تسبب اعلان المجلس القومي للمرأة عن عزمه تنفيذ مشروع تدريب 600 من الكوادر النسائية في الاحزاب علي كيفية خوض المعارك الانتخابية سواء النيابية والمحلية او النقابية في ردود فعل متباينة من قبل القيادات النسوية بالاحزاب خاصة انها ليست المرة الاولي التي يقوم فيها المجلس بذلك حيث درب من قبل سيدات ولم يرشح الحزب الوطني منهن واحدة في الانتخابات البرلمانية وجاءت نسبة المرأة في البرلمان الجديد مخيبة للآمال وتطرح العديد من التساؤلات حول جدوي هذه التدريبات واهدافها. واختلفت ردود الافعال ما بين الانتقادات الشديدة واللاذعة للمجلس القومي واتهامه بانفاق الاموال في انشطة لا مردود لها وما بين القول بان المظهرية الزائدة للقائمين علي المجلس تضيع مميزات نشاطاته وان اعضاء المجلس يقمن بالعمل النخبوي من داخل المكاتب بينما قال رأي ثالث ان المجلس فرصة للاحزاب للاستفادة من امكانياته المالية التي تفتقر اليها الاحزاب السياسية لتدريب كوادرها وعلي الناحية الاخري دافعت عضوات المجلس القومي عنه مؤكدات انه يقوم بدوره المنوط به في دعم وتمكين المرأة المصرية. تقول د.سلوي شعراوي عضو المجلس القومي للمرأة ان المجلس ينوي تنظيم هذا التدريب ولقد عقدنا اجتماعا مع رؤساء الاحزاب والقيادات النسائية وناقشنا تقديم اقتراحات للحكومة والمطالبة بتخصيص "كوتة" للسيدات او تغيير النظام الانتخابي ليكون بنظام القائمة النسبية كي تسمح بتمثيل اكبر للسيدات علي قوائم الاحزاب. وتضيف ان تدريب كوادر نسائية علي كيفية خوض المعارك هام جدا بشرط ان تكون المتدربة نفسها لديها اهتمام بالعمل والتدريب وتمتلك قدرة علي المعرفة وارادة قوية لخوض مثل هذه المعارك والمنافسة فيها هذا من جانب ومن جانب آخر فلابد ان تساهم الاحزاب السياسية في هذه الجهود بشكل حقيقي وان تقوم بالعمل علي انجاح هذه المبادرات.. فالمجلس بمفرده لا يستطيع ان يقوم بكل شيء ومن جانب ثالث فان مناخ الانتخابات في مصر لابد ان يسمح باستيعاب ترشيح السيدات وان يعطي فرصة حقيقية لخوض المرأة للمعركة الانتخابية فضلا عن ضرورة تهيئة المجتمع المصري واعادة ترتيبه ليتقبل هذا ايضا. وتوضح فكرة مشروع المجلس في انه شامل لبرنامج تدريبي واختيار كوادر تصلح للتدريب وخوض الانتخابات مع عمل حوار مع الاحزاب السياسية. وتقول بالنسبة لعدد 600 قيادة نسائية يمكن ان يكون متوافرا داخل الاحزاب السياسية فهذا عدد ليس كبيرا ولكن الفكرة الرئيسية هي هل الاحزاب سوف تبحث عن هذه الكوادر وتتخذ القرار بدعمها وتدريبها وتبدأ بالفعل في دفعهن للعمل السياسي؟ وتتساءل د.نادية حليم عضو المجلس القومي للمرأة هل من المعقول ان يكون في مصر رجال قادرون علي خوض الانتخابات البرلمانية ولا توجد 444 سيدة يستطعن خوض المنافسة امامهم؟ فالمرأة المصرية التي وصلت لجميع المناصب سواء وزيرة او قاضية او مديرة من المستحيل الا يكون منها المرأة التي تصلح نموذجا للمرأة البرلمانية وعندما تخلو الاحزاب من هذا العدد من السيدات فان ذلك يعني انها احزاب ليس لها وجود علي الساحة وانها فقدت قدرتها علي التواجد ولم تستطع احتواء السيدات الجديدات القادرات علي المنافسة. وتقول ان ما شاهدناه في الانتخابات الماضية من مجازر وبلطجة ولم تجر انتخابات تنافسية سواء للرجال او النساء يمكن ان تفرز قيادات حقيقية او تمكننا من تقييم مستوي من شاركوا فيها، فان ما حدث يعد انتكاسة وسبة في جبين مصر لان من نجحوا حققوا فوزهم بدفع الاموال ودغدغة الاعصاب واللعب بعقول المواطنين فضلا عن البلطجة، ولقد قام المجلس القومي للمرأة قبل الانتخابات طيلة سنوات باستخراج مليون ونصف المليون بطاقة شخصية للسيدات كي يتمكن من الحصول علي حقوقهن ويستطعن التعامل المادي والحصول علي قروض صغيرة لمساعدتهن علي المعيشة ويعرفن كيفية اختيار من يمثلهن وللأسف فان المجلس كان متصورا انه اعد هؤلاء بالفعل واصبحن مواطنات يعرفن حقوقهن وواجباتهن وفوجئنا بحشرهن في الانتخابات بدوافع مختلفة ولأغراض اخري غير التي ارادها المجلس مثل بيع اصواتهن او اعطائها لمن لا يستحقها مع اعترافها بان التدريب السياسي هو بالاساس من عمل الاحزاب السياسية الا انها تؤكد ان ذلك لا يمنع ان المجلس القومي للمرأة قام بذلك ايضا وأعد كوادر نسائية وسيكمل دوره في هذا المجال. وتري ان المشكلة الحقيقية تكمن في الاعتقاد والايمان بالقضية ثم يأتي بعد ذلك الدفاع عنها والعمل عليها وتقول ان المرأة التي باعت صوتها لم تشعر انه ذو قيمة او انها صاحبة قضية وان عليها اعطاء صوتها لمن يستحقه، وهنا يأتي السؤال: هل جهودنا ادت دورها واثمرت؟ والاجابة اننا حتي هذه اللحظة لم ننجح في تكوين فكر ورؤية سياسية لدي السواد الاعظم من سيدات مصر وان عليها ان تعطي صوتها لمن يحمل قضاياها ويدافع عنها سواء كان رجلا أو امرأة في اطار فهم كامل للاحلام والتحديث وتطوير المجتمع. واذا كان هذا رأي عضوات المجلس القومي للمرأة فعلي الجانب الآخر فقد شنت د.عواطف والي - رئيس لجنة المرأة بحزب الوفد - هجوما عنيفا علي المجلس بقولها نحن لا نحتاج الي تدريبات المجلس القومي للمرأة لان قياداته عندما يفكرون في دعم المرأة عليهم التفكير اولا في كيفية ربط الكوادر النسائية بالشارع لان المرأة تفتقد عند خوضها الانتخابات لمعرفة الناس بها، وهذا يعني اننا نريد الخروج عن الاسلوب الاكاديمي في التدريب ودعم النساء ونخرج من المكاتب المكيفة للنزول للشارع وندرب السيدات عمليا وميدانيا علي الالتحام مع مشاكل وهموم الناس. وتقول ان الاحزاب السياسية هي المنوط بها التدريب للكوادر ولكن المشكلة ان الاحزاب لا تضع المرأة علي اجندة اهتماماتها، بل علي العكس فان قضايا المرأة تتذيل اهتمامات الاحزاب، وهذا الوضع يفرض سؤالا هاما هو: كيف تدرب الحكومة النساء؟ والمجلس القومي تابع للحكومة وهو ليس مجلسا قوميا وانما هو مجلس حكومي للنخبة الذين لا علاقة لهم بالشارع وهموم المواطنين، وهذه النخبة عليها ان تنقل الافكار للمواطنين ولكن لا تستطيع تدريبهم لان التدريب يجب ان يكون في الشارع فلا وقت الان للمحاضرات ومن يقوم بها هم اكثر الفئات احتياجا للتدريب والدليل علي ذلك ما حدث في الانتخابات مع من دربهن المجلس القومي فلم يرشح الحزب الوطني واحدة منهن، فضلا عن ان رئيسة المجلس القومي دائما تؤكد ان المجلس حكومي واثناء الانتخابات اكدت انه لا يستطيع تقديم الدعم للمرشحات ويخالف توجهات الحكومة، فأين المصداقية وكيف يقوم المجلس بتدريب السيدات ثم يتركهن بلا دعم. وتضيف عواطف لا يمكن ان يكون للتدريب