والدولة البوليسية... الاعلام في الالفية الثالثة يجعل جسم الانسان يبدو شفافا ويراه كل من يريد ان يري... يري العيوب ويصنفها ويحدد اتجاهاتها، و يعرف كل من يعمل فيها و بها !!! وتلك الشفافية تجعل العالم يري تلك الكتلة المعقدة في الدماغ البشرية.( العقل)... بكل تفاصيله... ويمكنه استنتاج خطواتك القادمة... لا تخف.!. نحن الان شفافون امام الغرب وامام العالم...يرون تحركاتنا.. ويرون أساليب السلطات التنفيذية وتعاملها مع الشعب.. ومع الجماهير ومع كل أصناف البشر... ويعرفون الانسان جيدا ويعرفون أبسط حقوقه ليعيش حياة كريمة ..ويعرفون كل طرق التعذيب التي تتم... وكل انتهاك للكرامة الانسانية... وعند اتهامك الاتحاد الاوروبي بانه هناك مؤامرة لاصدار بيان يدين مصر في مجال حقوق الانسان.. فانت أكيد لا تعرف شيء ولا تدرك ان تلك الكلمات تضعك في الصف الاول من طابور الدول المتهمة بعدم تنفيذ المعاهدات الدولية التي وقعت عليها.. وأصبحت ملتزمة امام العالم بتنفيذها... أو حتي تبرير الخطأ في تنفيذها اذا اتهمت بالبعد عن الانسانية !!! واذا لم يحدث هذا..أصبح إخلالا أخلاقيا.... للدولة !!! وليس لشخص.. مثل ما قاله واصدره كل من الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والسيد / صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري..... والحاج / محمد أبو العينين... يتهمون الاتحاد الأوروبي بانه يصدر قراراته لغرض ما في نفس يعقوب !!!! هذا الكلام وما شابهه لا يعقل في زمننا هذا.... قد يكون مقبولا اذا قيل من 50 عاما... اما الآن....فلا.... فنحن شفافون.. وليس بارادتنا.... بل بتقدمهم هم ونبوغهم في العلوم التقنية والانسانية... اذا كنا قد صحونا من النوم فقط منذ عامين.. وقررنا تعديل الدستور المصري... فان تلك الشعوب الاوربية...لم تستيقظ الان فقط من النوم !! بل انها تعمل منذ عشرات السنين علي وضع قوانين ودساتير تسير علي نهجها... والاتحاد الاوروبي ومؤسساته لايخضع الي أمريكا.. ولا يمكن اتهامه أو توجيه اللوم له لانحيازه الي اسرائيل في قراراته. وفي توجهاته...وليس له برنامج سياسي عنصري يطمح أن ينفذه في مصر او في الدول العربية... بل علي العكس... نجده يسعي لحث الدول المانحة لمساعدة فلسطين...علي سبيل المثال... وليس دفاعا عن الاتحاد الاوربي... أتكلم.. ولكن لابد ان يكون هناك تفرقة بين من يقوم بزيارة الدول العربية وحثها علي عداء ايران .. وبين من يقوم بزيارات للدول العربية ومصر لاقامة مشروعات تنموية ولها انعكاسها الاقتصادي علي تلك الدول. .. هذا هو الفرق بين أمريكا واوروبا... احترام العقلية العربية - مهما كانت _ والاخذ والاهتمام بكل ماتقوله وتفعله.. ونقد الخطأ..وفتح نوافذ المعرفة والرقي.. وأخذ الاستشارات ( مقابلات الرئيس مبارك مع وفود الاتحاد الاوروبي ) كان من صفات وسمات الاتحاد الاوروبي عند تعامله معنا.. ولو رجعنا بالذاكرة القريبة الي الدستور الاوروبي الموحد الذي تم طرحه للتصويت في عدد من الدول الاوروبيه ومن ضمنها فرنسا.. لوجدنا ان دولة مثل فرنسا رفضت الموافقة علي الدستور الاوروبي الموحد، في الاستفتاء الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك .. ولم تقم الدنيا وتقعد وتتهم الاتحاد الاوروبي بان هناك مؤامرة.. ولخبطة و وتجميد المفاوضات والغاء السفريات وتبادل الكلمات... الي آخره من تلك المظاهرة... غير المفهومة...التي تقيمها مصر الان علي لسان رئيسي مجلسي الشعب والشوري ! ولسنا هنا للمقارنة بين دستور مصر والدستور الاوروبي الموحد.. ولكننا نقارن ردود الافعال لكلا الشعبين علي حدث واحد. متشابه من حيث قيمة وأهمية الحدث وايضا....ولو عرفنا ان اهم هدف من الدستور الاوروبي الموحد هو جعل أوروبا أكثر ديموقراطية وكفاءة مما هي عليه !! لتعجبنا من تردد فرنسا.. وهولندا في الموافقة عليه .. ولهم أسبابهم... في الخوف من فقد الهوية الوطنية داخل الكيان الاوروبي الموحد... اما نحن.... فليس لدينا أسباب تستحق هذا الصخب... فلو نظرنا للبنود 17 الواردة في قرار البرلمان الاوربي حول ( حقوق الانسان في مصر ) لوجدنا أن معظمها حقيقي... ولو ان هناك بندا واحدا من تلك البنود في أحد دول الاتحاد الاوروبي.. لما سكت عليها باقي الاعضاء... ولكن أن يصل عدد الانتهاكات المذكورة الي 17 بندا.. في دولة لها علاقات مع الاتحاد الاوروبي... وتتلقي منه المنح وتتبادل معه الخبرات وتحل له بعض مشاكله... اذا كان لابد له ان - للبرلمان الاوربي - ان يقول ان هناك وقفة مع مصر... وليس مقاطعة... وكان يجب ان يكون الرد المصري أكثر تحضرا وأكثر دقة... ثم اين دور البعثات الرسمية المصرية المتواجدة بالمؤسسات الحقوقية بأوروبا قبل صدور مثل هذا القرار الذي يدين مصر في الانتهاكات الحقوقية.. واين دور الوفود المصرية البرلمانية..التي تذهب وتعود في مظاهرات سياسية لم نخرج منها بأي نتائج ايجابية؟ فمصر تتعامل بكلامها ومحادثاتها مع أوروبا كلها، وليس مع صحيفة نشرت خبرا مشكوكا في صحته، او بيانا من جماعة تنتمي الي الجماعة المحظورة... مثلا؟؟؟؟!!