عندما يغيب عنا حس تقدير حجم الكارثة، مقابل تكلفة التخلص منها، قل علي الدنيا يا رحمن يا رحيم. والكارثة وضع المسئولون أصابعهم عليها، لكنهم عاجزون علي وضع أياديهم في الخزانة من أجل أخذ المال اللازم لدرئها وإزالتها، فحظائر الخنازير تحيط بالقاهرة الكبري من جميع الجهات، وكل الخبراء يصرخون ويشيرون بأصابعهم السبابة ويقولون المصيبة ها هنا.. المصيبة ها هنا.. المصيبة ها هنا مع ذلك يتصرف المسئولون معها ببلاهة وسذاجة وتصريحات "فشنك". يقولون هناك خطة ندرسها في القاهرةوالجيزة لنقل الزرائب والزبالين ومعهم الخنازير إلي المناطق الفضاء.. أنا شخصيا كلما سمعت كلمة خطة تحسست مسدسي وهممت بتفريغ خزانته في رأسي.. فالخطط عندنا بالأكوام ولم ننجح منذ أن عرفتها أسماعنا في تنفيذ واحدة منها.. فبفضل خطط التعليم والإسكان والصحة والبيئة وغيرها، يعاني معظمنا من الجهل، ويبيت نصفنا في الإيواء، وتعشش العلل والأمراض في اجسامنا وننفرد ببيئة النجاة من الموت فيها لطف من المولي عز وجل. مع ذلك يواصل المسئولون خططهم ودراساتهم لنقل الخنازير منذ عام 1962 ولم ولن يفعلوا شيئا فالخنازير باقية والزبالون في أماكنهم، والخطط والدراسات تجري علي قدم وساق،والتصريحات بنقلها في أقرب فرصة لم تنقطع. وآخر تصريحاتهم أن نقل خنازير القاهرة وزباليها يحتاج علي الأقل إلي 35 مليون جنيه، ونقلها من الجيزة يحتاج 20 مليون جنيه، ولكن لم يتم تدبير هذا المبلغ حتي الآن. تخيلوا 55 مليون جنيه مطلوبة لتخليصنا من الوباء الذي ستنقله لنا الخنازير، لكننا عاجزون عن تدبيرها.. وأنا اقول إن الفقر هنا ليس في خزائننا وانما في رؤوسنا.. فلو عرفنا ان هذه الخنازير هي أم الكوارث، وأنها يمكن ان تكون وسيطا لنقل فيروس أنفلونزا الطيور إلي الإنسان، وبالتالي سنفني ونصبح عدما، لاكتشفنا أن هذا المبلغ "هايف وفكة"، وأنه لو كان حتي نصف مليار أو حتي مليار فإنه لا يوازي شيئا مقارنة بالكارثة التي ستحل والمصيبة التي ستقع. تريدون ان تعرفوا حجم الكارثة بلا تهويل وبلا تهوين ودون قصد مني علي الاطلاق لإلقاء الفزع والرعب في قلوبكم؟ الاجابة وببساطة شديدة ان الخنازير التي تعيش مع الزبالين والدواجن في احضان أولادهم تحت سقف عشة صفيح واحدة، لها نفس التكوين الجيني للإنسان، ويمكن - لا قدر الله - إذا انتقل إليها فيروس انفلونزا الطيور وتحور بداخلها فان هذا يعني ان الفيروس سيصيب الزبال والباقي تخيلوه: الزبالون ينتقلون من زرائبهم كل صباح إلي بيوتنا.. يدخلون نفس العمارة ويسيرون في نفس الطرقات وربما يركبون نفس المصاعد ويعطسون فيها، أي أنهم قنابل موقوتة محملة بالفيروس.. أو ستكون محملة بالفيروس وتسير علي قدمين! وموقع هيئة الإذاعة البريطانية علي الإنترنت بشرنا ونكد علينا حيث قال: إن علماء في الصين اكتشفوا فيروس انفلونزا الطيور في الخنازير. وقال مسئول في المختبر الوطني الصيني المتخصص في دراسة انفلونزا الطيور ان الفيروس اكتشف في الخنازير في مزارع في انحاء متفرقة من البلاد. وكان قد قتل أكثر من 20 شخصا، واتلف حوالي 200 مليون طير أثناء وباء انفلونزا الطيور في آسيا في مطلع العام الحالي. ولم يتأكد من انتشار المرض بين الخنازير، ولكن إذا كان الأمر صحيحا فانه ستكون له عواقب وخيمة علي صحة الإنسان. وتقول منظمة الصحة العالمية إذا كان من الممكن للخنازير ان تصاب بانفلونزا الطيور وأنفلونزا الإنسان، فإن من الممكن ان تنتقل العدوي إلي الإنسان. وقالت منظمة الصحة العالمية ان الانتشار السريع لسلالة قاتلة جديدة من انفلونزا الطيور في