تقرير الممارسة الصحفية الذي أصدره المجلس الأعلي للصحافة رصد أخطاء الصحافة المصرية للثلاثة أشهر الماضية، التقرير أثار ضجة لعدة أيام، ثم هدأت الضجة، وصدرت الصحف مرة أخري.. بنفس الأخطاء، وكأنك يا دكتور فاروق أبو زيد ما غزيت! إصدار التقارير وتشكيل اللجان بمختلف أنواعها عادة مصرية أصيلة نمارسها لبعض الوقت ثم في العادة أيضا لا نحترم قراراتها ولا توصياتها، وهذا هو ما جري مع تقرير الصحافة الأخير الذي عكفت عليه لجنة علمية محترمة برئاسة الأستاذ الدكتور فاروق أبو زيد. وبمجرد إصدار التقرير انتهت مهمة المجلس الأعلي للصحافة وكأن هذا هو دوره الوحيد واكتفي بإحالة التقرير لنقابة الصحفيين التي ردت بدورها أن التحقيق في مخالفات وكوارث الصحافة المصرية ليس مسئوليتها وقالت: أنا مسئوليتي الصحفي نفسه وليست المؤسسات الصحفية، مرة أخري تضيع المسئولية ولا أحد يعرف كيف تصدر الصحف وكيف تختفي ومن المسئول عن ضبط أدائها وعن تطبيق معايير المهنة والالتزام بميثاق الشرف الصحفي ولا من المسئول عن حماية الصحافة من نفسها؟!، إننا عندما طالبنا بعدم سجن الصحفيين في قضايا الرأي، كنا نقصد "قضايا الرأي"، دعما للديمقراطية وحق القارئ في معرفة الحقيقة بدون تدخل أو إرهاب السلطة، ولم نكن نقصد أن نعطي أنفسنا الحق في إرهاب الآخرين والتطاول عليهم وتجريسهم باسم حرية التعبير. إن الفضائح والابتزاز والأخبار المجهلة والصور المخجلة تفوح بها كل صباح نوعية من الصحف تزكم الأنوف، وبعض هذه الصحف توزع أسبوعيا أكثر من الصحف المعارضة والمستقلة مجتمعة، صحف لا يهتم المجلس الأعلي ولا النقابة بمصادر تمويلها ولا بمن يقف وراءها ولا بالهدف من الترويج لها، وهذه الصحف يسمح لها بالصدور في الوقت الذي تمنع صحف أخري من الصدور أو تفرض عليها شروط جائرة، وفي الوقت الذي تقيد فيه حرية صحف ليبرالية مستقلة تعاني مشاكل في الورق والطباعة والتوزيع وتكافح وسط الحيتان للحصول علي نصيب من كعكة الإعلانات التي تحتكرها الصحف القومية وتفرضها كإتاوة علي الوزارات ومؤسسات الدولة ومع ذلك تحقق هذه الصحف خسائر فادحة، وإذا كان كل شيء سيبقي علي حاله فما فائدة صدور تقرير المجلس الأعلي للصحافة؟، إذا كانت النقابة لا تمارس دورا في تطهير الصحافة من الدخلاء ونعترف بأن نصف عدد من يمارسون المهنة ليسوا أعضاء بها، فما هي مهمتها؟ إن تقرير المجلس الأعلي للصحافة قد خلا تماما من خطأ واحد وقعت فيه جريدة "نهضة مصر" ومع ذلك فنحن نسأل عن جدوي التقرير إذا لم يكن إضافة حقيقية للمهنة ودافعا للتطور وأملا في صحافة تحترم نفسها ويحترمها القارئ، بدون ذلك فلا معني للتقرير ولا هيبة للجهة التي أصدرته ولا للنقابة التي غسلت يديها من فساد أكثر خطورة من فساد الحكومة نفسها!!