التعايش مع النفس يحتاج لفك الشفرة! كثير منا لا يريد أن يتعب روحه ليحدد الأسباب والعلل فيما صارت إليه أوضاعه البائسة، لايريد أن يسأل نفسه كيف يعيش ويخطط لمستقبله، وهل من عمل يمكن أن يقوم به كي ما يكون عنده أفضل؟!. هو يهرب من همومه كل صباح مثلاً.. نحو قراءة حظه في الأبراج ليحدد ومن توقعاتها مسيرة نهاره.. يسعي لمن يقرأ له فنجان القهوة ليكشف له أي مصير ينتظره في يومه؟! يبني آماله علي إجابة البندول عسي أن يبتسم له الحظ وتنقلب حياته رأساً علي عقب.. ويريح نفسه ويفسر كل انتكاسة يتعرض لها أو فشل بأنه مشيئة القدر.. يقنع نفسه بأن المكتوب ليس منه هروب.. لماذا لا نفكر ونساعد عقولنا ونغذي أرواحنا بقيم الحوار والتفاعل الفكري مع الآخر.. ونحن لا يريحنا أبداً أن نذهب إلي ما قاله الإمام الغزالي منذ قرون بأن أفضل الإيمان هو إيمان العقل. يتحدد جزء كبير من هوية الفرد من خلال علاقته مع الآخر وموقع هذا الآخر منه هل هو خلفه أو بجواره أو مقابله؟!. وإذا نظرنا إلي الآخر علي أنه الزمن.. فكل منا قد عاش في الماضي وهو الآن خلفه والحاضر وهو جواره والمستقبل وهو مقابله. علاقته بالماضي هي الخبرة والعلم الذي اكتسبه في السنوات السابقة فقد كان من خلفه والداه وكانا دائماً سنداً له في حياته حتي تمكن أن ينمو ويتعلم ويعتمد علي نفسه.. قدموا له كل سبل الحياة المادية والمعنوية ليحقق ذاته ويمارس الحياة ويستقل بذاته.. والآن بجواره من يناقشه أو يساعده علي استكمال أحلامه وآماله وعليه أن يستفيد مما اكتسبه من ماضيه علي أن يستثمر كل تجاربه وخبراته التي اكتسبها من ماضيه ليكون دافعاً له في حاضره ودائماً له في مستقبله.. علي الإنسان دائماً أن يستفيد من أحداث الماضي لحاضره وما يحلم به لمستقبله. أن يبني المرء أمانيه بجذوره وقيمه وتراثه من غير أن يجعل الآخرين يتقوقعون داخل انتماءاته الضيقة. وقد يعتبر البعض أن من هو خلفه متقهقر منتقص ومن هو بجواره يكمله ومن هو مقابله ما دام هو مختلف لا يشبهه. علي المرء أن يخطط لنفسه مستقبلاً بكل ما مضي به من عمره ويستفيد من كل أحداثه ويعمل علي تدريبها علي معالجة أمور الحياة بصورة أفضل. عليه أن يفك شفرة نفسه والتعايش معها وإدارتها من خلال إدارة الماضي والحاضر والمستقبل والحقيقة أن وراء كل نجاح شخصي أو فشل، وراء كل إحساس السعادة والصحة، أو الشقاء والاضطراب يوجد بناء وخط من التصورات والمعتقدات تبناها الإنسان عن الحياة وما يواجهه من مواقف وخبرات فيها كل الفرق أن المعتقدات ووجهات النظر التي يتبناها السعداء والناجحون في الحياة تدعوهم للنشاط والإنجاز والتفاؤل والصحة، أما تلك التي تسبب الاضطراب والفشل فهي عادة تمثل وجهات نظر يجيء بعضها في شكل تصورات أو أساليب خاطئة من التفكير يتبناها الشخص عن نفسه وعن الآخرين فتسبب له التعاسة والهزيمة الذاتية وأشكالاً من الفشل.