في ظل الرغبة بإضعاف سوريا وحزب الله، وضعت الولاياتالمتحدة، بموافقة إسرائيلية، وفق ما نشرته "يديعوت أحرونوت"، خطة لتسليح الجيش اللبناني وتدريبه، فيما تعرض رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت لانتقادات من وزراء كبار في حكومته لتفرده باتخاذه القرار برفع الحصار البحري والجوي عن لبنان. من جهته، رأي رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين ان المعركة في لبنان لتطبيق القرار 1701 قد تنزلق من الاختلاف السياسي الي مواجهة عسكرية بين الجناح الذي يقوده رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وبين الجناح الذي يقوده حزب الله وسوريا، مشيرا الي ان الحزب لا يعتزم التخلي عن سلاحه بمحض ارادته، او ان يدع طرفاً آخر يقوم بالمهمة. واختارت "يديعوت" عنوانا رئيسيا لصفحتها الأولي "الأمريكيون يسلحون الجيش اللبناني ويدربونه". وكتب المراسل السياسي للصحيفة شمعون شيفر أن الولاياتالمتحدة أعدت خطة لتسليح الجيش اللبناني وتدريبه كي يتمكن من التصدي لحزب الله وللدوائر المدعومة من سوريا. وأشار إلي أن إسرائيل أعربت عن موافقتها المبدئية علي الخطة الأمريكية. وبحسب الصحيفة فإن "الجيش اللبناني سيجتاز في الفترة القريبة المقبلة عملية شد وجه بل وأكثر من ذلك: فقد قررت الإدارة الأمريكية أن تقترح علي الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة خطة مساعدة شاملة في المجال العسكري. في إطار الخطة سيصل إلي لبنان خبراء من الجيش الأميركي لتدريب وحدات الجيش اللبناني. وأشارت الصحيفة إلي أن الخطة الأمريكية تشتمل علي مراحل عديدة: في المرحلة الأولي سترسل إلي لبنان معدات عسكرية بقيمة 30 مليون دولار، تتضمن مجنزرات، وغيرها من المركبات ووسائل الاتصال. وقالت أن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ستيفن هادلي، عرض الخطة الأسبوع الفائت علي مبعوثي اولمرت اللذين زارا واشنطن، رئيس الطاقم يورام طورفوفيتش والمستشار السياسي شالوم ترجمان. وأوضح الأمريكيون للإسرائيليين وجوب بذل الجهود لتعزيز حكومة السنيورة في مواجهة حزب الله ودوائر أخري في لبنان تدعمها سوريا. وبحسب "يديعوت" فإن الإسرائيليين أعربوا عن موافقتهم المبدئية علي خطة الولاياتالمتحدة تسليح الجيش اللبناني وتدريبه، لكنهم طلبوا من الأميركيين أن يحرصوا علي ألا يصل السلاح إلي أيدي حزب الله. وشددت الصحيفة علي أن مبعوثي رئيس الحكومة تباحثوا أيضا في مسألة أخري طرحت في المحادثات التي جرت معهم في واشنطن، وتتعلق بالموقف من الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت أن الأمريكيين يرفضون من الأساس فكرة قيام إسرائيل بفتح حوار من أي نوع مع الأسد الذي يعتبر مسؤولون أمريكيون كبار انه أسير تماما في يد الإيرانيين. وتري الإدارة الأمريكية أن سوريا تشكل قاعدة متقدمة لإيران لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف أميركية في العراق وضد المحافل المعتدلة في لبنان. كما أن سوريا، بحسب الأمريكيين، تساعد وتشجع منظمات إرهاب فلسطينية تعمل من دمشق. وبحسب الصحيفة، فإن الإسرائيليين طمأنوا محاوريهم إلي أنه ليس في نية أولمرت البتة الإشارة إلي سوريا برغبته في الدخول في مفاوضات. واتهمت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني سوريا وقيادة حماس المقيمة في دمشق بمنع إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت. وقالت ليفني في تقرير قدمته للحكومة الإسرائيلية في اجتماعها أمس أن سوريا لا تزال تقدم "ملفاً إشكالياً" وأنها تواصل "أداء دور إشكالي في تغذية العنف في المنطقة"، مشددة علي أن إسرائيل بعثت مرات عديدة لدمشق برسائل تبين لها أن عليها التعاون لتنفيذ القرار .1701 وذكرت "هآرتس" ان وزراء كبارا في الحكومة الإسرائيلية انتقدوا أولمرت لاتخاذه منفرداً القرار برفع الحصار الجوي والبحري عن لبنان، من دون مناقشة الأمر في الحكومة أو في المجلس الوزاري المصغر أو حتي في طاقم "السباعية". ولكن رئاسة الحكومة ردت علي هذه الانتقادات بالقول أن القرار اتخذه رئيس الحكومة بالتشاور مع وزير الدفاع بناء علي التفويض الممنوح لهما من الحكومة. وأوضحت "هآرتس" أن رفع الحصار تم بناء علي طلب من الإدارة الأمريكية للمساعدة علي تعزيز سلطة السنيورة. ونقلت الصحيفة رأي مسئولين أمريكيين كبار بأن السنيورة قد يسقط عن سدة الحكم. من جهة أخري، أشارت دراسة أعدها الباحث الدكتور إيتان عزاني من معهد سياسات مكافحة الإرهاب ستعرض اليوم في مؤتمر هرتسليا السادس إلي أن "تقليص قدرات حزب الله في لبنان جراء الحرب يمكن أن تدفع الحزب إلي تعزيز جهوده لتنفيذ عمليات مباشرة وبشكل غير مباشر في مناطق قتال أخري". وبحسب عزاني، فإن حزب الله قد يمارس عملياته ضد إسرائيل عبر فلسطينيين أو فلسطينيي ال48 وربما سيفتح جبهة خارجية ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية أو قد يشارك في عمليات عبر هضبة الجولان. وجاء في الدراسة التي حاولت إجمال آثار الحرب علي لبنان، أن "حزب الله علي المستوي التكتيكي سيحاول المحافظة علي قدراته في الجنوب اللبناني، جنوبي الليطاني، تحت ستار كثيف من السرية. وعلاوة علي ذلك فإنه سيحاول ترميم بنيته في القري وفي "الخلاء" استناداً إلي نشطائه الذين يعيشون في تلك القري، وأن يقوض بشكل دؤوب وبطيء الاتفاقات إلي أن تنضج الظروف ثانية من وجهة نظره، للمبادرة بتنفيذ عمليات علي خط الحدود، حتي عبر "المجازفة" بمواجهة محلية مع الجيش اللبناني أو مع القوات الدولية. وفي المقابل فإن حزب الله سيواصل المحافظة علي تعزيز قوته شمالي الليطاني وفي الأساس قدرته علي إطلاق الصواريخ استعدادا لمواجهة مستقبلية مع إسرائيل". واعتبر عزاني في الدراسة أن الحرب في لبنان خلقت وضعاً استراتيجياً جديداً في المنطقة سوف يؤثر علي نمط سلوك محور إيران حزب الله في كل الميادين "برغم أن ذلك قد يخلق احتكاكات وأزمة في العلاقات الدبلوماسية مع لبنان". وأشار إلي أن الحرب عادت ووضعت مسألة سلاح حزب الله علي الطاولة اللبنانية في محاولة تشارك فيها دول عربية لتقليص قوة المحور الشيعي في الحلبة اللبنانية. يدلين في المقابل قال رئيس الاستخبارات العسكرية ان الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب "بشكل فعال"، ما يسمح للقوات الاسرائيلية بالانسحاب في موعد لم يحدده. وأضاف ان هناك صراعاً داخلياً في لبنان بين جناحين احدهما يقوده السنيورة والآخر ينضوي تحت لواء حزب الله وسوريا. ورأي يدلين ان المعركة في لبنان لتطبيق القرار 1701 قد تنزلق من الاختلاف السياسي الي مواجهة عسكرية بين هذين الجناحين، مشيرا الي ان الحزب لا يعتزم التخلي عن سلاحه بمحض ارادته، او ان يدع طرفاً آخر يقوم بالمهمة. وقال يدلين ان حزب الله ملتزم بدقة بالهدنة ولا يريد جولة ثانية من القتال، لكنه مهتم بتشجيع "الارهاب" الفلسطيني وبالقيام بعمليات لا تستدعي رداً عسكرياً اسرائيلياً شاملاً. وتابع ان سوريا تبحث تشجيع "الارهاب" في هضبة الجولان المحتلة، لكنه يري ان دمشق "ستفكر 10 مرات" قبل ان تنفذ سياستها تلك.