آسيا تهدد بان يتحول المرض إلي وباء بشري خطير. وقال متحدث باسم المنظمة ان المرض أصبح في مرحلة خطيرة جدا الآن، وأنه لا يتعين ترك الأمر للدول المعنية لاتخاذ إجراءات منفردة لمكافحته. وقال مسئول ل "بي. بي. سي" انه أصبح من الواضح ان الفيروس منتشر منذ فترة أطول مما كان معتقدا، مما ضاعف خطر تطوره وزيادة تهديده للبشر يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه مسئولون باكستانيون انه تم اكتشاف سلالة من مرض أنفلونزا الطيور في الدواجن في مدينة كراتشي بجنوب البلاد. وحظرت الصين استيراد الدواجن من تايلاند وكمبوديا. وفي فيتنام جاءت الفحوصات التي اجريت علي الخنازير ايجابية باصابتها بفيروس اتش 5 ان 1 المسبب لمرض انفلونزا الطيور، والذي اصاب ملايين الطيور في انحاء آسيا، وأدت الاصابة لوفاة 18 شخصا، وذلك حسبما أعلنت منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة. وقال مسئولون ان مرض انفلونزا الطيور الذي يجتاح آسيا ينتقل إلي البشر عن طريق الاتصال المباشر بالطيور المصابة بالعدوي. لكن خبراء قالوا انه من المحتمل انتقال الفيروس للإنسان عن طريق حيوان ثديي آخر، مثل الخنازير التي ثبتت علاقتها بعدوي الانفلونزا البشرية في الماضي. وقد جرت العادة علي تربية الخنازير مع الطيور في المزارع المنزلية التقليدية في آسيا، وهي أشبه بالإنسان فيما يتعلق بالجينات الوراثية مقارنة بالطيور. وقال انتون ريخنر، ممثل فيتنام في منظمة الأغذية والزراعة ان الفحوصات اجريت مؤخرا علي الخنازير في مزارع العاصمة هانوي وحولها، لكنه لم يحدد عدد العينات التي اختبرت والمعامل التي استخدمت. وقال ريخنر ان نتائج الاختبارات علي عينات الدم التي اخذت من الخنازير لم تكتمل بعد. وكان خبراء الصحة قد حذروا من احتمال امتزاج فيروس انفلونزا الطيور مع فيروس الانفلونزا البشرية التقليدية مما قد يولد نوعا فتاكا من الفيروسات يكون قادرا علي الانتقال من الإنسان إلي الإنسان. وقال جون اوكسفورد الخبير في مرض الانفلونزا بكلية كوين ماري للطب في لندن في وقت سابق هذا الشهر، يمكن ان تكون الخنازير وعاء تمتزج فيه فيروسات الطيور مع الفيروسات البشرية ، لا يمكنني استبعاد الخنازير وأدي مرض انفلونزا الطيور إلي قتل 13 شخصا في فيتنام وخمسة آخرون في تايلاند. معني ذلك أننا مرشحون وبقوة لتلقي المرض من الخنازير التي تعيش وتتغذي علي القمامة والقاذورات والتي يصل حجمها في القاهرة الكبري فقط 300 طن، وتكون مرتعا للميكروبات والبكتيريا وهي في الوقت نفسه المكان الذي يعيش فيه جامعو القمامة وأبناؤهم وفي القاهرة وحدها يوجد 860حظيرة لتربية 88 ألف رأس خنزير..... وفي الجيزة هناك 400 حظيرة لتربية 40 ألف رأس خنزير. محافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير وعد بنقل الحظائر والدكتور فتحي سعد محافظ الجيزة وعد كذلك، ومن قبلهما من المحافظين السابقين وسابق السابقين سمعنا نفس الوعود.. ولكن لاتزال الخنازير باقية.... رغم تحذيرات العلماء والدراسات العديدة التي أثبتت خطورة الخنازير علي الصحة العامة لأنها تمثل عاملا وسيطا لنقل فيرس أنفلونزا الطيور للإنسان بل إنها ربما تنتج جيلا جديدا من الفيروس أشد خطورة. يا دكتور وزير ويا دكتور سعد تحركا قبل أن تقع الفأس في الرأس فالخطر يزحف علينا ونحن كالعادة نخطط وندرس ونشكل اللجان، وهذا التباطؤ في حد ذاته فيروس خطير لا يقل ضراوة عن فيروس أنفلونزا الطيور بوجوده بيننا وتمكنه من تفكيرنا، خسرنا كثيرا وسنخسر أكثر.... اللهم بلغت... اللهم فاشهد!