انتهت انتخابات مجلس الشعب، والتي يمكن وصفها بأنها الانتخابات الأحادية الجانب، بعد أن انحصرت المنافسة بين أعضاء الحزب الوطني، ممن رشحهم الحزب رسميا أو الاحتياطيين، وذلك بعد أن انسحبت المعارضة من التنافس تقريبا، باستثناء حزب التجمع، والذي قرر الاستمرار في جولة الإعادة، رغم إن رئيسه الدكتور رفعت السعيد وصف هذه الانتخابات بأنها الأسوأ في تاريخ مصر، ولم ينسحب حزبه، بعد انسحاب الوفد والإخوان، وأصبح الحزب الوطني يمثل الأغلبية العظمي في البرلمان، وبنسبة 99% تقريبا، وأصبح أبرز رموز المعارضة في الجولة الأولي من الانتخابات الدكتور محمد عبدالعال رئيس حزب العدالة، ورجب هلال حميدة نائب رئيس حزب الغد، فرع مصطفي موسي، وبالتالي يكون أعضاء المعارضة في مجلس الشعب في الدورة الجديدة حوالي خمسة أعضاء في عين الحاسدين، يمثلون 1% من البرلمان وهي نسبة مريحة، تضمن وجود برلمان هادئ ومتفاهم ومتجانس ومتوافق ومتحاب، لأن أعضاءه من حزب واحد، ويعتنقون أفكارا واحدة، وهدفهم واحد، ويستطيع هؤلاء في هدوء تمرير الكثير من القوانين ومدح الحكومة ليل نهار، بل ويقفون وقفة رجل واحد ضد أعداء النظام ممن ينتقدونها، أو حتي يلسنون عليها، بل إن تلك الأغلبية العظمي ستتمكن من خلال احتفالية برلمانية كبري من ترشيح رئيس الجمهورية في 2011 بل ومبايعته وتزكيته بهدوء وسكينة بعد التخلص من ضجيج وصداع المعارضة، بل إن معركة نواب الوطني الكبري داخل مجلس الشعب ستكون إسكات وقمع ومحاربة النواب الدخلاء من المعارضين والمستقلين الذين لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، والذين نجحوا في حصد الأصوات التي مكنتهم من الفوز بمقاعد هزيلة في مجلس الشعب رغم النظام الحديدي الذي وضعه الحزب الحاكم من أجل التهام الكعكة البرلمانية بأكملها، وإعطاء بعض بقايا تلك الكعكة للمعارضين الأصدقاء المستأنسين، كي يصبح برلمان 2010 نموذجا للبرلمان المتناغم المتفاهم والذي يقاد بنظرة واحدة من زعيم الأغلبية، ويفتح النار علي النواب الدخلاء أعداء الوطن بهزة يد من زعيم التنظيم في الحزب. وآلمني جدا وأحبطني ما نقله معظم المراسلين الأجانب من أخبار وتقارير عن الانتخابات الحالية، ونشرت في بعض الصحف العالمية، فهناك مراسل أكد أن سحر الانتخابات المصرية أخفي المعارضة، وآخر أكد أن ما شهده كان مسرحية إخراجها سيئ جدا. لقد خسرت مصر تلك المعركة الديمقراطية رغم الفوز الساحق الماحق للحزب الوطني الحاكم، لأن الانتخابات كانت بين الدولة والمعارضة خاصة جماعة الإخوان المسلمين، ولم تكن بين أحزاب مشروعة وفيهم جماعة محظورة أخفقنا جميعا في هذ الامتحان السياسي لأننا كعادتنا وقفنا متفرجين وأحجمنا عن المشاركة، ولم تتعد نسبة الحضور في الانتخابات عن 25% ممن لديهم الحق في التصويت. وخسرت منظمات المجتمع المدني في معركة الانتخابات لانها لم تناضل من أجل وجود إشراف قضائي حتي ولو كان هناك قاض في كل لجنة، بدلا من ترك العملية الانتخابية سداح مداح، بل إن بعض تلك الجميعات كانت تسعي فقط لمراقبة الانتخابات ظاهريا طمعا في التمويل الأجنبي. أخشي أن تكون نتيجة الانتخابات الحالية، والتي سيطر فيها الحزب الوطني علي الغالبية العظمي من مقاعد البرلمان، هي فتور الانتماء لدي المصريين، والانسحاب أكثر من الحياة السياسية وزيادة شعبية حزب الأغلبية الصامتة. Elbasser2.yahoo.com