مكان الحادث رسالة إلي نواب الشعب .انتفاضة غضب. داخل البرلمان سياسة .ودن من طين وأخري من عجين. التي تنتهجها الحكومة هي السبب تحقيق: مروة صالح خلفت حادثة المواطن عبده عبدالمنعم الذي أقدم علي إشعال النار في نفسه أمام مجلس الشعب صباح أمس الأول العديد من علامات الاستفهام لاسيما وأنها المرة الأولي التي يقدم فيها مواطن يدعي أنه فشل في الحصول علي رغيف خبز مدعم لمطعمه بالانتحار مستخدماً طريقة .الحرق. أبرز هذه الاستفهامات هل إقدام المواطن علي استخدام هذه الوسيلة للتخلص من حياته يعود إلي قيام مواطن تونسي باستخدام نفس الوسيلة أم أن الصدفة البحتة وراء التشابه بين الحادثين؟ ولماذا أقدم المواطن علي استخدام هذه الوسيلة لتوصيل صوته إلي المسئولين وهل معني ذلك أن الانتحار بات الوسيلة الوحيدة أمام المواطن للإعلان عن شكوته؟ كلها علامات استفهام مشروعة ولدت من رحم الحادث الذي ينذر بعواقب وخيمة إذا لم تتدارك الحكومة الأمر سريعاً من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات التي من شأنها تخفيف معاناة المواطن الذي بات في حيرة من أمره نتيجة ضيق ذات اليد. اثارت حادثة قيام مواطن بالإقدام علي التخلص من حياته عن طريق .الحرق. انتفاضة غضب داخل مجلسي الشعب والشوري لاسيما وأن اختيار المواطن لمكان الحادث ليس عشوائياً ولكنه يقصد من ورائه إيصال رسالة واضحة إلي أعضاء البرلمان مفادها ضرورة التعبير عن آلام وآمال المواطن حيث كان تحرك مجلس الشعب سريعاً وبادر الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس إلي إصدار أوامره إلي رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوي بالاستماع إلي المواطن للوقوف علي الأسباب الحقيقية التي دعته للقيام بهذا السلوك. فضلاً عن أن مجلس الشوري خصص أجزاء كبيرة من جلسة أمس الأول لمناقشة تداعيات الحادث. الغضب مشروع لكن هناك وسائل قانونية للتعبير عنه تزامن ذلك مع تحذيرات أطلقها أكثر من نائب برلماني خلال الآونة الأخيرة من زيادة الضغوط التي تقع علي عاتق الشباب نتيجة ارتفاع معدلات البطالة وزيادة الأسعار وفي مقدمة هؤلاء النائب علاء مازن عضو المجلس عن دائرة بندر سوهاج الذي تقدم بأكثر من طلب إحاطة طالب خلاله بضرورة التصدي لجميع الأزمات التي تزيد من حالة الغضب حيث أكد النائب أن هناك حالة من الاحتقان والكبت موجودة داخل الشارع منذ فترة وأن هناك أكثر من مؤشر يؤكد ذلك لكنه للأسف الشديد الحكومة لا تدرك خطورة ذلك ودائماً تصنع .ودن من طين وأخري من عجين. وهذه السياسة في منتهي الخطورة لاسيما وأن المواطن بدأ في التحرك سواء بالنزول إلي الشارع أو التعبير بالصوت العالي ولفت إلي أن ما زاد الطين بلة أن الحكومة بصدد اعتماد بعض القرارات التي تزيد من الأعباء علي كاهل المواطن وفي مقدمتها المشروع الخاص بتركيب عدادات مياه علي ماكينات الري الزراعية، وهو مشروع أقل ما يوصف به أنه كارثة لأنه معني ذلك أن كيلو الخضار سوف يصل إلي 30 جنيهاً. ورغم انتقاد النائب للطريقة التي انتهجها الشاب للتعبير عن الغضب إلا أنه أكد علي وجود عوامل كثيرة جعلت منه يختار .الحرق. لتوديع هموم الحياة في مقدمتها أن المواطن وصل إلي مرحلة الكفر بعد أن فشل في الحصول علي لقمة العيش فضلاً عن المستوي الثقافي للمواطن يحدد شكل .الطريقة. وشدد النائب علي ضرورة أن تعيد الحكومة حساباتها لأن المرحلة القادمة تتطلب إجراء عدد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية حتي يتسني تجفيف منابع الغضب التي تتصاعد داخل الشارع لأنه لم يعد هناك مجال للتسويق لاسيما وأن هناك تقريراً حكومياً صادراً عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء وهو جهاز حكومي أكد علي وجود زيادة مستمرة في حجم التضخم وأنه لا يوجد في الأفق ما يشير إلي تراجع الأسعار. وحمل النائب محمد رجب زعيم الأغلبية بمجلس الشوري الحكومة مسئولية قيام مواطن بحرق نفسه، مؤكداً أن هذا المواطن أقدم علي ذلك بعد أن أغلقت في وجهه جميع السبل من أجل تقديم شكوته وهو أمر غير مفسر من قبل الحكومة لاسيما وأن هناك طرقاً كثيرة للتفاعل بين الحكومة والمواطن وأن من غير المقبول أن تبقي الحكومة في جزر منعزلة وبعيدة عن آلام وهموم المواطن مشدداً علي ضرورة وضع استراتيجية سريعة المفعول تهدف إلي امتصاص غضب المواطن نتيجة زيادة الأسعار وارتفاع معدلات البطالة بصور غير مسبوقة وذلك من خلال تبني عدد من المشروعات التي تهدف إلي تحسين مستوي الدخول للمواطن لتتناسب مع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية. ومثلما وجه زعيم الأغلبية انتقادات للحكومة فإنه أيضاً وجه انتقادات لاذعة لبعض الشباب الذين يرون في الانتحار الوسيلة الوحيدة للتعبير عن غضبهم، مؤكداً أن إقدام الإنسان علي الانتحار أمر مجرم من جميع الأديان السماوية. وأن حياة الإنسان ليس من السهل التضحية بها بسهولة مؤكداً أن القانون كفل للمواطن طرقاً كثيرة ومؤثرة للتعبير عن غضبه مثل التجمهر أو التظاهر أو الإضراب. وكلها وسائل مشروعة وتعيد الحقوق لأصحابها وأنه ليس من المقبول فاللجوء لوسائل أخري تؤدي في النهاية إلي الموت لافتا إلي أن قيام بعض المواطنين في الدول الأخري بالانتحار لعدم قدرتهم علي الحصول علي حقوقهم يرجع لغياب الآليات القانونية للتعبير عن غضبهم عكس الحال بالنسبة لمصر فإنه لا يمر أسبوع وإلا ونجد آلافاً في الشوارع للمطالبة بحق من حقوقهم.