مصر للطيران تستهدف الوصول بحجم الأسطول إلى 97 طائرة بحلول 2030-2031    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر الكامل للسودان في محنته وحرصها الثابت على صون وحدة وسلامة أراضيه    وزير الخارجية يستعرض رؤية مصر للأمن والتنمية في أفريقيا    الدفاع المدني ينقل جثامين 94 شهيدا من وسط غزة    عودة 3 لاعبين.. قائمة ريال مدريد لمواجهة إشبيلية    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    حجز محاكمة 37 متهما بخلية التجمع للحكم    مصرع فتاة إثر سقوط ونش من الطابق الرابع في القليوبية    التليفزيون المصري يُعيد عرض مسلسل أم كلثوم ابتداء من الاثنين المقبل    وزير الرياضة يفتتح ملعب قانوني بمركز شباب البرشا بملوي    أمم أفريقيا 2025.. 4 لاعبين في صدارة الأكثر مشاركة في ال «كان»    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة داخل ترعة بقنا    متحدث النيابة الإدارية: التصويت الإلكتروني للأندية الرياضية ضمانة قضائية للتعبير عن آراء الناخبين    صفاء أبو السعود تنعى سمية الألفي: صديقة عزيزة وراقية قدمت مسيرة فنية خالدة    عزاء سمية الألفي الإثنين بمسجد عمر مكرم    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    500 ألف نسمة في 4 أشهر.. الإحصاء: عدد سكان مصر بالداخل يصل 108.5 مليون    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية يطلق الدورة الأولى من مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    أمم إفريقيا - مؤتمر الركراكي: حكيمي ضحى من أجل المغرب.. ولا أشعر بالضغط    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    الأرض تنحاز لأصحابها في المباريات الافتتاحية لأمم أفريقيا    ديربي الإسكندرية يُشعل كأس عاصمة مصر.. سموحة في اختبار صعب أمام الاتحاد    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    البحوث الفلكية: نشهد غدا ظاهرة الانقلاب الشتوى وبعدها يبدأ النهار فى الازدياد    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مابين الألم والنصر شارع الشانزليزيه!
نشر في المسائية يوم 24 - 01 - 2011


"ستعودون للديار عبر أقواس النصر"! قالها نابليون كبشارة لجنوده.. وقام علي إثرها المهندسان "شالجران" و"ريموند" باستلهام قوس "تيتوس" الروماني وبنيا قوس النصر لينهض شامخا في ميدان فسيح تتفرع منه خمسة شوارع رئيسية وسط باريس، بدت الشوارع الخمسة الممتدة من قوس النصر كأشعة ترسلها نجمة لألاءة، فأطلق علي الميدان اسم "ميدان النجمة"، ليتفرع منه واحد من أهم شوارع باريس وأشهر شوارع العالم وأكثرها سحرا وجاذبية: "شارع الشانزليزيه". تتأمل.. فيحملك صفا الأشجار الممتدة بطول الشارع إلي عصور الملكية الفرنسية، وتكاد تسمع وقع سنابك الجياد وهي تطرق الأرض مسرعة بصاحب الجلالة مرسلة شرر غضبها وصخب غرورها كإشارات تحذير وترهيب للمارة! تنتبه فتعود لزمنك.. وتنظر شرقا مبتعدا بناظريك إلي نهاية الشانزليزيه لتلمح قمة المسلة المصرية تبرق بطلائها المذهب، وتقرر المسير إليها، تسأل نفسك كيف تم نقلها من مصر إلي فرنسا؟ ولماذا استغرقت رحلتها من دارها إلي دار هجرتها حوالي أربعة أعوام؟ وكيف خطر ببال محمد علي أن يهدي شيئا كهذا؟ وأيهما كان أفضل: أن تبقي المسلة في مصر أم أن تهاجر إلي فرنسا؟