حديث الثلاثاء إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين المحظور نشاطها قانونياً قد أعلنت علي لسان مرشدها أنها ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، إلا أن السؤال الذي أثير عقب هذا الإعلان عن المشاركة والمتمثل في هل يستطيع الإخوان أن يحققوا ما حققوه في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 بحصولهم علي 88 مقعداً? برغم صعوبة التنبؤ أو التوقع بنتيجة الانتخابات المقبلة للإخوان نظراً للضجيج الحادث في الوسط السياسي حول قوة وفاعلية هذه الجماعة وما يطرحه البعض بأن هناك خططاً سرية ومناورات جديدة قامت بإعدادها (المحظورة) لتحقق مفاجآت انتخابية وتسجل انجازاً غير متوقع. إلا أنني سوف أقدم رؤية من واقع قراءة متأنية لملف (الجماعة) خلال الخمس سنوات الماضية أي منذ انتخابات 2005.. فالمتتبع لمسار وحركة الإخوان خلال هذه المدة يستطيع أن يخرج بعدد من المؤشرات أو النتائج التي تقودنا إلي النتيجة المتوقعة لمرشحيها.. سوف أذكر عدداً منها. أن الجماعة أصابتها حالة من نشوة الفوز بهذا العدد الكبير من مقاعد مجلس الشعب ولم تقم بتحليل موضوعي للأسباب التي أدت إلي هذه النتيجة حيث اعتبروا ذلك دليلاً واضحاً علي قوة وجودها في المجتمع.. إلا أن الواقع يقول إن أكثر من 90% من الذين صوتوا للجماعة ليسوا (إخوان) بل مواطنون عاديون لا ينتمون لأي تيار سياسي بعينه ويندرجون تحت الفئة التي يطلق عليها (الصامتة) والتي يمكن جذبها عبر التواصل معها وهذا ما فعله الإخوان، حيث نجحوا في أن يخترقوا هذه الفئة في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة ليصوتوا معهم في الانتخابات. وإذ كان عدد الإخوان غير معروف ولا توجد إحصائية بذلك إلا أن المحللين السياسيين ومن خلال مؤشرات عديدة يقدرونهم بما يقرب من 500 ألف وهذا ينفي ما يروجه البعض بأنهم أكبر قوة سياسية في مصر وأنها قادرة علي التأثير والتغيير. كان لفوز (الجماعة) بهذا العدد من المقاعد في مجلس الشعب أثر نفسي كبير علي قيادتها جعلها تشعر بأنها قوة شعبية مؤثرة فانعكس ذلك علي سياساتها وتصرفاتها وكان هذا واضحاً في تصريحات مرشدها السابق محمد مهدي عاكف حينما وصل إلي (شتيمة) المصريين وتمادي إلي درجة التهديد بضرب (الجزمة). كما أن هذا الزهو الكاذب بالقوة دفعهم إلي تنظيم عرض عسكري بجامعة الأزهر والذي عرف بميليشيات الأزهر والذي تم علي طريقة حركة حماس الفلسطينية. كان لهذه التطورات سواء تصريحات (عاكف) والميلشيات.. أثر كبير في نفوس المصريين والذين استشعروا الخوف من أن (الإخوان) يسعون إلي حكم البلاد بالعنف والإرهاب وهو ما كان بمثابة عملية (إفاقة) للكثير من المواطنين من مخاطر الجماعة. إلا أنه علي الجانب الآخر كان الحزب الوطني أكثر فهماً لنتائج انتخابات عام 2005 واستطاع خلال الخمس سنوات الماضية أن يعيد تنظيم هياكله وكوادره ويستعد جيداً للانتخابات البرلمانية المقبلة (2010) وأن يفتح أبواب التواصل مع (الفئة الصامتة) وأن يكشف سياسات ومخططات الإخوان للرأي العام. وهناك مؤشر آخر علي أن المياه الجديدة التي جرت في نهر الشارع السياسي ليست في صالح الإخوان.. علاقة الجماعة بالقوي السياسية وبالنخبة حيث وصلت إلي أدني مستوياتها.. وأعتقد أن شهر العسل بينهما قد انتهي لأسباب عديدة منها ما يتعلق بما طرحه الإخوان من برنامج حزبي في فبراير 2007 والذي اتسم بالغموض المتعمد في العديد من القضايا السياسية خصوصاً المتعلقة بالإشكالات الدينية والسياسية.. كما أن الأحزاب تفهمت تماماً مناورات الجماعة في الملعب السياسي والتي تلعب لصالحها فقط. ومن الوقائع المهمة أيضاً التي تقودنا إلي نتائج الانتخابات البرلمانية والتي لن تكون في صالح الإخوان.. موقفهم المؤيد لحزب الله في ضرب غزة والذي هاجم مصر بعنف وما أعقبه من ضبط خلية للحزب في مصر تستهدف القيام بعمليات إرهابية ضد المواطنين الآمنين. إنني أري أن هذه المؤشرات تؤكد أن (الجماعة) لن تحقق نجاحات في انتخابات مجلس الشعب المقبلة كما حدث في برلمان 2005 كما يتوقع أعضاؤها وأنصارها بل ستكون النتيجة حصولهم علي مقاعد في البرلمان محدودة للغاية.