الأمين العام للامم المتحدة، كوفي عنان، موجود هذه الايام، في مركز النقد، في اسرائيل وفي العالم اليهودي. صحيح، كان الأمين العام غاضبا بعد موت اربعة من مراقبيه، واتهم الجيش الاسرائيلي بقتلهم عن سبق الاصرار. وهكذا، بمقالة غاضبة، صنّف عنان الجيش الاسرائيلي، في حين يحارب حزب الله الذي يزرع الموت والدمار بين مواطني اسرائيل، بقوله انه ميليشيا لا تعرف رادعا. بعد ذلك أتي التنديد بالمأساة في كفر قانا. وبهذا وجه الأمين العام أكثر من اهانة الي الروح الاسرائيلية العامة، التي تجعل طهارة السلاح قيمة عليا. في أكثر من فرصة واحدة، وفي المعركة الحالية ايضا، للأسف الشديد، تطلب النزاع من الجيش الاسرائيلي، في امتحان المس بمواطنين أبرياء، تآكلا حقيقيا للقيمة المسماة طهارة السلاح. وعلي ذلك فان كل تطرق لهذا الواقع المشوه، فضلا عن تطرق الأمين العام للامم المتحدة، قد يفجر في داخلنا مشاعر غامرة. ويقصر البُعد من هنا الي المقالة الدهشة التي وجهها بعض من الناقدين الي عنان، عن حبه لليهود وهم موتي. صيغ هذا الشك المركز وبين يديه إسهام عنان في إحداث سلسلة من الأحداث في الهيئة العامة للامم المتحدة، وفي ضمنها إقرار يوم الذكري السنوية للكارثة في الاممالمتحدة، في هذه السنة والسنة التي سبقتها. إن توجيه هذا الشك، حتي لو كان ثمرة اهانة قوية، ليس مناسبا وغير عادل مع عنان. انه غير عادل لأنه يشوه تماما مواقف الأمين العام الأساسية. فعنان يجعل أهمية خاصة للشعب اليهودي كعنصر ذي تأثير كبير في التاريخ وفي الثقافة الانسانية. يقوم هذا التقدير علي تصرف عنان، الذي يبدو انسانا روحانيا، عالما جيدا بدينه وبأهمية أديان اخري. يوجد افتراض فُحص عنه جدا، سواء بسبب قرب عنان من الأديب ايلي فيزل أو لأن زوجته هي ابنة أخ رؤول فلنبرغ، وهو الصلة المهمة لعنان بالكارثة ومن طريقها بوضع العالم اليهودي وتجسده السياسي الحديث اسرائيل. كصدي لهذا الافتراض الأساسي الثاني، قال عنان، في التمهيد لمؤتمر لذكري مرور 25 سنة علي زيارة أنور السادات الي القدس، إن من مهمات الاممالمتحدة أن تضمن ألا يقضي علي دولة اسرائيل أبدا. بهذه اللغة العملية، يحرص عنان علي أن يدمج في اعلاناته وفي تصريحاته، حتي المختلف فيها، ضرورة الحفاظ علي وجود اسرائيل الآمن. تحدث عنان عن حق اسرائيل في الوجود حتي في فترة مليئة بالنزاع مع الفلسطينيين، في مؤتمرات عربية مهمة: في قمة بيروت في 2002، وقبل ذلك بسنة في قمة المؤتمر الاسلامي في الدوحة، بحضور ايران، بين سائر مُنكرات صهيون.