× يمُر المُجتمع اليوم بالعديد من المُتغيرات التي لم تشهدها الساحة المجتمعية من قبل، نتاجاً لتعدُد المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهامة، التي شكلت انعكاسات علي المنظومة المُجتمعية كاملة، لتطرح العديد من التساؤلات حول أبعاد هذه المُتغيرات وتأثيراتها السلبية علي المجتمع، خشية من أن تكون سبيلاً للنيل من القضايا الوطنية الهامة، وابرز هذه القضايا الفقر والمرض والظُلم وهي أمور يتعين الوقوف عليها لمعرفة ما إذا كانت مُرتبطة بطبيعة الشعب أم أنها نتاج لتضارب بعض السياسات الحكومية. × فالفقر، أمرُ جدُ خطير يهدد كيان أي مُجتمع لتعارضه مع منهجياته ومع اسُسه ونُظمه، ومن هنا يتعين علي الحكومة مُحاربته بمناهج وآليات اقتصادية ذات طبيعة بناءة تهدف في المقام الأول إلي تحقيق رفاهية المواطن دون التزرع بأي عقبات داخلية أو خارجية تحول دون هذه الرفاهية، فالحكومة مسئولة لا محالة. ويأتي بعد الفقر المرض، وهو من الأمور الأكثر أهمية تُلقي ظلالها علي الحكومة بتبعاتِ جِسام، فهي تُهدد كيان وبناء المُجتمع وتحول دون النمو والارتقاء لتأتي أهمية البحث عن اسُسه وآليات مُكافحته بطريقة تُشعر المواطن بأهميته وأدميته كأنسان له قيمة في مُجتمعه وليس وباءًا يتعين القضاء عليه وكأن مرضه جريمة قد اقترفها في حق هذه الامة ليكون قضاء الله عليه عقبة في بناء المجتمع، فأضحي علي الحكومة _ولي أمر_ أن تنظر إلي الإنسان نظرةً آدمية اليه لكونه بناء المُجتمع ولا مُجتمع بلا انسان. والثالوث الأخر يتمثل في الظُلم، الذي ارتبط مدلوله بمقولة ترددت في اذهان الكثير من الشعوب ظُلمت فتظلمت ما زادت ظُلماً " فكيف لمظلوم أن يسعي الا مُعين له فلا يجد سوي مكيال اخر لزيادة ظلمه وهو امرُ يتعين الوقوف عليه وما يلزمه من اطار عام لمكافحته لكونه نتاجا للفساد الذي استشري في عروق المجتمع ليجد الانسان نفسه في حيرة من أمره ويتساءل هل تحمل تبعات الظلم ،أصبح جريمةُ أخري تقتضي عقابا بظلم اخر، أم ان ظُلمه هذا يلزمه آلية لمكافحته فالأصل هو العدلُ لان الله عدُل يحب العدل. × هذه القضايا يرتبط مدلولها ونطاقها بطبيعة العلاقة بين المواطن ودولته التي ينتمي إليها ويتحقق له الوجود من خلالها سعياً إلي تحقيق ما لديه من آمال وطموحات متمتعاً بكافة المزايا والحقوق ومتحملاً ما عليه من التزامات.هذا الشعور الحقيقي صنع نوعاً من الترابط النفسي بين المواطن والوطن ليكون رباطاً يتعذر النيل منه أو المساس به. غير أن ما أثير في الآونة الأخيرة من تعدد وتنوع للمطالب المُختلفة وبصورة مُتزامنة وبشكل غير مُنسق لم تشهده الساحة المُجتمعية من قبل، أن أسفرت عن شعور عام بأن المُجتمع يمر بفوضي غير مسبوقة، لا سيما إحساس المواطن بأن مطالبه لن تتحقق بالصورة المُرضية التي تحافظ له علي التواجد والاستقرار في مجتمعه، الأمر الذي ينعكس بدوره علي طبيعة العلاقة بينه وبين حكومته، وبالتالي التأثير عن ولائه وانتمائه. يضاف إلي هذا أن هناك أسباباً أخري تزامنت مع هذا الشعور ،أهمها غياب الثقافة السياسية لدي العديد من فئات المجتمع المختلفة ،التي أفقدتها المناهج والآليات التي تُمكنها من تحقيق المطالب التي كانت ذريعة للبعض للنيل من هذه العلاقة متخذة منها منهجاً لعملها، وذلك لاستقطاب هذه الفئات المجتمعية رغبة في تحقيق بعض مصالحها الذاتية علي حساب مصالح المجتمع، مُتجاهلين أن مصلحة الوطن هي الأولي بالاهتمام، باعتبارها منهجاً يمكن من خلاله لآي مواطن أن يمارس حياته الكريمة في وطن يرعي مصالحه، ويقدر ولاءه وانتماءه. × وباعتبار أن عدم تقدير ولاء وانتماء المُواطن له دلالاته السلبية المُتمثلة في طرح تصورات عديدة مثلت أهمها وجود شعور عام لدي المُواطن بأنه ليس من ضمن أهداف الحكومة ولا تواجد له في أجندتها العملية، ليتولد لديه الشعور بفقدان آماله وطُموحاته واستقراره، كما لو كان يسير في طريق مُظلم لا يري فيه سوي الهلاك والموت، دفعه هذا الشعور نحو السعي لأهدافه وطُموحاته المختلفة بصرف النظر عن تقييم الوسائل والآليات والمناهج التي يتبعها ليكون هدفه الاسمي مصلحته الذاتية أولا. إن الوصول وفقاً لهذا المنهج بقضية الولاء والانتماء لدرجة الارتقاء والنهوض يلزمها خطط وآليات دقيقة لتقدير العنصر البشري كعنصر آدمي، فإذا كان له حقوق فعلينا الارتقاء به كي نستطيع أن نفرض عليه التزامات، علاوة علي ضرورة رسم خطة إستراتيجية لمواجهة الاضمحلال الذي وصلت إليه هذه القضية رغبة في الارتقاء بها ووصولها إلي مرحلة نمو حقيقية تجعل من مداها منهجاً يمكن به للدولة تحقيق ما لديها من خطط وأهداف جوهرية في كافة المجالات. والتي شكل المرض والفقر والظلم اهمها. × إن الفقر موت والمرض موت والظُلم موت، فكل من يحتويه هذا الشعور وهذه الحقيقة لا تُبقي ولا تذر، فاعتبروا ايها المُعتبرين إن الله عليكم رقيب، واتقوا غضبة الشعوب التي تنال من كل اخضر ويابس. وإن كانت هذه القضايا قاسماً مُشتركاً بين المُجتمع والحكومة، لتفرض تحدياً علي كل مواطن لديه شعور بهذه المسئولية من أن يسعي جاهداً إلي دعمها، وعلي الحكومة المُستنيرة أن تتبني منهجيات مُختلفة لتفادي هذه الغضبة، فإن كان لا وطن بلا مواطن؛ فلن يكون هناك مواطن بفقرٍ ومرضٍ وظُلمٍ. ismailta.treaty.yahoo.com