اربعة عشر شهرا هي عمر الحكومة اللبنانية الاولي"لحكومة الوحدة الوطنية" برئاسة سعد الحريري الذي كان قد اكد أن نجاح حكومته "فرصة لتجديد الثقة بالدولة" وأن فشلها يعني الفشل في تحقيق الوفاق بين اللبنانيين . وطوال هذه الشهور تعرضت الحكومة للعديد من العقبات استطاعت ان تتغلب عليها الا ان السقوط المفاجئ لحكومته فتح الباب امام عودة الخلافات والمشكلات بين اللبنانيين من جديد. ولعل المفاجأة في سقوط هذه الحكومة جاء عندما كان الحريري يهمّ بدخول قاعة اجتماعه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض في واشنطن علي امل أن يخرج منها بالمزيد من الدعم الذي يعطي حكومته دفعاً جديداً إذ به يتلقّي الضربة القاضية من جانب المعارضة والمفاجأة الصاعقة التي حولته في لحظة حاسمة من رئيس لهذه الحكومة الي رئيس سابق للحكومة بعدما أضاع "مجداً" لم يتمكن من المحافظة عليه وفق موجبات الدستور اللبناني ومقتضيات اللعبة البرلمانية عبر امعانه في رفض الاستجابة لطرح المعارضة بوجوب عقد جلسة لمجلس الوزراء خاصة بملف الشهود الزور اما بالتوافق وإلا فبالتصويت كما ينص الدستور. هذا السقوط في حجمه وتوقيته شكّل مفاجأة صاعقة للحريري وفريق الرابع عشر من آذار والقوي الخارجية الداعمة وتمثّلت المفاجأة هذه بردود فعل داخلية وخارجية واسعة كشفت عن إصرار أمريكي خصوصاً وفرنسي علي دعم التوجه الذي دأب عليه الحريري في مسألة المحكمة الدولية فيما عزت أطراف أخري في الداخل والخارج سقوط الحكومة الي عدم التجاوب الكافي من جانب الحريري وفريقه مع المساعي السعودية السورية الذي أدي الي وأد هذا المسعي العربي وكذلك الي عدم التجاوب مع الفرصة الأخيرة التي قدمتها له المعارضة عبر إبلاغها رئيس الجمهورية ميشال سليمان بطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الوزراء لبت ملف الشهود الزور، وهو ما ردّ عليه رئيس الحكومة السابق بأنه لا يدعو الي ذلك ولا يوافق علي جدول أعمال وهو خارج لبنان من دون ان يحدّد موعد عودته. ولم تعقد حكومة الحريري خلال الشهرين الماضيين الا اجتماعين تعثرا نتيجة قضية "الشهود الزور" المرتبطة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.ويبدأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان غدا استشارات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة وسط مؤشرات علي صعوبات قد تعترض المرحلة المقبلة في ظل استمرار الانقسام الحاد علي خلفية المحكمة الدولية. ويعد الحريري هو الشخصية السنية الأكثر شعبية لكن لا يعلم ما إذا كانت ستتم تسميته مجددا في ضوء هشاشة التحالفات داخل البرلمان. ويبدو ان تركيا قررت ان تتدخل كلاعب اساسي في حل المشكلة اللبنانية بعد ان طلب الحريري خلال زيارته الاخيرة تدخلها وأعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان بلاده تقترح استضافة مؤتمر يضم 7 دول لم تحدد اسمها بعد ويضم مختلف الاحزاب والاطراف اللبنانية لبحث الخروج من الازمة السياسية الراهنة دون حدوث تداعيات تؤثر علي لبنان وعلي الوضع في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام.وطلب اردوغان وداود اوغلو من الحريري نقل المقترح إلي مختلف الاحزاب اللبنانية حتي يتسني عقد المؤتمر في تركيا في اقرب وقت ممكن كما اكدا له ضرروة الاستمرار في الحوار مع حزب الله بعد استقالة وزرائه والوزراء الموالين له من الحكومة.ويبدو ان كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي خرج في صيف 2009 من قوي 14 آذار الي موقع وسطي سيكون لاعباً اساسياً في تشكيل الحكومة القادمة اذ انه يمتلك 11 مقعدا في البرلمان ولا يعرف اين ستصب اصوات نوابها ما يجعلها رمانة الميزان في تحديد اسم رئيس الحكومة المقبل. [email protected]