علي الرغم من تأكيدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، إلا أن الشارع الفلسطيني بدا متخوفا ومتشككا من فرص نجاح تلك الانتخابات في موعدها المقرر، بعد تكرار تعرض مقار لجان لانتخابات للاعتداءات والهجمات من قبل مجموعات فلسطينية مسلحة تابعة لحركة فتح. فشل السلطة في وقف الهجمات علي المقار الانتخابية، دفع بالعديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إلي الإعراب عن تخوفها من عدم قدرة السلطة الفلسطينية علي إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة. ويقول ماجد أبو شمالة عضو المجلس الثوري في حركة فتح والمرشح للانتخابات التشريعية بهذا الصدد، إن اقتحام مقار اللجان الانتخابية عمل فوضوي ومدان وطنيا وغير مقبول علي مستوي حركة فتح. وأوضح أبو شمالة، أن تردي الأوضاع الأمنية الفلسطينية الداخلية هو نتاج حالة الفلتان الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلي أن السلطة الفلسطينية هي من تتحمل المسئولية المباشرة عن تبعات تفاقم هذا الأمر. وعبر القيادي في فتح عن تخوفه من إمكانية عدم إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في أجواء ديمقراطية، موضحا في الوقت ذاته أن السلطة الفلسطينية لم تقدم إلي اللحظة أي ضمانات لحماية اللجان والمقار الانتخابية يوم الاقتراع. وطالب أبو شمالة السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات وخطوات أمنية صارمة لضبط الوضع الفلسطيني قبل إجراء الانتخابات، لافتا في الوقت ذاته إلي أن النية لدي جميع الأطراف الفلسطينية تسير نحو إجراء العملية الانتخابية بشكل ميسر ومحكم. من جانبه قال جمال نصار القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن عمليات اقتحام مقار اللجان الانتخابية هي محاولة من قبل أطراف خارجة عن الإجماع الفلسطيني لتخريب العملية الانتخابية. وأضاف نصار أن تلك المجموعات المسلحة ليست تابعة لفصائل فلسطينية، بل لأشخاص معنيين بتعطيل الانتخابات وقطع جسور وآليات الوفاق الوطني التي ستتصدي للفلتان والفوضي. وأكد القيادي في حماس أن الفصائل الفلسطينية اتفقت في نهاية الأسبوع الماضي علي تشكيل لجنة تنسيق عليا برئاسة أبو مازن لمواجهة المشكلات التي تعترض إنجاح العملية الانتخابية المقبلة لافتا إلي أنه لمس اتفاقا وإجماعا وطنيا علي ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في جو من الأمن والاستقرار وبشفافية ونزاهة وديمقراطية عالية. غير أن الدكتور رياض العيلة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة رأي أن كل المؤشرات تدل علي أن السلطة قد تجاهلت ضرورة اتخاذ كل الخطوات التي تضمن القانون والنظام في مرحلة ما قبل الانتخابات، وفشلت في ضمان سلامة وأمن مقرات لجنة الانتخابات المركزية وحماية موظفيها. وحذر العيلة من مغبة فشل الانتخابات التشريعية، مشيرا إلي أن نجاح الانتخابات مرتبط بنجاح السلطة في توفير الأمن وحفظ النظام واستتباب القانون، وإلي أن المجتمع الفلسطيني أمام أزمة سياسية وأمنية تهدد استقراره وحاضر ومستقبل السلطة والقضية الفلسطينية. وكان نحو 200 من أفراد الشرطة الفلسطينية اقتحموا أمس الأول مكاتب حكومية في بلدة رفح بجنوب قطاع غزة للاحتجاج علي إخفاق السلطة الفلسطينية في السيطرة علي حالة غياب الأمن المُتصاعدة في القطاع. وهذه الواقعة هي أحدث مؤشر علي حالة الفوضي التي تسود القطاع الذي شهد تصاعدا في الاضطرابات الداخلية منذ الانسحاب الاسرائيلي في سبتمبر الماضي الذي أنهي وجودا عسكريا استمر 38 عاما. وأخذ رجال الشرطة يطلقون النار في الهواء ويجرون في الشوارع ثم أغاروا علي مكاتب حكومية ومحاكم ومكتب انتخابي ومبني البلدية في رفح كما حطموا نوافذ مبني وزارة الداخلية وأجبروا الموظفين علي الرحيل. وتنامي عدد أفراد الشرطة الفلسطينية المشاركين في الاحتجاج ليصل الي نحو 200 غالبيتهم كانوا مسلحين وأغلقوا بالقوة مباني حكومية واحدا تلو الآخر. وقال أحدهم "ندعو كل الضباط الي خلع زيهم لان السلطة الفلسطينية قيدت أيدي رجال الشرطة ومنعتنا من فرض القانون والنظام". وذكر الشهود ان رجال الشرطة كانوا مسلحين لكنهم لم يكونوا يرتدون زي الشرطة وانهم كانوا يحتجون علي ما وصفوه بفشل السلطة الفلسطينية في منحهم سلطة إقرار النظام وفرض القانون في غزة. وكان بعضهم ملثما. وجاء احتجاج الشرطة بعد مقتل ضابط شرطة خلال اشتباك مع عشيرة في رفح يوم الخميس الماضي. وبعد ذلك الحادث طوقت الشرطة الفلسطينية المدعومة من مسلحين معبر رفح الحدودي واعادت بالقوة المسافرين. وتعهد أبو مازن في مطلع الاسبوع بالعمل علي إقرار النظام. وبعد بضع ساعات اختطف مسلحون فلسطينيون لفترة وجيزة ناشطا ايطاليا مدافعا عن السلام وفجروا ناديا تابعا للامم المتحدة يقدم الخمر لرواده.