لن يمضي كلام القيادي السوري عبد الحليم خدام دون ردود فعل سياسية وقضائية وربما أمنية علي الساحة اللبنانية والسورية، ولعل ابرز ما قد يستجد في المستقبل هو استفادة لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري بمعلومات خدام التي أظهرت الكثير من النظام السوري وما كان يتضمنه خلال عهده. هذا ما أكده ابرز السياسيين والقانونيين حيث يقول النائب عمار الحوري (كتلة المستقبل) ان كلام خدام هو كلام لشاهد بمستوي خاص يختلف عن الشهود الذين سمعنا عنهم اخيرًا، كلامه مدعم بوثائق وبشهود، واعتقد انه يعكس قضية واضحة، وهذا الكلام، خصوصًا اذا اضيف له بعض التفاصيل لم تقل، سيقطع الطريق علي الكثيرين من المشككين في التحقيق الدولي. اما هل كان يتوقع هذا الانشقاق فيقول انه ليس موضوع انشقاق بل نحن في زمن المطلوب فيه قول الحقائق، و حين يصرح احدهم بالحقيقة فهذا هو الامر الطبيعي وليس من الطبيعي اعتماد الاكاذيب والاضاليل.اما هل سيكون هناك خوف علي حياة خدام فقال انه ظهر واثقًا خصوصًا في مقدمة المقابلة حتي انه قال انا عائد الي سوريا واعتقد انه في دول العالم الثالث الحذر دائمًا واجب. من جانبه قال النائب نعمة الله ابي نصر (كتلة الاصلاح والتغيير): "اعتقد ان خدام سيكون شاهدًا رئيسيا في قضية التحقيقات كونه في السلطة وكان يعلم بخفايا الامور، وكلامه سيكون له تأثيره الكبير في موضوع التحقيقات". واضاف:"المهم من هذا الكلام الخطير والصادر عن الرجل رقم 2 في سوريا انه لن يمر دون تداعيات اقلها سياسية". اما النائب فؤاد السعد (اللقاء الديمقراطي) فقال ان حديث خدام فضح امورًا عدة ووجه اتهامات مباشرة لأشخاص كثيرين، ان كان في سوريا او لبنان واصبح عبد الحليم خدام الشاهد الرئيسي لدي لجنة التحقيق ويكشف عن ادوار لبنانية لا تشرف اصحابها. اما هل سيشهد لبنان خللاً امنيا من وراء حديث خدام، اجاب ان ذلك غير معروف ان كان في سوريا ام في لبنان. وقال انه معروفًا بأن تركه لسوريا واقامته في فرنسا دليل واضح بعدم وجود تفاهم بينه وبين القيادة السورية لكننا لم نتوقع ان الامور سيئة لهذه الدرجة. اما من الناحية القانونية فيقول الخبير في القانون الدولي شفيق المصري ان كلام خدام سيعتبر علي انه شاهد جديد ولعله الشاهد الاول بالنسبة للتحقيق وينتظر في هذه الحالة ان توثق لجنة التحقيق الدولية هذه المعلومات، اما من خلال التسجيل التلفزيوني او يمكن ان تزوره او تعتبره شاهدًا وتؤكد هذه المعلومات من قبله شخصيا في الاطار القانوني، اما في الاطار السياسي سيكون هناك ردود فعل متجاوبة من جهة واخري تحاول التقليل من اهمية هذه المعلومات، والجو السياسي أصلاً محتقن، سواء علي المستوي اللبناني اللبناني او بالنسبة للوضع السوري اللبناني. واضاف انه لا يعتقد انه علي المستوي اللبناني السوري سيتزايد التراشق في الكلام اما بالنسبة للوضع اللبناني- اللبناني فسيحدث تجاذبًا حادًا بين من يقبل هذه الشهادة علي انها معلومات تأكيدية في مسار التحقيق، وبين من يشجب هذه الشهادة لأسباب يحاول أن يذكرها، لكن المهم علي المستوي القانوني أن هذه المعلومات ستعمد لجنة التحقيق علي توثيقها، إما بالاستناد الي الشريط التلفزيوني ام في اغلب الظن الاتصال بالرئيس خدام وتأكيد هذه المعلومات. اما من الناحية الامنية هل سيشهد لبنان مزيدًا من الاغتيالات كرد فعل؟ ينفي الدكتور مصري ذلك، واضاف ان الرجل كان قد ابعد نفسه كما ذكر عن النظام، اما مسألة ما صرّح به طبعًا كان مفاجأة. من جانبه علق الدكتور عمار قربي الناشط الحقوقي علي تصريحات خدام في تصريح قائلا انه من ناحية المبدأ لم يكن هناك أية مفاجأة في حديث خدام سواء من المعلومات التي أفاد بها والتي يعرفها القاصي والداني في سوريا ولا في موقف خدام الذي أصبح علنيا في خروجه علي النظام السوري، وكلنا سمعنا عن اجتماعات سرية وعلنية قام بها خدام في باريس وخاصة ذاك الاجتماع مع الحريري الابن وحكمت الشهابي رئيس الاركان السوري الاسبق إضافة إلي رعاية أمريكية وفرنسية، واضاف قربي أن تصريح خدام يأتي في سياق محاولته الاحتفاظ في حقه بممارسة السياسة ومشروعية أحلامه ضمن مايقال عن التغيير الديمقراطي في سوريا، معربا عن اعتقاده أن ما ذكره خدام في حديثه للعربية يدينه أكثر مما يبرئه وخاصة باعترافه انه والرئيس الأسد الأب كانا يتعاملان مع الزعماء والقيادات اللبنانية كأحجار للشطرنج، ولا ننسي أن خدام الذي اتهم رستم غزالة بأنه يتصرف وكأنه حاكم لبنان كان نفسه حاكم لبنان الفعلي وكان يؤمر ويطاع، ونوه قربي انه إذا كانت هناك أخطاء قاتلة في لبنان وهي أكثر من ذلك فمن المجحف أن نحملها لغازي كنعان أو رستم غزالة دون ان نشرك خدام معهما وخاصة انه في دائرة القرار مذ كان محافظا لحماة في الستينيات من القرن المنصرم، واعتبر قربي ان خدام إذا كان شاهد زور عبر تلك الفترة المتجاوزة لأربعين عاما كان متنعما خلالها بالسلطة فلا يحق له الآن أن يطلب الغفران وهو الذي لم يأت بأي تصرف يدلل علي عدم موافقته علي ما كان يجري إذا تناسينا انه لم يستقل ويطلب إعفاءه من مهماته الجليلة، متابعا "أما تقسيمه لمرحلة خدمته إلي قسمين أحدهما مشرق مع الأسد الأب والاخر مرحلة مظلمة مع الأسد الابن فهي محاولة بائسة للتنصل من تحمل المسئولية لان ما يحصل حاليا في لبنان وسواه ليس إلا نتائج لمقدمات شارك خدام نفسه في صياغتها". واعتبر قربي ان ما ينسف فحوي تصريحات خدام أن الدستور السوري أعطاه فرصة تقلد مسئولية الرئاسة في سورية بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وهو الذي وقع كل المراسيم التي مهدت للرئيس بشار الأسد بالوصول للسلطة كما انه شارك في ترشيح القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم للدكتور بشار للرئاسة عندما كان عضوا في القيادة القطرية تلك ومن هنا أي نقد للمرحلة الجديدة يبدو فاقدا للمصداقية وهو احد عرابيها. ونوه قربي الي ان الفساد الذي ولا شك طال كل نواحي الحياة في سوريا، معتبرا أن خدام وأولاده وحاشيته وزوجات أولاده كانوا إلي جانب زملائهم من أبناء المسئولين السوريين النجباء صانعي الفساد السوري بامتياز حيث استفادوا من مركز خدام في السلطة باستثمارات وتراخيص ومشاريع في سورية وخارج سوريا، ورأي قربي انه سيأتي يوم تفتح فيها كل ملفات الفساد بدءا من دفن نفايات نووية في تدمر، وقال لم استطع أن امنع نفسي من الضحك عندما ذكر خدام قصة رجل الأمن والذي كان مرتبه مائتي ليرة وبعد وفاته وجد معه أربعة ملايين دولار وقصة الموظف بشركة الطيران السورية صاحب ثروة بلغت الثمانية ملايين دولار... كنت اضحك وأنا أشاهد خدام في التلفاز من باريس في قصر يناهز ثمنه الأرقام التي ذكرها علما انه قضي عمره موظفا من ذوي الدخل المحدود من عائلة غير معروفة بغناها في بانياس الساحلية.