ليس غريبا أن تبدو بعض المسلسلات وكانها بنك عصري ، او بورصة كبيرة ،يقيم فيها رجال ونساء الاعمال . فأغلب الابطال والبطلات يتحدثون ويتحدثن عن صفقات بالمليارات ،في اطار من قصص التجارة والشطارة مع خلطة درامية تمتزج فيها القروض ،بالقصص العاطفية الملتهبة ،وحالات المراهقة المتاخرة ،حيث القصور والنوادي ،والملاهي , والمولات ،وسياحة البوادي .ولابد دائما لرجل الاعمال من زوجة ثانية ،وفي اغلب الحالات فهي السكرتيرة اللعوب ،او هي تلك الموظفة الجديدة التي سيتم قريبا ( تلعيبها ) ! او هي المرأة اللعوب التي يقابلها صدفة فتقوم ( بتلعيبه ) حتي تكتشف الزوجة مايتم في الخفاء . وعادة مايكون هذا الخفاء شاليه في العين السخنة ،او شقة مفروشة في المهندسين . واذا ظهر الفقراء فهم طيبون لكن متسلقين وأشرار كما انهم راضون عن حياتهم وهم مقتنعون تماما بان ( أحلي من الشرف مفيش ) ،ولاحظ انهم في اغلب الأحوال يرتكبون كل المعاصي التي قد تخطر لك علي البال . واذا استدعي الامر فانهم سرعان ماينقضون علي هذا الشرف لتمزيقه بكل الطرق الممكنة . باعتبار ان الحقد والغل يأكل دواخلهم المريضة . وفي اغلب المسلسلات العربية توجد قضايا ساخنة ،لكنها قضايا شخصية تماما . وما يبدو مشكلة عامة سرعان ما يتحول إلي مأساة ذاتية ميلودرامية ،تحدث لتلك الشخصية وحدها . وفي النهاية يمكن حل المشكلة عن طريق نهايات غير متوقعة. لكنها يجب ان تسعد الابطال والمنتج والمشاهد . لذلك من النادر آن تهتم الدراميات التليفزيونية العربية بالسياق العام الذي تدور فيه الاحداث فالعالم الذي نراه عالم مغلق علي الشخصيات . هذه الشخصيات المنعزلة تتحرك في زمان غير معروف ، ومن الصعب ان تتعرف فيه علي اي دلائل تشير الي زمن الاحداث ،ولاتعرف عما اذا كانت تلك الاحداث تدور في الصباح ام في المساء ؟! في الصيف ام في الشتاء ؟! . وهي مفصولة عن تيار الحياة ،وهي دائما كثيرة الشكوي ،ولا يعرف أحد علي وجه التحديد لماذا تشكو ؟ وماهي سبل العلاج؟ وهل لشكواها صلة بما يجري في الواقع الحقيقي آم لا ؟ . ومهما كانت الأحزان والدموع ،فهناك دائما النهايات السعيدة ،والصورة الأخيرة التي تجمع كل أبطال الحكاية وهم يضحكون . وليس غريبا ان تظهر النجمات في هذه الأعمال المسلسلة ،وقد تجاوزن منتصف العمر بكثير ،وهن يلعبن أدوارا تجسد فتيات صغيرات ، وهنا يتدخل ( النيولوك ) بكل ما أوتي من قوة وجبروت ليعيد صناعة وصياغة الوجوه والأشكال ،احيانا بالشد واحيانا اخري بالنفخ , او بالشفط . وتجسد هذه الأعمال نموذج البطلة آلتي تقف في مركز الدائرة العاطفية لتجتذب طابورا طويلا من الرجال,هذا النموذج قادر دائما علي توفير لحظات من الإثارة من خلال طريقة الحديث , ومن خلال الملابس الساخنة . وحتي إذا لعب هذا النموذج دور المرأة الناضجة ،فأنها لابد آن تكون ثرية . او فقيرة ومعدمة وفي طريقها للثراء , ولن تكون امرأة للأحلام، وانما حركتها ستكون في مساحة خالية من الحب الحقيقي ، بعيدة عن الإخلاص للزوج والوطن . وبالنسبة للرجل البطل فانه دائما ذلك العجوز الأنيق الذي يعاني دائما من المراهقة العاطفية ، وهو يجمع بين مايفترض انه الرومانسية ، وبين كونه العربس الجاهز الذي تنتظرة الفتاة الشابة بعد طول عذاب ، وبعد فترة طويلة من انتظار الحبيب الصغير الذي لايعطي سوي الكلمات !! . الفن أداة لصناعة وصياغة الوجدان ،والأمل مازال معقودا علي وجود مسلسلات تستطيع آن تخترق االاسوار العالية التي تفرضها قيود الرقابة ،وقيود القوالب التي انتهي عمرها الافتراضي منذ عقود طويلة . نعم اغلب المسلسلات تحتاج إلي (نيولوك ) يعيد إليها بعض الضياء imadnouwairy*hotmail.com