كما ظهر "الإرهاب الاسود" فوق ارضنا التي باتت ترتوي بدماء شهداء الارهاب كما ارتوت في الماضي القريب بدماء شهداء معارك الشرف!.. ذلك بعد ان احترفنا تعليق اخطائنا في حق "المواطن والمواطنة" علي شماعة خارجية في معظم الاحوال حتي ولو بدا ذلك منطقياً نظراً للمناخ العالمي الذي اضحي يسوده نزعة الارهاب والترويج له فلا يكفي ان نستسلم لنظريات المؤامرة طالما وجد الارهاب العالمي غايته المنشودة في عجينة لدنة وجاهزة "صنعت في مصر" هنا أو هناك بسبب عوامل احتماعية بالغة التعقيد بدءاً من المواطنة المنقوصة علي ارض سيناء وانتهاء بالفراغ الايديولوجي الذي بات منتظرا لتطبيق نظرية الأواني المستطرقة في نفوس الضحايا من شباب مصر. ومن ثم فليس مستغرباً ان يخرج من وسط سيناء ارهابي أو محترف في زراعة المخدرات بين الشعاب الجبلية المنسية والتي سقطت من ذاكرة الحكومة علي المدي الطويل أو حتي تاجر للسلاح لبيعه لمن يدفع اكثر وبصرف النظر عن هويته.. فكل الظروف قد هيأت لظهور تلك الافرازات المجتمعية السلبية التي تلقي بظلالها الكئيبة علي المجتمع ككل فضلاً عن قتل الانتماء بسبب الممارسات التي عاني منها "البدو" بعد أن تم الاستيلاء علي ارض اجدادهم التي يقيمون عليها وتشكل جزءاً هاماً من تاريخهم وانتمائهم السيناوي بحجة اقامة مشاريع استثمارية يعملون بها بصفة "الاجير". وليس بصفة "المالك" للارض والتاريخ بعد ان ظهرت طائفة من التجار الجدد التي احترفت شراء المساحات الشاسعة من مواطن البدو الاصلية تحت مظلة قانون الاستثمار وثغراته التي لم تعد خافية علي مافيا تجار الاراضي في شبه جزيرة سيناء من اجل تحقيق الكسب السريع بالمليارات في سنوات معدودة بنظام "التصقيع" بمعني شراء الاراضي بأبخس الاسعار ثم بيعها بعد فترة بمبالغ خيالية نظرا لاهميتها الاستراتيجية والسياحية والخدمية وزيادة الطلب عليها لاقامة المشاريع الاستثمارية!.. والمواطن السيناوي في كل الاحوال هو الضحية الاكيدة والمفتري عليه وكأنه قد أصبح "هندي احمر" داخل موطنه الاصلي!.. ثم نسأل انفسنا كيف نبت الارهاب علي "ارض الفيروز" التي اكتفينا بتكريم اهلها بترديد الاغاني الوطنية في المناسبات القومية وتناسينا انهم جزء لا يتجزأ من المواطنة والانتماء وصفحات التضحية والبطولات علي مر التاريخ! وعند هذا المفترق يجب الا نضع رؤوسنا في الرمال ويجب ان نتذكر دائماً ان فترة الفراغ الأمني الذي اعقب الحروب التي دارت بين مصر واسرائيل هي ذات الفترة التي وطدت اسرائيل علاقاتها المشبوهة مع أهالي وسط سيناء بالتحديد واصبحت بين الطرفين لغة مصالح مشتركة وعلي رأسها زراعة المخدرات في سهول وسط سيناء كما لم يعد خافياً علي أحد ان إسرائيل هي التي تمد مزارعي المخدرات بالطلمبات لرفع المياه من الاعماق لري الزراعات كما تمدهم بالبذور اللازمة لانبات المخدرات كل ذلك بابخس الاسعار وبالتقسيط المريح!.. أما عن تجارة السلاح فمن المعروف ان سيناء قد شهدت معارك عديدة منذ عام 1948 حتي عام 1973 فكان الفائض المتبقي من السلاح والذخيرة يعتبر "غنيمة حرب" خفية عن أعين السلطات لاستخدامها في معظم الاحوال لاغراض غير مشروعة وعلي رأسها الارهاب! الملف السيناوي اصبح ملفاً شائكاً ويحتاج إلي نظرة شاملة من الجذور بعد ان اصبحت شبه جزيرة سيناء عموما ووسط سيناء خاصة وكأنها صحراء الربع الخالي امنياً واستراتيجياً.