا نريده هو سحب كل جنودنا بحلول ديسمبر" المقبل.