اثر مجد دون وجود "لوبي" يساعد المتدربات علي خوض المعارك الانتخابية، والاجدر بالمجلس القومي ان ينفق ما لديه من اموال علي تعليم السيدات ومحو اميتهن او الوقوف ضد ممارسات العنف ضدهن فضلا عن وجود مشاكل كثيرة للمرأة المصرية يمكن ان يتصدي المجلس لها بدلا من تقديمه حلول اكاديمية في قضايا تدريب لا طائل لها لكوادر نسائية ولم يطلب المجلس من الحزب تقديم كوادر نسائية لتدريبهن. وتقول طالبنا كثيرا بالعمل بنظام القائمة النسبية في الانتخابات لان تطبيقها هو الذي يعطي للتدريب قيمة واعمالا غير مهدرة، ولكن بدون تطبيق القائمة النسبية فان اي مجهودات سواء تدريبات او غيرها تكون اعمالا مهدرة، وتدريب الكوادر النسائية الان يمكن ان يكون له قيمة خاصة واننا مقبلون علي انتخابات المحليات وبعدها انتخابات مجلس الشوري وبعيدا عن ذلك فإن التدريب علي تحمل المسئولية في حد ذاته جيد. وتضيف ان المجلس القومي يدرب السيدات علي الجوانب العملية، واذا تضمن برنامج التدريب أي رؤي او افكار ايديولوجية فإن المرشحات يكن واعيات لذلك ولا يقبلن هذا، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الاحزاب ليس لديها موارد مالية تساعدها علي القيام بتدريب اعضائها ولذا تقوم الأحزاب بالبحث عن مؤسسات تتحمل عنها هذه الأمور والمجلس القومي يمكن أن يكون احدا هذه المؤسسات، هذا بالطبع فضلاً عن القيود المفروضة علي الأحزاب والتي تمنعها من القيام بدورها وتنفيذ برامجها وتدريب كوادرها، كما أن متغيرات الأوضاع الآن ادت إلي ضرورة تدريب الكوادر علي اشياء اخري غير الأمور السياسية مثل النواحي الاقتصادية والاجتماعية وطرق إدارة العلاقات والحملات الانتخابية. وتقول القيادة النسائية اللامعة بحزب التجمع - فريدة النقاش - إن المجلس القومي للمرأة مني بخيبة أمل كبيرة وفظيعة لأن جهوده لم تسفر عن شيء وأكبر هذه الاحباطات التي واجهها أنه لم يرشح احدًا من اللواتي دربهن ولم يرشحهن الحزب الوطني ومن قمن بالترشيح لم يدعمهن، ولذا فالمجلس يحاول توطيد علاقته مع الأحزاب والمجتمع المدني ويحاول تغيير صورة ارتباطه الفج بالحكومة ولذا فقد دعا قيادات الأحزاب والقيادات النسوية ومنظمات المجتمع المدني خاصة العاملة علي قضايا وحقوق المرأة لاجتماع لمناقشة هذه القضايا. وتضيف ان الاحزاب السياسية لديها بالفعل كوادر نسائية وظهر ذلك عندما كانت الانتخابات بالقائمة، والمشكلة ليست في الأحزاب فقط وإنما في البيئة غير الديمقراطية والمناخ السياسي العام، والدليل علي ذلك أن اكثر من 75% من المصريين لم يشاركوا في الانتخابات. وحول انشطة المجلس القومي للمرأة تقول - فريدة - إن بعضها حقيقي يتمثل في وجود مجموعة من النساء داخله يبذلن مجهودات للنهوض بالمرأة، أما المزيف فهو المظهرية الشديدة في أسلوب وطريقة عمل المجلس في بلد فقير ونساؤه فقيرات ومعيلات للأسر، وهذه المظهرية يترتب عليها وجود شكليات وخضوع الخدمات للرغبات الشخصية والمصالح، فضلا عن أن المجلس يعمل تحت السقف الحكومي وتحت سقف السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحزب الوطني وهذه السياسات تزيد من معاناة الطبقتين الوسطي والفقيرة، والمجلس لا يستطيع تقديم أو طرح سياسات بديلة ومخالفة لذلك لأنه حكومي.