هموم الناس كدت أموت كمداً وأنا أتابع السؤال البرلماني المقدم من النائب عباس عبد العزيز عن اعتزام الحكومة الذكية تقديم مشروع قانون يقضي بتغريم الأسرة التي تفكر في إنجاب الطفل الثالث، وقلت في نفسي اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. ويبدو أن الخبر الكارثة كان بمثابة بالونة اختبار من قبيل جس النبض بدليل أن الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي سارع بالرد بأسلوب يدعو للقلق حيث تساءل الوزير في رده علي طلب الإحاطة قائلاً: هل الزيادة السكانية هي هدف في حد ذاتها فلا تعرف عن الدول من تسعي للزيادة السكانية بشكل مجرد دون أن توجه ذلك لتنمية المجتمع. وحذر الوزير من الزيادة السكانية معللاً ذلك بوجود قوي بشرية غير مؤهلة تعاني من العديد من المشكلات الاجتماعية، ليس أقلها الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر وعمالة الأطفال وسكن العشوائيات وهو ما يطرح سؤالاً أساسياً هو هل يتم معالجة آثار المشكلة أم المشكلة ذاتها? ورغم الكلام المغلوط لمعالي الوزير الذي دأب علي طمس الحقائق وتحميل الشعب مسئولية العجز والفشل الحكومي في مواجهة المشاكل الجماهيرية وتوجيه الذخيرة البشرية نحو زيادة الإنتاج وتحقيق التقدم المنشود أسوة بالصين التي حققت أعلي معدل في التنمية الاقتصادية العالمية في الوقت الذي بلغ تعداد سكانها ملياراً و336 مليون نسمة بما يعادل 20% من سكان العالم.. رغم كل هذا إلا أن القضية السكانية تظل قضية العصر مع ما لها من تاريخ قديم علي مسرح البحث والنقاش في شتي المحافل علي مدي بضعة آلاف من السنين من اليونان القديمة وحتي عرب الجاهلية إلي عصر العلم والتقنية، حيث نبه أرسطو إلي ضرورة وضع قانون لمنع إنجاب الأطفال ذوي الإعاقة وإقرار نظام اجتماعي يؤدي إلي الحيلولة دون الإفراط في الزيادة السكانية مطالباً بوضع حد معين لكل أسرة. كما أن عرب الجاهلية كانوا يقتلون أولادهم بسبب الفقر وضيق ذات اليد حتي نزلت الآية القرآنية (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق). وفي العصر الحديث تعود فكرة الحد من الزيادة السكانية إلي نظرية القس الإنجليزي (مالتوس) الذي بحث القضية من زاوية العلاقة بين السكان والغذاء والبعد الاجتماعي. وفي عام 1798 ألف مالتوس كتاباً أسماه (رسالة في الأصل السكاني) توقع فيه مستقبل البشرية بنظرة تشاؤمية مؤكداً حتمية الحد من النمو السكاني وإلا فإن الجوع والانفجار السكاني سيهددان العالم بعظائم الأمور.. وقد سرت هذه الدعوة في جميع دول العالم سريان النار في الهشيم وولدت صراعاً كبيراً بين المؤيدين والمعارضين. وما يهمنا في الأمر شريعتنا الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع فقد عالجت الآية القرآنية القضية في عدة مواقف فهناك آيات يستفاد منها أن كثرة الأولاد نعمة ومدد إلهي للأب والأم (ويمددكم بأموال وبنين) (نوح:12)، (وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً) (الإسراء:6)، (وأمدكم بأنعام وبنين) (الشعراء :133). وهناك آيات بينات تؤكد أن الهدف الرئيسي من الزواج هو التكاثر وبقاءالنسل البشري منها (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل من أزواجكم بنين وحفدة) (النحل: 72)، وفي آية أخري، (فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه) (الشوري:72).. هذه الايات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن تحديد أو تنظيم النسل يتعارض مع الشريعة الإسلامية. وللحديث بقية في نفس القضية. adel [email protected]