تصل لميدان "الكونكورد" وترطب عينيك برؤية قطعة من تاريخك شامخة هنا وسط باريس، تحوطها النافورات والتماثيل الرائعة، وتستشعر كم هي مدللة مترفة وتتذكر حال المسلة المكسورة والمسلة الناقصة في الأقصر! تخطو فوق أرض ميدان الكونكورد، يخطفك تاريخه الأليم، تنزلق عبر فوهة الذكري إلي بئر الظلمات.. هنا وقبل أن تقوم هذه المسلة كان يقوم شيء آخر.. شيء رهيب! غريب هو التاريخ الذي لا يتورع عن تحويل الجمال لقبح والوحشية لحضارة، ونحن نرضي ونقبل! هنا علي نفس هذه الأرض المرصعة بالجمال والتحضر تدحرجت آلاف الرؤوس تحت حد المقصلة، هنا ومكان هذه المسلة تحديدا نصبت المقصلة، وغُير اسم الميدان من ميدان "لويس الخامس عشر" إلي "ميدان الثورة"، هنا تحرجت رأس "ماري أنطوانيت"، هنا كانت الجماهير تحتشد لتتشفي في مجوعيها، ومن هنا استلهم "تشارلز ديكنز" رائعته "قصة مدينتين"! تدور حول المسلة، تنهال عليك التساؤلات والتصورات: ربما تدحرجت رؤوس في نفس مواضع قدمي، شئ بغيض أن ترتاد ساحة كانت يوما ما مغطاة بالدم، كيف كان هؤلاء الثائرون متحمسون لإراقة الدم هكذا؟ وكيف لم يعتبر من جاء بعد "لويس السادس عشر"؟ تختار الفرار من الميدان، تسعي نحو قوس النصر عبر الشانزليزيه، فرق كبير بين نصب يقام احتفالا بالنصر وبين جمال مصنوع افتعل للتغطية علي طيف المذابح ورائحة الدماء التي تكاد الذكري القاسية تفوح بها.حين تدحرجت رأس "لويس السادس عشر" علي أرض ميدان الثورة تطلعت عيناه لجزء من الثانية نحو الغرب، لم يكن هناك قوس للنصر، ولم يمهله عمره وقتا أكبر ليري أكثر من الزحام الشديد وبعضا من الوجوه الكارهة الشامتة، ثم غاب تاركا تاريخا أليما مريرا داميا، دون أن يعلم أن هناك _عبر شارع جميل ممتد _ سيقف قوس بديع مهيب يمجد جنود فرنسا المنتصرين! أغذ السير خلال الشانزليزيه، عيناي معلقتان بقوس النصر، لماذا أجبرني ميدان "الكونكورد" علي تأمل أرضه وشدَّ ناظري للأسفل؟ حتي المسلة الشامخة المدللة الحبيبة لم تستطع صرف تفكيري عما دار هنا منذ أكثر من مائتي عام.. لم أستطع رغم الجمال القابع الآن إلا أن أري بشاعة ما مضي.. الشمس تغرب خلف قوس النصر.. أرفع هامتي وأتطلع للألوان المتداخلة الممتزجة خلفه.. يراودني شعور بأن الأفق الأحمر ماهو إلا مرآة تعكس ما حدث يوما في الجهة المقابلة.. وكأن الحاضر لابد وبطريقة ما أن يحمل صورة الماضي."ميدان النجمة" الذي أنشئ احتفالا بإقامة قوس النصر وانطلقت منه خمس شوارع كبيرة، صار الآن ملتقي لاثني عشر شارعا وتحول اسمه إلي ميدان "شارل ديجول" باني الجمهورية الفرنسية الخامسة، وما زال قوس النصر يحتفظ بأسماء الجند البواسل علي جدرانه، وما زال يحمي شعلة الجندي المجهول بداخله في إجلال.. ومازال موضعا للفخر وسجلا للنصر وموئلا للعزة.بينما تحول اسم "ميدان الثورة" إلي "ميدان الكونكورد" أي الوفاق والود! لكن أحدا لم يجد له تاريخا لا في الوفاق ولا في الود.. وبقي تاريخه داميا حتي بعد أن حاولوا تجميله بمنحه اسما لطيفا أليفا! شارع واحد.. أوله دم وآخره نصر.. شرقه أليم الذكري وغربه عزيز الذكري.. ميدانان أحدهما يعبق ألما والآخر يفيض بهجة وشارع لابد من السير فيه من بدايته لنهايته لنعبر من ميدان الألم لميدان البهجة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.